الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع الايديولوجيات العابرة للحدود في العراق لمرحلة ما بعد ثورة تموز 1958

اسماعيل علوان التميمي

2017 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


صراع الايديولوجيات العابرة للحدود في العراق منذ العام 1958الى اليوم
اسماعيل علوان التميمي
يحظى موضوع صراع الايديولوجيات في العراق باهمية استثنائية عالية في خضم اشكاليات كبرى افرزتها التجربة العراقية لما بعد 1958 لغاية اللحظة .عندما سقط الملك والمملكة ودستورها وبرلمانها ، وقتلت العائلة المالكة بملكها وامرائها واميراتها ونسائها واطفالها وهم يحملون المصاحف في مجزرة رهيبة ستبقى تقبح وجه التاريخ على حد تعبير شاعرنا الثائر مظفر النواب ، رغم كل الاحلام التي كانت معقودة عليها ورغم كل التاييد الشعبي الذي حظيت الثورة به في ايامها الاولى وربما في اشهرها الاولى، الا انها فتحت للاسف الباب على مصراعيه امام توافد وتصارع الايديولوجيات القومية والشيوعية على ارضنا .حيث تصارع الشيوعيون الذين كانوا يحلمون بالكوكب الاحمر( مستقبل العالم سيكون شيوعيا) . والناصريون الذين كانوا يحلمون (بوحدة امة ما بين المحيطين) . والبعثيون الذين نافسوا الناصريين في الايديولوجيا ذاتها وفي الساحة العراقية ذاتها والاحلام ذاتها . والاكراد الذين كانوا ومازالوا يحلمون بقيام دولة كردية تضم الامة الكردية . ولكن ماذا كانت النتائج ؟ فبدلا من تحقق حلم الكوكب الاحمر اختفى الفكر الاحمر ولون الكوكب الاحمر بعد انهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي (الدولة الحمراء) والمعسكر الشيوعي رغم كل القاعدة الايديولوجية الجبارة التي يتمترس خلفها ليتحول الى الليبرالية (الند الفكري) له اي من اقصى اليسار الى اقصى اليمين . كما دفنت الناصرية مع عبد الناصر والبعث مع صدام ولم يتحقق حلمهما بوحدة امة ما بين المحيطين . وبدلا من القاء اسرائيل في البحر ما تزال اسرائيل تحتل فلسطين واجزاء من سوريا ولبنان . وبدلا من ان تحارب دباباتنا وطائراتنا قوات الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين استخدمت في حروب عربية عربية كما حصل في الكويت ، وكما يحصل اليوم في اليمن . كما ان حلم الاكراد بقيام دولة كردية لم يتحقق وقمعوا كيمياويا وانفاليا بوحشية لا مثيل لها في التاريخ وما يزال الحلم حلما في رؤوس حامليه .
لقد دفع العراقيون ثمن صراع الايديولوجيات والانقلابات والمؤامرات على ارضهم باهضا دماء واموالا ويتما وترملا وجهلا وتخلفا ، وتحولوا من اغنى بلد في المنطقة الى اكثر بلدان العالم مديونية قياسا لحجم الدين الى نسبة السكان ومازالت دمائنا تنزف بغزارة .وماتزال اعداد شهدائنا وايتامنا واراملنا تتضاعف يوميا على الارض العراقية ولم تتوقف لغاية اللحظة .
بعد 2003 وقيام الولايات المتحدة بقيادة تحالف دولي لاسقاط النظام السياسي الشمولي في العراق اعلنت انها ستؤسس لنظام ديمقراطي تعددي يتبنى التداول السلمي للسطة . وبالفعل تم اقرار دستور مدني دائم نظم سلطات الدولة على اساس ديمقراطي رغم كل ما لدينا عليه من ملاحظات ، الا ان القوى السياسية التي قبضت على السلطة في العراق لم تغادر لعبة صراع الايديولوجيات العابرة للحدود لتنخرط في عمل سياسي مدني صرف يخرجها من شرنقة تلك الايديولوجيات الى الفضاء الوطني الارحب . فبدلا من الصراع القومي القومي او الشيوعي القومي انشطر الصراع الى مجموعة من الصراعات المركبة والمتداخلة قومية ودينية ومذهبية اكثر خطرا واشد هولا اثارت المكونات ضد بعضها ، فوقعت الكوارث بين اهل الدار وتمكنت التنظيمات الارهابية التكفيرية الاكثر وحشية في التاريخ من اختراق الواقية الاجتماعية الوطنية العراقية لتجد لها موطئ قدم بسبب التناحر الطائفي بين ابناء الدين الواحد والقومية الواحدة والبلد الواحد .وعليه فنحن بحاجة الى ان نغادر حالة تصارع الايديولوجيات الى فضاء وطني نقي ورحب يوحدنا ويحمينا ويخدمنا ويبلسم جراحاتنا المتقيحة ، والا سيستمر القيح والنزف ولن يتوقفا حتى وان دحرت داعش فسيظهر غيرها وربما ابشع منها ـ اذا لم نبادر كشعب الى اعادة تأهيل واقيتنا الوطنية لتكون مظلة للجميع وتنقل الجميع من هول اجواء التناحر والفرقة الى نعيم الوئام واللحمة . الذي يمنع الفكر التكفيري الارهابي من ان يجد موطئ قدم له تحت انقاض صراعاتنا ، وذلك لن يتم الا اذا غادرنا جميعا صراعاتنا الايديولوجية وعقدنا التاريخية وحلقنا فوقها جميعا.
صفوة القول
الحقيقة المرة ان بلدنا العراق من اكثر بلدان الارض تضررا وتأثرا من صراع الايديولوجيات على ارضه منذ فجر التاريخ الى اليوم ، كونه عبارة عن واحة خضراء تحيط بها الصحراء من جهاتها الاربع . وما لم نلجم هذه الصراعات لا يمكن ان نتمتع بطعم الاستقرار والازدهار مطلقا ، وسنبقى ننكفئ كلما حاولنا الانطلاق وسنبقى ندور ونحترق في مراكز بؤر الصراع الايديولوجي من حولنا بكل اشكاله القومي والديني والمذهبي وحتى نهاية التاريخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال