الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا ... الى متى يظلّ القتل والتّدمير وسفك الدّماء مستمرّا

الأسعد بنرحومة

2017 / 4 / 6
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لقد أصبح من نافلة القول أن نكرّر بأنّ أكبر خديعة تعرّضت لها الأمّة الاسلامية بعد سقوط دولتها هي الربيع العربي لأنّها تسخير للشعوب لارتكاب أبشع مجزرة وأعظم مذبحة بحق الأمة باسم " الثورة" , وهي جريمة كبيرة يعتبر الحكّام أبرز أطرافها لا فرق بين من تمّ اسقاطه ومن بيقي استكمالا لنحر الأمّة وتمزيقها كما يفعل بشّار في سوريا اليوم .
ولكن أن يختزل البعض الجريمة النكراء في داعش فقط أو في سلاحها دون غيره فهذا بدوره لا يُخرج صاحبه من دائرة المذبح الدموي الذي أدخلوا اليه شباب الأمّة وشعوبها , فالربيع العربي مذبحة العصر التي ستبقى وصمة عار للدّيمقراطية والعالم الحرّ عبر التاريخ وحتى تتحقّق أهدافه التي رسمها الغرب بقيادة أميركا يجب أن تتشارك في تنفيذه مجموعة أطراف وليس طرفا , وسلاح المجموعة يتحقّق وجه التقسيم وصور التنازل والصدام ,وداعش ليست الا طرفا واحدا من هذه الأطراف ,بل وقد تكون الحلقة الأضعف وخاصة مع تأكد حصولها في كلّ مرّة على الدّعم سواء أمريكيا أم من دول الطوق تركيا والسعودية والأردن وغيرها .
فمن يقاتل في سوريا عدّة جماعات , والكثير منها بل والأقوى يرفع شعار الدّيمقراطية فلماذا لا يذكرهم أحدهم وهم يحملون نفس السلاح الذي تحمله داعش ؟ ويتلقّون الدعم من نفس الجهات التي تدعم داعش ؟ طبعا هم لا يذكرهم أحد لأنّ الحرب التي يخوضها الغرب ومن بعدهم الحكّام هي حرب على الاسلام وليس على الدّيمقراطية , وربط الارهاب بداعش وحدها أو بالحركات الاسلامية هو ربط مقصود ومخطّط له لربط الارهاب بالاسلام بما يضعف ثقة الناس بالعقيدة الاسلامية.
فالأكراد في شمال سوريا لا يقاتلون لتحرير سوريا من داعش , ولا من أجل حماية نظام بشّار ,بل هم يقاتلون من أجل اقامة اقليم كردي خاص بهم على طول الحدود بين تركيا وسوريا وهو ما تهدف اليه أميركا وتدعمه.
يقاتل الأكراد تحت لواء وحدات الحماية الكرديّة الذين سيطروا أخيرا على " منبج " بدعم أميركي بعد اخراج داعش , لكنهم احتفظوا به من أجل فصله عن سوريا وضمّه للاقليم وليس غير ذلك.
ولواء وحدات الحماية الكردية يقاتل ليس لمحافظة على سلامة أرض سوريا بل هو يفاتل لاخراج داعش وضمّ ما يسيطر عليه للاقليم الكردي كما تريد أميركا .
قوّات سوريا الدّيمقراطية وقوّات الاتحاد الديمقراطي وأيديهم لا تختلف كثيرا عن أيادي داعش من حيث تلطّخها بدماء أهلنا في سوريا وقتالهم انما هو خدمة لنفس الهدف الأمريكي المتعلق بتقسيم سوريا الى أشلاء وهم يخوضون حربا بالوكالة لصالح أميركا لا فرق بينهم وبين داعش.
أردوغان والجيش التركي من حيث تورّطه في سوريا هو يقاتل دعما لاقليم كردستان كما يراه أردوغان في شرق الفرات , وهو يوافق أميركا على عدم التعرّض للأكراد في شمال شرق سوريا . وسيطرة أردوغان على مدينة الباب وتوعّده بأخذ منبج ليس حماية لأهل سوريا ولكن فقط لمنع الأكراد من توسيع نفوذهم ببسط سيطرتهم على ممرّ يصل شرق الفرات بغربه , وقد دخل أردوغان جرابلس والراعي تحت غطاء جوّي أميركي .
أما ما أطلق عليه عمليّة الرمح النبيل فهي لم تكن موجّهة ضدّ داعش ولا تهدف لقتالهم ولكنها كانت بمنزلة ابطاء للتقدّم السريع لقوّات درع الفرات ولمنع اجتياحها لمناطق يسيطر عليها الأكراد.
بشّار الأسد وجنده لا يقاتل حماية لشعبه وحماية سوريا ,بل هو فقط يقاتل من أجل تثبيت نفوذه في مناطق بعينها كدمشق وحلب حتى يبقى طرفا مهمّا في مفاوضات التقسيم يمكّنه من تأمين أقليم خاص بالعلويّين كما رسمت أميركا . ولا ننسى أن بشّار الذي مزّق أجساد شعبه ببراميل المتفجّرات لم يطلق رصاصة واحدة حين كان زهران علّوش يقوم باستعراض عسكري تنقله قناة الجزيرة على بعد أقل من 20كلم من القصر الرئاسي له.
الجيش الحرّ ومن تحالف معه من جماعات لا يقاتل لاخراج داعش من سوريا ولا لحماية أرضها من التقسيم بل هو بدوره يقاتل ويستميت للحفاظ بما سيطر عليه من مناطق ستكون نواة لاقليم لقيط آخر داخل الجسد السوري ,ولو أراد الجيش الحرّ أو زهران علّوش الاطاحة ببشّار لفعلا ذلك من زمن.
وبين كلّ هذا الدّمار وهذا الكمّ من سفك الدماء والقتل والتهجير الممنهج يأتي الطيران الأميركي والطيران الروسي ليعملا معا وباتفاق كامل ليس من أجل محاربة داعش , ولا من أجل حماية بشّار ولكن من أجل الحفاظ على توازن القوى بين مختلف الأطراف المتحاربة حتى لا تكون الغلبة لطرف على حساب آخر لتستمرّ الحرب بنفس الوحشية ونفس الدّمار ويستمرّ سفك دماء المسلمين ليعمّ ظلام مشروع الشرق الأوسط الكبير ,وظلمة أميركا والغرب على بلاد المسلمين لسنوات وسنوات .
أما اغفال جميع هذا , واختزال الجريمة على داعش فهو لا يقلّ اجراما عمّا تقوم به داعش وعمّا يقوم به بقيّة الأطراف لا فرق بين من يتستّر بالدّمقراطية أو من يتغطّى بالاسلام ,لأن كليهما وجه من وجوه الدّيمقراطية الحمراء التي أصبغت البلاد الاسلامية برداء أحمر من دماء المسلمين , ولكنّ الدّيمقراطية الى زوال ونهاية والاسلام والأمة الاسلامية الى السيادة والعزّ’ة.
بقيت مسألة لا أستطيع انهاء الأمر الا بذكرها وهي :
ان الربيع العربي مع اختلاف صوره المقيتة خلّف مئات الآلاف من الأطفال الأيتام الذين فقدوا آباءهم وأمّهاتهم في هذه الحرب المدّمرة التي أشعلت نيرانها أميركا وروسيا ومن ورائهما أوروبا , هؤلاء الأيتام سيكبرون , ويكبرون ... وستجد أميركا وروسيا وأوروبا نفسها وجها لوجه أمام هؤلاء الأيتام الذّين سيستردّون شرف الأمة , وسيثأرون من جيوشهم وسيمرّغون وجوههم بالتراب ,وقد ثبت أنّ أغلب الأبطال الذّين خلّدهم التاريخ هم من الأيتام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم