الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا إسرائيل تصر على الدعاية ل و بالنيابة عن -حماس-

حازم العظمة

2006 / 1 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في القدس الشرقية ، حيث يجري ، بصورة خاصة أمام الكاميرات ،ضرب و إعتقال مرشحي حماس للإنتخابات ، في مشهد يكاد يكون بدائياً ، من وجهة نظر " مبادىء" البروباغاندا ، ما يلفت أكثر من غيره درجة الإحتقار للعقل الفلسطيني و العربي ، و درجة إيمان الاستراتيجيين الإسرائيليين – مصممي هذه الحملة-ببدائية العقل الفلسطيني .. و العربي ، و هو الجزء الأسوأ في المسألة كلها ، هذا الإزدراء يعكس أيضاً العنصرية المتأصلة في " إيمان" كهذا ، هذه العنصرية التي تجعل المصممين لهذا المشهد يراقبون بـ"حماس " ،و يفركون الأيدي و هم يشهدون كيف أن "حملتهم " هم الإنتخابية تحقق نجاحاً عظيماً و هم يراقبون تحول الأصوات و التأييد الشعبي إلى "حماس" .. ، (والجهاد الإسلامي أيضاً بطبيعة الحال )...
منذ عدة سنين جرى في الكنيست الإسرائيلي إستجواب للحكومة بشأن دور الموساد في دعم و تأسيس "حماس" في الثمانينات بما في ذلك الدعم المالي و الدعائي ( بطريقة الدعاية السوداء ، أي : كلما شتمت أحداً كلما ازدادت شعبيته – لدى العدو- ) ، و الإستجواب هذا كان في ذروة العمليات المسماة " اسستشهادية "و الجواب جاء واضحاً و واثقاً بفحوى أن الدواعي الاستراتيجية لهذا السلوك كانت و ماتزال صحيحة ... ، ما لم يتجرء الجواب أن يقوله ( في منطقة من السياسة الإسرائيلية محظورة عموماً و لكن طرفاً منها طفى يومها في الكنيست ..) أن التفجيرات في المدن الإسرائيلية و سقوط بعض القتلى ليست سوى " أعراض جانبية" side effect و لا تعني خظأ أساسياً على المدى البعيد ...، و ما لم يقله الجواب كان مفهوماً بطريقة ما للجميع من أن سقوظ بعض القتلى الإسرائيليين من حيث هو " خسارة مؤلمة" لا يقارن بالـ " فوائد الإستراتيجية " لسياسة كهذه بالنسبة لمستقبل الدولة الصهيونية ...

براغماتية كهذه يصعب تصديقها ، ولكن براغماتية تشبهها مارستها و ما تزال الأوساط الإجرامية الحاكمة في الولايات المتحدة ، نعوم شومسكي ما يزال متأكداً من أن الأبراج في نيويورك ماكانت ستصلها الطائرات المخطوفة لو لا أن نظام الدفاع الجوي ، و لسبب غامض تعطل في تلك اللحظة بالذات ، وهو النظام الذي ، في الأحوال العادية ، يعمل بكفائة عالية و بدون فشل ... ، أيضاً هنا مقتل " بضعة آلاف من الأمريكيين" ليس سوى side effect ينبغي تحمله " مهما كان مؤلماً "إذا ما قورن بـ "الأهداف النبيلة " لمصالح الولايات المتحدة و للـ " دفاع " عن " نمط الحياة الأمريكية" ...
الأوساط الحاكمة في إسرائيل و ليس شارون وحده ، يؤمنون بأن أي "تراخ" في العصبية الصهيونية ستكون نتائجه تـفكك الدولة بصفتها هذه أي بصفتها " صهيونية" ، يدركون تماماً بأن خفض حدة و عصبية النزاع العربي الإسرائيلي سيؤدي إلى فقدان " الأجيال القادمة"لـ "المثل العليا" التي قامت عليها الدولة أي تحديداً "العنصرية " اليهودية ، و فقدان حلم " الآباء المؤسسين" و تراخي درجة التوتر الإيديولوجي لأفكار تستوحي من خرافات دينية مبادىء من نوع "شعب الله المختار" و ما يتبعها من ترهات الرعاية الإلهية و "أرض الميعاد " و غيرها مما ينتمي إلى القرون الوسطى من ناحية الفكر في أحسن الأحوال ...
عندما بدأ شارون "صعوده الثاني " بدأه عن عمد و سابق تخطيط من دخول و إنتهاك المسجد الأقصى و كان يعرف تماماً ماذا يفعل ،كان يريد ردة الفعل الإسلامية و يستفز عن عمد ردة الفعل الإسلامية ، إذ ما من مثل ردود الأفعال الدينية ما يبقي للمتعصبين أرضاً صلبة يستطيعون أن يعبرو منها
إبقاء التوتر في أعلى درجاته و تغذية النزاع في أقصى أشكاله دموية هو ما يناسب الإيديولوجيا الصهيونية ، و هو ما يوفره في الجهة الثانية " العدو" ، و العدو ينبغي أن يكون على شاكلته ، و احسن ما يكون "متديناً " أ يضاً و متعصباً ، هكذا يكون التحالف الموضوعي بين الطرفين ما يضمن بقائهما معاً ، و ما يُظهر للعالم من ناحية ثانية كيف أن العرب و " المسلمين" هم أولئك "الهمج " الذين يقتلون المدنيين و يقتلون أنفسهم " ليذهبوا إلى "جنات الخلد " إلى آخر ما هنالك
، و من ثم يقدمون العرب و الفلسطينيين للعالم على أنهم أولئك الملتحين لابسي الجلابيب ، ضاربي النساء و القتلة الدمويين ، هكذا تتم تغطية القتل الدموي الإسرائيلي الذي يرقى إلى صفة منهج و نظام بمساعدة الخصم ، من تلقاء نفسه
برنامج منظمة التحرير الفلسطينية ، هذا البرنامج الذي تراجع الآن ، أو في أقل تقدير أزيح و وقع في الظل ...، هذا البرنامج الذي فحواه دولة واحدة في فلسطين ديموقراطية و علمانية لليهود و العرب معاً ، هذا البرنامج كان قاتلاً لإسرائيل ،و إسرائيل و الحركة الصهيونية أدركت سريعاً خطر برنامج كهذا و إختيارها "دعم " و تقوية المنظمات الإسلامية ، بمختلف الأساليب و الطرق كان إختياراً استراتيجياً ، و خاصة وضعها هؤلاء في مواجهة منظمة التحرير ، هذه المواجهة التي تبدو الآن قبيل الإنتخابات الفلسطينية و كأنها و صلت إلى مرحلة أخيرة أو دخلت طوراً جديداً أصبحت فيه هذه المنظمات على درجة كافية من القوة لكي تنتزع قيادة الشعب الفلسطيني أو على الأقل تنتزع مواقع هامة و مؤثرة
منع الإسلاميين من الدعاية الإنتخابية ليس سوى رتوش أخيرة في الدعاية الإسرائيلية لهم منذ سنين طويلة
علينا أن نتعلم من تاريخ حركات التحرر في العالم ، علينا أن نتعلم خاصة من جنوب أفريقية ، ثمة تشابه واضح بين نظام الأبارتيد الصهيوني و ذلك الذي كان لجنوب أفريقيا ، أن نتعلم كيف أن كسب العقول أولاً كان هناك أهم من المعارك و القتال الفعلي ، في جنوب أفريقيا حركة التحرر استطاعت ببرنامج يـفكك الإستقطاب العنصري و يواجه نظام التمييز و التعصب و الهيمنة ببرنامج للتعايش الديموقراطي بين كل الطوائف الإثنية و الثقافات أن تهزم نظام التمييز و الهيمنة الذي لم يكن يقل شراسة ، بل و يزيد عما للنظام الصهيوني ، و هو ما أدى في النهاية إلى السقوط المدوي لذلك النظام

نظام الرأسمالية الهمجية لا ينتج إلا النزاعات : القومية ، العرقية ، الطائفية ، العشائرية ، لا ينتج إلا القتل و الحروب
النظام الصهيوني ليس فرعاً و حسب من نظام الهمجية الرأسمالي هذا ، هو من أعمدة هذا النظام على المستوى الكوني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا