الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضغوط التضخمية بين الديون الخارجية والصادرات

احمد البهائي

2017 / 4 / 4
الادارة و الاقتصاد


الضغوط التضخمية بين الديون الخارجية والصادرات
أعلن البنك المركزي المصري فى أخر تقرير حديث صادر عنه ، أن إجمالى الديون الخارجية المستحقة على مصر بلغت 67,3 مليار دولار ، فى نهاية ديسمبر الماضى، مقارنة بنحو 48 مليار دولار، فى نهاية شهر ديسمبر 2015 بارتفاع قدره 19 مليار دولار، وبإضافة ما باعته مصر من سندات دولارية بقيمة 4 مليار دولار في يناير من العام الحالى ، يصل اجمالي الدين الخارجي الان الى 71,3 ، ومن المتوقع أن تصل ديونها الخارجية في يونيو المقبل إلى حدود 80 مليار دولار، في زيادة بنحو 43% خلال عام واحد، وأن الدين القصير المستحق على مصر وواجب السداد قبل نهاية ديسمبر 2017، يبلغ 11.9 مليار دولار من إجمالى الديون الخارجية .
إذأ تعالوا معا سويا نتناول موضوع المديونية الخارجية من جانبها الاخر ، وليس كما هو معتاد تناولها والتي قتلت بحثا وتحليلا وامتلأت بها بطون الصحف والمواقع وبرامج التلفاز .
يؤدي ارتفاع معدلات التضخم السنوية في الاقتصاد المصري إلى التأثير سلباً على ميزان المـدفوعات، حيـث يؤدي التضخم إلى ارتفاع أسعار السلع المنتجة محليا، الأمر الذي يقلل من القدرة التنافسية للمنتجات المحليـة فـي الأسواق الدولية، مما يؤدي إلى انخفاض في حجم صادراتها، ليس هذا فحسب بل إن زيادة أسعار السلع المنتجـة محليا نتيجة التضخم، يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع المستوردة وذلك لانخفاض أسعارها مقارنة بأسعار الـسلع المماثلة لها المنتجة محلياً، بحيث ينجم عن الزيادة في حجم الواردات مع انخفاض حجم الصادرات إلى تحقيـق عجز في الميزان التجاري، يؤدي بدوره إلى تفاقم العجز في ميزان المدفوعات. ويزداد تاثر ميزان المدفوعات عند قيام الحكومة بوضع عدد من الإجراءات التي تحاول منع تسرب المزيد من القوة الشرائية وذلك من خلال وضـع ضوابط تحد من الزيادة على الاستيراد والذي يؤدي بدورة إلى تفاقم الضغوط التـضخمية، وحـدوث ارتفاعـات متوالية في مستويات أسعار السلع المحلية، في ظل محدودية الكميات المعروضة منه .

ويوصف الاقتصاد القومي لاي دولة بأنه اقتصاد متوازن، وذلك من خلال مساهمة الناتج المحلي الإجمـالي بالنـصيب الأكبر في حجم الإنفاق القومي (الاستهلاكي والاستثماري )،مما يعكس انخفاض الاعتماد على مصادر التمويل الخارجية في إجمالي الإنفاق القومي ، فالقروض الخارجية تعتبر كمـصدر هـام لتوفير الموارد المالية التي تستلزمها عملية التنمية في البلدان النامية ومنها مصر ، إلا أن الإفراط في الاعتماد على القروض الخارجيـة لتمويـل مشروعات التنمية، يعرضها لصعوبات مالية واقتصادية خاصة في ظل الاستخدام السيئ لتلك الموارد، أو أن تكون شروط الاقتراض في غير صالح البلدان النامية مثل الارتفاع في أسعار الفائدة وقصر فترة السداد مما يؤثر سـلباً على اقتصاديات تلك البلدان وخاصة مصر، خاصة في حالة ارتفاع التزاماتها من القروض المصرفية والتسهيلات التجارية والتي تتسم بارتفاع معدلات الفائدة عليها وقصر فترة استحقاقها ، فالزيادة في حجم المديونية الخارجية يساهم في زيادة الضغوط التضخمية ، وبالتالي تزايد أعباء خدمة الديون المستحقة ممثلة في فوائد القروض المستحقة وأقساط القروض واجبة السداد، مما يساهم في اقتطاع جزء كبير من إجمالي النـاتج المحلـي للوفـاء بالتزامـات المديونية الخارجية، وبالتالي انخفاض قدرة الاقتصاد الوطني على تمويل الواردات، مما يـساهم فـي حـدوث انخفاض في حجم العرض الكلي من السلع والخدمات مع تزايد حجم الطلب الكلي، الأمر الـذي يـدفع بالأسـعار المحلية نحو الارتفاع ، والتخطـيط غيـر السليم للاحتياجات الفعلية من الموارد المالية تؤدي الزيادة في حجم القروض عن الحجم الأمثل للاحتياجـات إلـى زيـادة القروض الخارجية بصورة تفوق مقدرة الاقتصاد الوطني على استيعاب تدفقات القروض، مما يؤدي إلى سوء استخدامها وتوظيفها لتمويل مشروعات منخفضة الإنتاجية أو استخدامها لتمويل الإنفاق الاستهلاكي على حساب الانفاق الاستثماري مما يجعل الاقتصاد الوطني عرضة لمشاكل مالية واقتـصادية نتيجة انخفاض عوائد المشروعات الممولة بالقروض الخارجية وعجزها عن الوفاء بالالتزامات الناشئة عـن تلـك القروض .

الى جانب التخطـيط غيـر السليم للاحتياجات الفعلية من الموارد المالية ، فمصر تعاني من محدودية في مواردها الماليـة التـي تـستلزمها عمليـة التنميـة الاقتـصادية والاجتماعية، وتعد محدودية تلك الموارد من أكثر الأسباب التي تساهم في تفاقم مديونيتها الخارجية ، وعادة ما تلجأ مصر إلى القروض الخارجية لسد الفجوة في مواردها المحلية والتي تنشأ نتيجة الزيادة في قيمـة الاستثمارات التي تنفذها الحكومات والتي تتطلبها عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن قيمة المدخرات المحلية التي تتسم بعجزها عن تمويل مشروعات التنمية

يعتبر مؤشر نسبة رصيد المديونية الخارجية إلى الصادرات من المؤشرات الهامة في قياس اتأثير المديونية الخارجية على الاقتصاد الوطني ومدى مساهمته في تغذية الضغوط التضخمية ، وفي معرفة حجم الفجوة التضخمية ، فحصيلة الصادرات تمثل المصدر الرئيسي لتمويل الواردات وسداد أقساط القروض وفوائدها،حيث توصف مديونية البلد بأنها معتدلة إذا كانت نسبة رصيد المديونيـة الخارجيـة إلـى إجمالي الصادرات أقل من 200%في حين توصف مديونية البلد بأنها مرتفعة إذا كان رصيد مديونيته الخارجية تشكل ما بين 200 -%350%من إجمالي الصادرات، غير أن ارتفاع رصيد المديونية الخارجيـة عـن 350 %يصف مديونية البلد بأنها متفاقمة
في حالة اتمام اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي والمتبقية ب 10ملياردولار،بالاضافة الى برنامج طرح السندات الدولية المقدر ب 8 مليار دولار،يجب ان يكون حجم الصادرات يفوق 42 مليار دولار حتى توصف المديونية الخارجية بأنها معتدلة ، فارتفاع رصيد المديونية الخارجية وتزايد أعباء خدمته(فوائد وأقساط القروض) يعتبر عنصر هام في زيادة الضغوط التضخمية في مصر،مما يساهم في اقتطاع جزء كبير من إجمالي النـاتج المحلـي للوفـاء بالتزامـات المديونية الخارجية، وبالتالي انخفاض قدرة الاقتصاد الوطني على تمويل الواردات، مما يـساهم فـي حـدوث انخفاض في حجم العرض الكلي من السلع والخدمات مع تزايد حجم الطلب الكلي، الأمر الـذي يـدفع بالأسـعار المحلية نحو الارتفاع .
وبحسبة بسيطة يمكن توصيف مديونية مصر وفي أي خانة تكون ،فبقسمة ديون مصر الخارجية حسب البيان الاخير للبنك المركزي المصري التي تقدر الان ب 67,3 مليار دولار على الصادرات المصرية والمقدرة 22 مليار دولار مضروب في 100 تكون المحصلة تساوي 305% أي توصف مديونية مصر بأنها مرتفعة .

ديون مصر الخارجية 67,3 مليار دولار
---------------------------------------- * 100 = 305 % ( ديون مرتفعة )
الصادرات المصرية 22 مليار دولار

من المعروف ان الارتفاعات المتوالية في مستويات الأسعار المحلية يؤدي إلى إضعاف القدرة التنافسية للصادرات المحلية فـي الاسوق الدولية، وذلك لارتفاع تكاليف إنتاجها بفعل تأثير التضخم، ونتيجة لاعتماد الاقتصاد المصري علـى اسـتيراد جزء كبير من مدخلات الإنتاج من الخارج، يؤدي إلى ارتفاع أسعار بيعها، وإضعاف قدرتها التنافسية ، ففي ظل انخفاض الطلب العالمي على السلع المصرية، وعدم تمتـع الـصادرات المصرية بصفة الطلبية المفضلة في الاسوق الدولية. يجعل من الصعوبة تحويل الزيادة في تكاليف إنتاجها علـى عـاتق المستهلك الدولي، الأمر الذي يفقدها جانباً من قدرتها التنافسية في مقابل نظيراتها من السلع المشابهة في الاسوق الدولية، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الحافز لدى مصدري تلك السلع، لانخفاض العوائد التي تحققها تلـك الصادرات في ظل ارتفاع تكاليف إنتاجها.
من المعروف أن إتباع سياسة تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية يهدف إلى تنمية الصادرات وتخفيض حجم الواردات وإعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات، وزيادة الاحتياطيات النقدية ، ويتوقف نجاح سياسة تخفـيض قيمـة العملة في تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات على درجة مرونة الطلب الخارجي على الصادرات المحلية، وزيادة معدلات الطلب المحلي على السلع المنتجة محلياً، حيث أن ارتفاع درجة مرونـة الطلـب الخـارجي علـى المنتجات الوطنية نتيجة انخفاض أسعارها مقارنة بالسلع المنافسة في السوق الدولية يساعد على زيادة الـصادرات وبالتالي زيادة الحصيلة من النقد الأجنبي ،غير ان انخفاض مرونة الطلب الخارجي على المنتجات الوطنية تعكس عدم فعالية سياسة تخفيض قيمة العملـة الوطنية، وذلك لانخفاض قدرتها التنافسية في السوق الدولية على الرغم من انخفاض أسعارها والذي يؤدي بـدوره إلى تفاقم الضغوط التضخمية في الاقتصاد ، ولكن هناك شئ مهم يتجاهله الكثيرون في مصر هو ان التحسن الذي قـد يحـدث فـي موازين المدفوعات عقب تخفيض الدولة القيمة الخارجية لعملتها الوطنية قد لا يكون راجعـا إلـى سياسـة التخفيض ذاتها، بل لعدد من العوامل التي يشترط تواجدها وتسبق عملية التخفيض وتؤدي إلى تحقيق التحـسن وهذا ما تفتقده مصر وهى : * أن العجز المؤقت في الميزان التجاري نتيجة الانخفاض في صادرت من المواد الأوليـة يكون بـسبب ظروف عرضية ومؤقتة . * أن لا تتسم الصادرات بمحـدوديتها، وتركزهـا على عدد محدود من السلع والمنتجات ، * ان لا تكون زيادة حجم صادرات المشروعات الاستثمارية نتيجة توقع المستثمرين حدوث تخفيض في القيمـة الخارجيـة للعملة الوطنية، وبالتالي رغبتهم في الحصول على أكبر قدر من الأرباح التي تحققها صادراتهم . * أن الزيادة في الطلب الخارجي على الصادرات المصرية يكون لأسباب لا ترتبط بتخفيض قيمة العملـة في المقام الاول ، بل اساسها حدوث تحسن في الفن الإنتاجي في الصناعات المصرية . * تمتع الصناعة المحلية بدرجه كافية من المرونة، بحيث تتمكن مؤسسات الإنتاج المحلي مـن تحقيق زيادة في حجم إنتاجها لتلبية متطلبات الاستهلاك المحلي والوفاء بالطلـب الخـارجي المتزايـد علـى الصادرات المحلية بمعنى ألا يكون التصدير للخارج على حساب الاستهلاك المحلي . * ثبات أسعار بيع السلع المنتجة محليا في السوق المحلية، وفي حالة ارتفاع الأسعار في الـسوق المحليـة فإن ذلك الارتفاع يجب أن يكون أقل من نسبة التخفيض في قيمة العملة الوطنية، حيث أن ارتفاع أسعار بيـع المنتجات في السوق المحلية بنسبة أكبر من نسبة التخفيض يلغي الأثر الناجم عن تخفيض القيمة الخارجية فـي زيادة حجم الصادرات . * ثبات تكاليف الإنتاج، حيث يؤدي ارتفاع تكاليف الإنتاج ممثلة في تكاليف المواد الخـام أو أجـور العمالـة أو غيرها من نفقات الإنتاج إلى ارتفاع أسعار بيع المنتجات المحلية، وفي ظل رغبة المنتجـون المحافظـة علـى مستوى أرباحهم، هذا يقلل من القدرة التنافسية للصادرات الوطنية في السوق الدولية . * عدم قيام الصناعات المنافسة في الدول الأخرى باتخاذ إجراءات مضادة لمواجهـة سياسـة تخفـيض القيمـة الخارجية للعملة المصرية. كما يتطلب نجاح سياسة التخفيض عدم قيام الحكومات في البلدان المـستوردة برفـع أسعار التعريفة الجمركية على الصادرات الوطنية، لأن ذلك يؤدي إلى فقدان الصادرات المحلية للميزة التنافسية الناجمة عن سياسة تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر العربية: احتراق أكبر بئر لإنتاج النفط في حقل زرقة شرقي


.. نشرة الرابعة | -النقد الدولي-: هجمات الحوثيين تسببت في انخفا




.. المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض: ما الإنجازات التي حققته


.. انخفاض طفيف في عيار 21.. سعر الذهب اليوم الإثنين 06 مايو 202




.. صباح العربية | حمام الذهب في تونس.. أسرار غامضة وحكايات مرعب