الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهجوم الأمريكي على سوريا إلى أين؟

عبدالخالق حسين

2017 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن كل ما وعد به دونالد ترامب في حملته الانتخابية بالقضاء على الإرهاب والتطرف الإسلامي، ومسح الأرض بهم، كان مجرد خدعة انتخابية، فبعد فوزه وتسلمه الرئاسة، صار كلام الليل يمحوه النهار. فقد هدد السعودية وإذا بعلاقته معها تتقوى، كما أشار بالتقارب مع سوريا وروسيا، وقال أن بقاء بشار الأسد في الحكم ضروري لمحاربة الإرهاب، وحتى قبل أيام قال أن مصير الأسد يقرره الشعب السوري، وإذا به يتدخل بشكل سافر ومباشر ومدمر في ضرب سوريا، لصالح القوى الإرهابية ومن يرعاها، وحتى علاقته مع روسيا الآن مشكوك بها.

أما الإدعاء بأن الأسد استخدم غاز الأعصاب ضد المدنيين وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وأن ترامب تألم كثيراً على مشهد الطفل الرضيع وهو يموت بسبب الغازات السامة، فهذه لعبة معروفة لا تنطلي على أحد، ولن تصمد أمام أية محاجة منطقية. فالمعروف أن الجيش السوري حقق انتصارات عظيمة على التنظيمات الإرهابية، وحرر حلب وتدمر ومناطق أخرى في الأشهر الأخيرة بأسلحته التقليدية ، وبدون الحاجة إلى استخدام السلاح الكيمياوي المحرم دولياً، فلماذا يخلق الأسد لنفسه هذه المشكلة ليعطي الذريعة لأعدائه باستغلالها لكسب الرأي العام العالمي ضده في الوقت الذي يجد الإرهاب في تقهقر و انحسار في كل من العراق وسوريا؟

لقد نوقش موضوع الضربة الكيمياوية في مجلس الأمن الدولي، لإرسال لجنة من الخبراء للتحقيق في الأمر، ومعرفة مصدر المواد الكيمياوية ولكن تم تأجيل الجلسة. فالمعارضة ومعها الحكومات المعادية لسوريا تقول أن القوة الجوية السورية هي التي قصفت المبنى في خان شيخو في إدلب يالسلاح الكيمياوي. بينما الحكومة السورية قالت على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم "إن بلاده لن ولم تستخدم الاسلحة الكيماوية، حتى ضد الارهابيين الذين يقتلون شعبنا"، وأن المجموعات الارهابية استمرت في تخزين الاسلحة الكيماوية في المناطق السكنية، وأن بلاده أعلمت الأمم المتحدة عن مواد كيميائية دخلت من تركيا إلى الإرهابيين في سوريا."(1)

إلا إن أمريكا لم تنتظر لنتائج التحقيق ولا حتى البدء بإجرائه، بل تعجلت في الهجوم، إذ أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إطلاق 59 صاروخا من طراز توماهوك من سفينتين في البحر المتوسط في الساعة 4:40 بتوقيت سوريا (01:40 بتوقيت غرينتش).(2)

ووفق جميع المقاييس، هذا يعتبر عدواًناً صارخاً على الشعب السوري ودولته ذات السيادة، وانتهاكاً للقانون الدولي، ودعماً لإرهاب، إذ كما قال محافظ حمص طلال البرازي إن "الغارات الأمريكية تخدم أهداف تنظيم الدولة الإسلامية [داعش] ومجموعات مسلحة إرهابية أخرى". كذلك جاء في تقرير لمراسل الـبي بي سي، أن هذا الضرب الصاروخي تزامن مع قيام تنظيم ما يدعى الدولة الإسلامية بشن هجوم على منطقة الفرقلس قرب مطار الشعيرات في الريف الشرقي لحمص. وهذا يعني أن هناك تنسيق مسبق بين الطرفين. والجدير بالذكر أن ترامب الذي قال قبل أيام أن الشعب السوري هو الذي يقرر مصير الأسد، وصفه بعد الهجوم بأنه "ديكتاتور استخدم أسلحة كيماوية مروعة ضد مدنيين أبرياء". لتبرير فعلته، سبحان مغير الأحوال!
ولذلك أعتقد أن أمريكا وحلفائها، لا يريدون التخلص من الإرهاب قبل تغيير الحكومة السورية وإقامة حكومة مطيعة لها، ومعادية لروسيا وإيران.

ماذا يعني هذا التطور المفاجئ الخطير في سياسة ترامب؟
أولاً، كما أكدنا مراراً، أن تغيير رئيس الجمهورية في أمريكا، أو أية دولة غربية أخرى، لا يغير السياسة الخارجية لتلك الدولة، حتى ولو أراد الرئيس الجديد ذلك، لأن هذه الدول هي دول مؤسسات لها سياسة خارجية ثابتة لا تتغير بتغير الحزب الحاكم إلا بدرجات العنف وبعض الشكليات.
ثانياً، إن علاقات أمريكا مع العالم وبالأخص مع دول الشرق الأوسط تقررها مصالحها الأساسية الثلاث وهي: أمن إسرائيل، وأمن الدول الصديقة المتحالفة مع أمريكا وإسرائيل، أي الدول العربية الخليجية، وضمان تدفق النفط للغرب.
ثالثاً، لا تسمح أمريكا ببروز أية دولة عظمى مثل روسيا والصين، تنافسها في كسب دول في الشرق الأوسط، لذلك فالحرب ضد سوريا ومعاداة إيران بالأساس موجه ضد روسيا بالدرجة والأولى، والصين بالدرجة الثانية، لذلك تحاول أمريكا ومعها كل الدول الغربية تغيير هذه الحكومات الصديقة لروسيا والصين، ومعارضة للسياسة الأمريكية وإسرائيل.

رابعاً، و بناءً على ما سبق، نلاحظ أن دول المنطقة الرافضة للإستراتيجية الأمريكية المذكورة أعلاه، مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن وإيران، تعاني من حروب ودمار وتقهقر وإرهاب، بينما الدول العربية الخليجية الحليفة لأمريكا وإسرائيل تعيش بسلام وتقدم وثراء وازدهار ورفاه رغم أنها أنظمة قبلية ديكتاتورية مطلقة باستثناء الكويت نسبياً.

لذلك فهذه الحالة المأساوية من الصراعات الدموية والإرهاب وعدم الاستقرار في دول الرفض ستستمر إلى أن تغير هذه الدول سياساتها إزاء أمريكا وتوافق على المصالحة مع إسرائيل. وعليه لا استقرار في الشرق الأوسط إلا بحل القضية الفلسطينية بصورة عادلة. هل هذا يعني أننا نؤمن بنظرية المؤامرة ؟ كلا، وإنما هذا هو الواقع المرير الذي نشاهده. وعليه لا استقرار في الشرق الأوسط إلا بحل القضية الفلسطينية بصورة عادلة.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــ
روابط ذات صلة
1- المعلم: لن ولم نستخدم الكيماوي حتى ضد الإرهابيين
http://www.akhbaar.org/home/2017/4/226547.html

2- مقتل ستة أشخاص في غارة أمريكية على قاعدة جوية في سوريا
http://www.bbc.com/arabic/middleeast-39524014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة