الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية الوصاية

جلال الفرتي

2017 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ديمقراطية الوصاية
يبدو أن الأحزاب السياسية المغربية لم تبلغ بعد مرحلة الرشد لذا فهي بحاجة دائمة الى وصاية سياسية ، وقد ظلت فكرة الوصاية محور اهتمامات الفكر السياسي و النظريات السياسية منذ القدم فأنظمة الحكم في سعيها لتبرير شرعيتها كانت دائما تجد آليات جديدة لممارسة هذه الوصاية ، سواء باستحضار الدين كما حصل مع الكنيسة الكاثوليكية و الملكيات المطلقة في أوربا أو في العالم الاسلامي حيث وظف الدين كمطية للحكم ، او مع بروز قادة سياسيين مارسوا تلك الوصاية بإيديولوجيات مختلفة .
ومن بين المنظرين لهذه الفكرة نجد الباحث الامريكي روبرت دال في مؤلفه " الديمقراطية و نقادها " حيث يعتبر ان المفهوم المتداول للديمقراطية باعتبارها حكم الشعب بنفسه يعد ضربا من الاوهام .
وحين نقول بان الأحزاب السياسية المغربية لازالت تحت الوصاية فان ذلك يمتد ليشمل المجتمع ككل ، و إلا ما معنى أن تفرز صناديق الاقتراع حزبا سياسيا يبيع اصوات ناخبيه في المزاد العلني ، اذا لم يكن قادرا عن الدفاع عنها في تشكيل حكومة تعكس خطاباته و توجهاته.
و بدون الدخول في نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة و مدى التمثيلية الفعلية للاحزاب السياسية ، فان عملية الجلد التي يتعرض لها حزب العدالة و التنمية غداة الإعلان عن التشكيلة الحكومية و ما رافقا من رجة سياسية و تنظيمية قد تعصف بالحزب لها ما يبررها ، بل ان تداعياتها سوف تمتد الى التحالف الحكومي ، في مستقبل الايام من خلال مناقشة التصريح الحكومي و التصويت على الميزانيات و المشاريع الحكومية .
ان ملامح الوصاية السياسية غالبا ما تكون ضمن الانظمة السياسية التي تكون فيها السلطة التنفيذية قوية ، مع وجود احزاب سياسية متعددة و هجينة و لها انشطة محدودة ، كما يكون دور البرلمان ضعيفا و هذا ما يذهب اليه ادوارد شيلز .
ان مختلف الاحزاب السياسية لم تستطع فك هذا الاستعصاء الديمقراطي بالمغرب ، و الأكثر راديكالية منها كان يوظف تلك المشاعر اللاعقلانية لدى المجتمع ضد النخب السائدة من اجل كسب اصوات الناخبين ، من خلال خطاب موغل في الاديديولوجية ، بعيد عن الواقع
وحتى لا نكون متحاملين على الأحزاب المغربية على الاقل في فهمها لقواعد اللعبة الديمقراطية فان هده الأخيرة لم تعد حتى في البلدان "الديمقراطية نظاما يستهوي الباحثين في العلوم السياسية ، فالأوصياء الجدد لهذا النظام المسمى ديمقراطي أصبحت لهم من الإمكانيات و الوسائل
ما يحولون به الراي العام لصالحهم و في الاتجاه الذي يريدنه ، و لعل هذا ما دفع الكاتب ليستر ثورو وفي غياب أي منافس للرأسمالية وجشعها إلى الاعلان عن نهاية ما يسمى بالحوار السياسي اد دخلنا في عهد أولئك " الذين بامكانهم تعبئة مؤيدي مصالحهم الخاصة بشكل فعال ، لقد اخذ فيتو
الأقلية يحل محل صوت الأغلبية . وهذا ما حصل مع حزب العدالة و التنمية ، حيث اخد فيتو الثروة أصوات الأغلبية .
ان الفشل في أي تحول الديمقراطي هو فشل للمجتمع ككل ، هو فشل ثقافي و تاريخي، فالأمر لا يتعلق فقط باحتكار السلطة و الثروة ووجود تماسيح و عفاريت ، بل بجذور ثقافية تكرس ثقافة الغلبة والقهر و التي أصبحت تخترق كل البنيات الاجتماعية ، و الملاحظ ان كل برامج الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها تغيب هذا البعد الثقافي و هذه الحاجة إلى تغيير البني الثقافية ، التي مازالت تحت الوصاية .
جلال الفرتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة