الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة الدعوة لمؤتمرات الاستثمار : مؤتمر الاستثمار بتونس

الأستاذ الأسعد بنرحومة

2017 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


" مازالت قصة ندوة الاستثمار سبتمبر 2014 بعنوان " استثمر في تونس الديمقراطية الناشئة " لم تطو صفحاتها بعد وخاصة بعد اعلان الحكومة حينها عن الانطلاق في انجاز 22مشروع بتكلفة 8500مليار والتي ستنتهي في أجل أقصاه بين 2016و2018وجلها مازال حبرا على ورقف بل لا يساوي ثمن الحبر الذي كتبت به أو الورق الذي كتبت عليه " .
وبعد تجربة مؤتمر الاستثمار لسنة 2014, احتضنت تونس مؤتمرا آخر يومي 29 و30 نوفمبر المنقضي , وان كانت كالعادة أغلب الوعود هي ثقلا جديد ينضاف الى أثقال الديون المتراكمة الا أن البعض من مراهقي السياسة وبعض الموظفين عندهم مازالوا يمارسون تضليلا كبيرا على الناس بترويج أحلام لا وجود لها عن محاسن الاستثمار وفوائده على الاقتصاد .
لقد مرت البلاد بعديد التجارب السابقة في ميدان الاستثمار الأجنبي في قطاع الفلاح والصناعة والصحة وغيرها ,لكنها لم تجن منه الا خرابا للتربة وتصحرها , وافلاسا للمؤسسات بعد انتهاء فترة الامتيازات , واهدارا لأموال الشعب باسم دعم الاستثمار . وهذه بعض من نتائج الاستثمار :
الاستثمار في الفلاحة :
أولا : بعد كل مدة قصيرة من الاستغلال المفرط والاستنزاف الكبير للأرض من أجل الربح السريع والضخم تترك الأرض فقيرة مفلسة من جميع المعادن الغنية والمواد العضوية الضرورية للخصوبة ,بما يعرضها للتصحر السريع فتتحول الى أرض جرداء قاحلة غير منتجة الى جانب انتشار الأنواع المختلفة من الفيروسات مثل ما يحدث اليوم في كثير من الأماكن وخاصة في ضيعات الاجاص والبرتقال والنخيل والضيعات السقوية التي تعرضت لهذا الاستنزاف .
ثانيا : الحصول على عائدات كبيرة وأرباح ضخمة نتيجة هذا الاستنزاف المفرط تعود جميعها لجيوب أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين دون أي عائد حقيقي للدولة أو للشعب .
ثالثا : تفريط الدولة في آلاف الهكتارات لهؤلاء المستثمرين من أراضيها بأثمان رمزية جدا دون أن يكون له أي مردود فعلي على الناس ,واستغلال هذه الأراضي في انتاج ثانوي لا علاقة له بالأمن الغذائي للشعب .
رابعا : بعد افلاس التربة وتصحرها نتيجة الاستغلال المفرط , تعمل الدولة على تغيير الصبغة القانونية للأرض بما يفتح اعادة فرص اعادة استغلالها من هؤلاء المستثمرين في ميادين أخرى .
الاستثمار في الصناعة :
أولا : تمتع المستثمر بالامتيازات الكبيرة التي تقدمها الدولة له خلال مدة زمنية معينة من خمس الى عشر سنوات دون أن ينفق شيءا من ماله الخاص .
ثانيا : التمتع بيد عاملة تتوفر فيها القدرة على الانتاج والزهد في الأجر , وهو ما لا يجده في بلده
ثالثا : ضرب الصناعة المحلية والصناعي المحلي ووضع الصناعة تحت رحمة رأس المال الأجنبي
رابعا : التمتع بعائدات ضخمة وأرباح طائلة تعود كلها لجيوب المستثمرين ولا يصل منها شيء للدولة ولا للشعب , وبمجرد انتهاء المدة الزمنية المخصصة لهذه الامتيازات يغادرون البلد ويعلنون الافلاس تاركين الدولة أمام حشد كبير من البطالين الجدد .
الاستثمار في التجارة والصناعة :
أولا : ان القيمة الوحيدة التي يبني على أساسها المستثمر أعماله ونشاطه هي القيمة المادية المجردة وما فيها من منفعة , وبالتالي لا وجود لأي قيمة أخرى , فلا اعتبار عندهم للقيمة الأخلاقية ولا للقيمة الانسانية ولا للقيمة الروحية . ولذلك يكون الهاجس الوحيد المسيطر على أذهان المستثمرين هو الربح المادي السريع والضخم , فلا شغل لهم ولا اهتمام الا أن تشتغل كامل المنظومة الاستهلاكية والانتاجية معا حتى ولو أدى ذلك للمتاجرة بأرواح الناس وبصحتهم , فلا مانع عند هؤلاء من نشر أخطر الفيروسات في الفلاحة وفي المواد الاستهلاكية ما دام في ذلك تشغيل لصناعة الدواء وللأطباء وللمستشفيات والمصحات , ولا مانع من نشر الحروب والدمار ان كان في ذلك تشغيل لمصانع السلاح وللشركات الكبرى .
وفي النهاية فان فتح باب الاستثمار لا علاقة له بملف التشغيل ولا بمعالجة البطالة كما يروجون , بل هو فقط خضوعا لاملاءات المستعمر ولاملاءات مؤسساته المالية والاقتصادية وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين . وان عاقبة الاستجابة لهذه الاملاءات تحت قناع فتح باب الاستثمار ستكون وخيمة ومأساوية على النحو التالي :
أ. تصحر كبير لأكثر الأراضي الفلاحية الخصبة وتحولها لأراض جرداء قاحلة في مدة قصيرة بسبب الاستنزاف المفرط
ب. افلاس وتفليس للصناعة المحلية وللمستثمر المحلي
ج. عجز كامل عن تحقيق الحد الأدنى من الأمن الغذائي والصناعي والصحي
د. تفليس للمؤسسات العمومية في الصحة والتعليم والاتصالات والنقل والكهرباء والمياه تمهيدا لرفع الدولة يدها عنها لصالح الخواص من المستثمرين
ه. القضاء المبرم على الطبقة المتوسطة , وتحويل الشعب برمته الى خدم وعبيد لدى الشركات الكبرى وهؤلاء المستثمرين
الى جانب فتح باب السمسرة والمزايدة على صحة الناس وعلى أرواحهم من أجل التسريع بالربح الكبير , والسمسرة بمصالحهم عن طريق بسط نفوذهم على أهم المؤسسات التي لها علاقة بالمرفق العام أو العمومي من أجل منفعتهم الشخصية بعد رفع الدولة يدها عنها مثل ما يحدث اليوم من تفليس مقصود لبعض المستشفيات كمستشفى الرابطة أو مستشفى شارل نيكول بالعاصمة أو مع شركة الكهرباء والغاز وشركة المياه , ومؤسسات صناديق التقاعد والشيخوخة وغيرها ..
ولهذا فان الواجب اليوم هو رفض هذه السياسة التي تتبعها الدولة رفضا كليا ونهائيا لأنها سياسة تضع البلاد والعباد تحت النفوذ الاستعماري الأجنبي , وما تقوم به الدولة اليوم لا علاقة لها برعاية شؤون الناس بل فقط هو خضوع لأجندات الاستعمار واستسلاما له , علاوة أن النظام الديمقراطي الرأسمالي ليس نظام رعاية بل هو نظام يحفظ هيمنة أصحاب رؤوس الأموال ويجعل من الشعب مجرد خدم وعبيد لهؤلاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و