الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق ومناشئ الصراع - تعريف الصراع

حسين درويش العادلي

2003 / 2 / 18
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



 

   يقف الصراع كمفهوم وممارسة بين مستويين ، الأول : الإختلاف الطبيعي منه أو المصطنع ، والناجم عن التباين في العقائد أو الرؤى أو المصالح بين الجماعات الإنسانية ، وهنا فإنَّ الفشل في إيجاد مساحات من الفهم والقبول والتناغم المشترك يُحوّل الإختلاف إلى صراع بين تلك الجماعات للدفاع عن ذات ومصالح كل طرف .
   والمستوى الثاني : الأزَمة ، وهي مرحلة متقدمة ومعقدة من الصراع بين المجموعات العقدية أو العِرقية أو الطائفية أو السياسية .. المختلفة يصل بها إلى حد الإقتتال أو الإنهيار العام لنظامها الإجتماعي والحضاري .
   وهنا فالصراع هو : النِزاع الناتج عن الإختلاف جرّاء تباين الرؤى والعقائد والأفكار والبرامج والمصالح بين مجموعتين أو أكثر ، وقد يكون مُبرراً كما في صراع الشعوب مع أنظمتها المستبدة ، أو يكون غير مُبرراً كما في الصراعات الإثنية والطائفية داخل أُطر المواطنة والوطن الواحد ،.. وهنا فجوهر حركية الصراع تتولد من الإختلاف أولاً والفشل في تسويته أو إبداع الحلول المناسبة له ثانياً ، وهو جذر الأزمات التي تعصف بكيان المجتمع والدولة وتُنذر بتفككهما .
   وتدخل العديد من العوامل الثقافية والإجتماعية والسياسية في تفعيل الصراعات وتفجيرها ، أو احتوائها ضمن الأنساق المقبولة ، من هنا كانت لدينا صراعات سلمية تتأطر بالحوارات والإختلافات المقننة دستورياً وقانونياً ، وصراعات عنيفة دموية لا تلتزم بأي إطار تشريعي أو أخلاقي منضبط .
   ولا نريد هنا تناول الصراع من زاويته الإنسانية كمنظومة تداخل وتشابك وترجيح بين نوازع النفس ورغائبها وأمانيها وصولاً لتحقيق ذاتها في الواقع الخارجي ، ولا نرغب أيضاً بتناول الموضوع من جهته العقدية والفلسفية في تبيان طبيعة الصراعات القائمة على قواعد الإختلاف وأُسس التفاوت المُنتج للحركة الإنسانية ،.. بقدر ما نود التأكيد بوجود الصراعات كحقيقة قائمة تتباين شدةً وضعفاً حضوراً وغياباً بين مختلف الجماعات الإنسانية ، وهو ليس حكراً على مجتمعنا فحسب ، حيث لا وجود لمجتمعٍ إنساني خالٍ من الصراعات على تنوعها ، فطبيعة وحركية الحياة البشرية تُنتج الإختلاف والصراع والأزمة كسُنّة جرّاء تباين العقائد والرؤى والطموحات والمصالح بين الأفراد والجماعات والدول ، ولكن المعضلة تبقى في طبيعة الفهم للتنوع الإختلافي بين النّاس والجماعات الإنسانية ، وفي إبداع أمثل السُبُل القيمية والقانونية والأخلاقية لإحتواء هذا الإختلاف والتباين للحيولة دون تفجّره كصراعات تصفوية ودموية وتخريبية وكارثية تستأصل التناغم والتآلف والتكامل الوطني أو الإنساني .
   إنَّ المُستغرب ليس هو الإختلاف والتباين وما قد يُنتجه من مستويات الصراع العقلائي والمتأطر بالضوابط القيمية والقانونية العامة ، فهو في حقيقته جوهر يُنتج الحركية والإبداع في ساحة الحياة ، فالمماثلة في الصورة والمضمون يقضي على إمكانية نشوء الحياة بالتبع ،.. ولكن المُستغرب هو الفشل في تفهم قواعد هذا التباين ومزاياه وأهدافه ، والفشل في تقنينه وضبطه ضمن مسارات ومرتسمات صالحة وأخلاقية وذات نفعٍ عام ومشترك لا تمييز أو ظلم أو إقصاء فيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا