الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى الاحتلال والسقوط

اسماعيل شاكر الرفاعي

2017 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


في ذكرى الاحتلال والسقوط
اسماعيل شاكر الرفاعي
1من3
هذا يوم مفصلي في تاريخ العراق وتاريخ المنطقة ، يوم ابتدا به تاريخ جديد للعراق ولعموم منطقة الشرق الأوسط ، على أنقاض مرحلة ، كان نظام صدام حسين رمزاً كبيراً لها في شعاراته ومفاهيمه وفِي طريقة اشتغال اليات نظامه السياسي . ابتدأت هذه المرحلة بنجاح الانقلاب العسكري الذي قاده جمال عبد الناصر عام 1952 في مصر ، فسقوط نظام صدام اسدل الستار على هذه المرحلة التي حاول البعث بقيامه بانقلاب عسكري عام 1968 تجديدها ونفخ الروح فيها ، بعد ان خبا وهجها اثر الهزيمة الشاملة التي مني بها نظام ناصر امام اسراءيل عام 1967 . تميزت هذه المرحلة التي يمكن تسميتها : بمرحلة أنظمة مجالس قيادة الثورات العربية عن المرحلة السابقة لها : مرحلة ما بعد الحرب العالمية الاولى ، بإنتاج شعار حماسي تهييجي تعبوي ، قاعدته الاجتماعية من الفلاحين ومن سكنة البلدات والقصبات والمدن الذين تسود البطالة والامية معظمهم ، وتزاول الأقلية منهم أنشطة تجارية بسيطة ، فهم جميعاً ينتمون الى حقبة في التاريخ سابقة على الحقبة الجديدة فيه : حقبة الثورة الصناعية التي أصبحت قيادتها بيد طبقات مدينية ؛ جديد حضورها في التاريخ ، وجديدة هي الروءية والروءيا التي تقود وتوجه بها مسار حركة احداث التاريخ التي بدأت بكتابتها . واجه زعماء هذه المرحلة العربية مسار الأحداث الجديد بالشعارات ، وأفرغوا ( عبقريتهم ) بصياغات بلاغية في محاولاتهم للتأثير على مسار الأحداث العالمية ، نظر اليها قادة قطار الأحداث : الموءسسين لوضع دولي جديد على ان تأثيرها عليهم لا يتجاوز تأثير : الصرخة أو الاحتجاج أو الهجاء لمسار قطار عالمي خلفهم يراوحون وراءه ، ويستعيدون بينهم حكاية تجديد موروث الاسلاف ، ويختصمون على طريقة تلك الاستعادة . وسبب خصامهم المستمر يعود الى ان ما كانوا يطمحون الى بعثه لم يكن سوى بنية لا سند لها في الحاصر اضافة الى كونها متناقضة في ذاتها : فهي من جانب دعت الى وحدة الجماعة الدينية الجديدة بالتقوى والحسنى ، ومن جانب اخر لم تتحقق هذه الوحدة في اي عصر من عصور التاريخ الاسلامي الا بالسيف ، وهذا ما تسبب بوجود فجوة باعدت بين شعارات الزعماء العرب في استعادة الأصول وبين روح العصر الذي خرجوا فيه ، اذ ان الدولة التي جاءت بها القوة العالمية الجديدة وتريد تعميم نموذجها عالمياً ، هي دولة لا زعامة فيها للفرد بل للبرنامج ، وهو برنامج متغير يعاد النظر فيه بين فترة واُخرى ، ويختلف في مقاصده بين تيار سياسي وآخر ، في حين ان شعار استعادة الأصول هو في حد ذاته اعادة صياغة لمفهوم الزعيم - أمير الموءمنين أو الخليفة المقدس الذي لا تجوز مساءلته والذي يحكم مدى الحياة . يعزز هذا التناقض بين الأصول التي يراد استعادتها وبناء دولة الوحدة في ضوء منها وبين نموذج دولة القوة الجديدة في التاريخ ، ان تلك الأصول لا تقر بتوزع ولاء الجماعة ( الأمة بالمعنى الديني للولاء وليس بالمعنى السياسي الحديث لمعنى الأمة ) على اكثر من زعيم ، وقد ضرب الصحابة بمداد من دم سيوفهم في معارك الفتنة الكبرى مثالاً على ذلك ( بمعنى ان الصحابة وليس سواهم هم من اصل الأصول ثم جاء التنظير لاقرار مبدأ الغلبة بالسيف لاحقاً ) اذ فوضوا السيف في ان يكون الحكم النهائي في تقرير مصير تعددية الزعامات ، رغم صيحة ؛ الله اكبر التي كانت تنطلق من كل معسكرات الصحابة المتقاتلين على الخلافة والقيادة السياسية ، وكل منهم يعزز من قوته ومن شرعية طموحه في الخلافة بالقدرة على تأويل النص الديني القراني وما يستحضره من احاديث نبوية لصالحه . انتهت حروب الفتنة الكبرى بزعامة واحدة كانت من نصيب العاءلة الأموية ، الا ان مرحلة الزعماء العرب المعاصرة لم تنته بزعامة واحدة ، لان شعارات الزعماء ركزت على الخارج منذ البدء ، ولَم يكن الداخل ( التنمية والتحديث وبناء دولة الموءسسات الديمقراطية ) يهم الزعامات في شيء ، هذا الداخل الذي من دون العبور به بوابة التحديث العصري لن تحوز الزعامات ولا شعوبها قوة أبداً ، بعد ان نقلت الحضارة الصناعية القوة من ميدان المزيد من تملك الارض بالفتوحات وتأسيس الإمبراطوريات الى ميدان المزيد من المختبرات والبحوث العلمية ، المنتجة للمزيد من الاختراعات وابتكار الاَلات التي جعلت إمكانية فتح العالم بأسره إمكانية سهلة التحقيق امام أوربا الصاعدة . فكيف يتحقق طموح الزعماء العرب في اعادة الحياة لعالم من المفاهيم السياسية تضمها منظومة فكرية ، ان كانت قد صلحت يوماً لان تكون الغطاء الأيدلوجي لحضارة محددة هي الحضارة العربية الاسلامية ، فهي لا تصلح الْيَوْمَ بعد ان غيرت الحضارة الصناعية الجديدة أسس قيام الدول انطلاقاً من منظومة قيمية وفكرية واخلاقية وسياسية ، ومن زاوية نظر جديدة الى الكون والحياة والى دور الانسان فيها ؟ اهم معالم هذه الدولة الجديدة ؛ تحررها من هيمنة المقدس عليها ، فلا حاكمها يدعي ذلك ، ولم يعد السيف هو الحكم بل صندوق الاقتراع . ثم ان الحضارة العربية الاسلامية التي دامت لقرون ، لم تكن في بنيتها وفِي طريقة اشتغال آليات إمبراطوريتها شذوذاً عن القاعدة التاريخية لنشوء وانطفاء الحضارات في تاريخ البشرية الزراعي ، فهي لا تختلف عن الحضارات السابقة عليها من حيث طريقة إدارة الشأن العام لمحكوميها بهيكل دولتي يتربع على عرشه خليفة له مواصفات الملوك السابقين واللاحقين له : يمثل الله في الارض فهو ناءبه في تطبيق شريعته ، وينتمي مثلهم لعاءلة حباها الله بالقداسة ( ومن هنا تستقي شرعيتها في وراثة الحكم ) وكان مثلهم يرزق من يشاء ويحرم الرزق عمن يشاء ، واستفادت دولة الحضارة العربية الاسلامية من طريقة جباية الضرايب التي كانت تعمل بها الحضارات السابقة عليها ، اما ضريبة الرأس والجزية المفروضة على أهل الذمة من الديانات الاخرى والذين يجب ان يدفعوها وهم صاغرون فأظنها عربية إسلامية خالصة . وكان للحضارات السابقة على الحضارة العربية الاسلامية جيوشها أيضاً ، وكانت هذه الجيوش تعتمد في غزوها لاراضي الشعوب الاخرى مفاهيم وأغطية ايدلوجية لا تختلف في معناها عن معنى الجهاد الاسلامي في تحرير الشعوب والامم مما يخوضون فيه من غواية شيطانية ، وقد تشابهت جميعها في ان نتيجة غطاءها الأيدلوجي ذاك قد تكشفت غاياتها ، فما كان الا غطاء للاستيلاء على ارضهم الزراعية وتحويلهم الى أقنان يعملون ويكدحون لصالحها ، والويل للشعوب والأقوام اذا حاولت صد جيوشهاومقاومتها . لهذا السبب فشلت الزعامات العربية في امتلاك الاداة والمفهوم الصالح لتصفية اثار مرحلة الاستعمار اذ لم يكونوا جاهزين لمنازلتها وتصفية اثارها ، فكانت قراراتهم تتسم بالفجاجة والسطحية والارتجال ، ويغلب عليها طابع الجهل بالتحول الكبير في تاريخ العالم الذي انتقلت فيه القوة والسيادة من الذوات المقدسة التي كانت تحكم باسم الله الى شعوبهم عبر مؤسسة البرلمان ، في حين بدأ الزعماء العرب بايدولوجيا مبتورة ، أوحوا من خلالها ، لقاعدتهم الاجتماعية بأنهم ممثلون لمرحلة شبيهة بالمرحلة القومية في التاريخ الأوربي : مرحلة توحيد الامم . والحق انهم كانو قد أعادوا قراءة الفترة القومية الأوربية بعيون مصابة بداء الحنين الى ماضي اسلافهم الذين نسجوا حكايتهم في زمن كانت فيه القوى العظمى ( البيزنطية والفارسية ) لا حضور ولا تأثير مباشر لها على ما يجري من احداث في الحجاز وفِي شبه الجزيرة ، لقد كان الجهل او التغاضي او تغليب الأماني والعواطف الذاتية على الحقائق الموضوعية الدامغة هو ما خلفه الزعماء وراءهم من رصيد ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف