الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أختي أميرة والمرتدة مريم!

عمرو المصري

2017 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


قصة مريم يحيى إبراهيم إسحاق التي حكم عليها بالإعدام في السودان بتهمة الردة عن الإسلام واعتناق المسيحية، جعلتني أتوقف عندها كثيرا، وأقارن بين قصتها وقصة ما حدث في مدينة الأقصر لفتاة مسيحية يزعم اعتناقها للإسلام تسمى أميرة جرجس خليل.

أميرة تبلغ من العمر 17 عاما وتدرس بالصف الثالث الثانوي، وهي من نجع "المهيدات" التابع لقرية "العديسات" الواقعة بمركز "الطود" بجنوب شرقي مدينة الأقصر،حيث توجه أحد شباب النجع، إبراهيم محمد أحمد نور، البالغ من العمر 19 عاما، إلى منزل أميرة، ليؤكد لوالدها أنه متزوج من الفتاة وأنها أشهرت إسلامها منذ شهرين، وعليه يريدها لتصبح زوجته وتعلن إسلامها.

وكان هذا الأمر كفيلا بإثارة النعرات الطائفية المعتادة في مصر، وخاصة في مناطق الصعيد، حيث الفقر والتخلف والجهل والتطرف كنتاج منطقي لإهمال الدولة لهذه المناطق البائسة، فتجمهر عدد من الأهالي المسلمين عقب صلاة الجمعة حول منازل الأقباط بالقرية، مطالبين بما أسموه ب "أختي أميرة"!

تدخل الأمن واستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين من أمام المنزل، وفرضت قوات الأمن كردونا أمنيا حول القرية، والتقت بكبار العائلات لاحتواء الأزمة، كما ألقت قوات الشرطة القبض على 11 شخصا بتهمة إثارة الشغب والتظاهر دون إذن مسبق، ومقاومة السلطات، وتم تحرير محضر بالواقعة، وأسفرت الاشتباكات عن إصابة 3 ضباط و4 مجندين، خلال محاولة فض التظاهرات من الجانب المسلم من أهالي القرية.

وقد نفى جرجس خليل، والد أميرة، إشهار ابنته للإسلام، مؤكدا أن ابنته على قيد الحياة وتتواجد في الكنيسة بعد تلقيها عدة تهديدات من أحد الشباب بالقرية، وأضاف خليل في مداخلة لإحدى القنوات الفضائية أن الشاب الذي يهددها حصل على رقم هاتف أميرة من أصدقائها واتصل بها لتهديدها بخطفها في حال سافرت إلى القاهرة، مطالبا بتوفير الحماية له ولابنته بعد تعرضهما لتهديدات.

ويبدو أن "أختي أميرة" هي الحلقة الثانية من مسلسل "أختي كاميليا"، تلك القصة الخاصة بكاميليا شحاتة زاخر مسعد، زوجة القس تادرس سمعان، كاهن دير مواس بالمنيا، والتي أشيع اعتناقها للإسلام في عام 2010، فخرجت تظاهرات حاشدة تطالب ب "أختي كاميليا"، ثم انتهى الأمر بتسليمها للكنيسة، وظهرت فيما بعد في برنامج "سؤال جرئ" للإعلامي رشيد حمامي، ودعت فيه كاميليا الجميع أن يهتموا بشؤونهم وشؤون مصر وأن الكنيسة والبابا شنودة الثالث ليس لهما أي شأن بهذه القضية وأن يظهر الجميع مزيدا من الاهتمام بالانتخابات البرلمانية حينها.

ونترك أميرة ونذهب للسودان، حيث دارت هناك قصة مأساوية أخرى، ولكن هذه المرة على الجهة المقابلة، أي ترك الإسلام، ألا وهي قصة مريم يحيى إبراهيم إسحاق، هذه الفتاة السودانية المسيحية التي ولدت في عام 1987 في ولاية "القضارف" بالسودان، وتم الحكم عليها بالإعدام شنقا بسبب الإدعاء بأنها من والد مسلم واعتنقت المسيحية وارتبطت برجل غير مسلم.

شغلت قضية مريم الرأي العام في العالم، وكان هناك تعاطفا كبيرا معها، حيث أن والدها لم يقم بتربيتها وتربت على يد أمها المسيحية، وحوكمت وهي حامل بطفل، ولاحقا أفرج عنها بعد مطالبات وضغط خارجي على حكومة السودان للإفراج عنها في عام 2014، ومن ثم قررت أن تلجأ سياسيا مع زوجها الذي يحمل جواز سفر أمريكي إلى الولايات المتحدة.

والفارق بين الحالتين كبير للغاية ومؤلما في ذات الوقت، ويمكن تلخيصه في عبارة واحدة، ألا وهي أن الأغلبية المسلمة تحاول فرض قوانينها وأعرافها بالقوة على الأقلية المسيحية في هذين البلدين التعيسين البائسين الفقيرين اللذين يتسولا غذاءهما من العالم الحر.

فلنتخيل فقط للحظات ما الذي سيكون عليه الأمر في مصر إذا تركت فتاة مسلمة الإسلام واعتنقت دينا آخر؟! عندها أشك أنها ستمثل أمام المحاكم من الأساس، حيث سيقوم الغوغاء الذين نجحوا في فرض أحكامهم على مصر بمحاكمتها وقتلها ربما في خمس دقائق فقط، ولتذهب الحرية الدينية إلى الجحيم، فلا حرية دينية من وجهة نظر المسلم إلا حرية اعتناق الإسلام، ولكن عندما يتعلق الأمر بترك الإسلام واعتناق دين آخر تظهر أدبيات "الاستتابة" و "إقامة الحجة" و "من بدل دينه فاقتلوه"!

وهل فكر أي شخص من جحافل الجهل والتخلف والهمجية التي قامت بحصار منازل الأقباط في نجع "المهيدات" – وفي الحقيقة دولة القانون هي التي حوصرت – في أن الإسلام لن يخسر شيئا بترك المسلم دينه أو لن يربح شيئا من انضمام غير المسلم له؟! وحتى لو افترضنا أن تحول أميرة إلى الإسلام كان حقيقيا وليست من قبيل الشائعة، فما شأنكم تريدونها؟ ومن أدراكم أنها في حاجة لكم؟

على الدولة أن تقوم بتطبيق القانون بكل صرامة وحزم، فقد أصبحت مصر تترنح في مفترق طرق: إما دولة أو لا دولة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة