الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنخدم العلاقة الحقيقة بين الشعبين العراقي والأيراني

تقي الوزان

2006 / 1 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا أحد من العراقيين الذين كانوا في أيران أذ كان مهجراً أو لاجئاً ينكر المساعدة الكبيرة التي قدمت له من قبل الشعب الأيراني الطيب, أو من حكومة الثورة – قبل أن تتحول الى نظام شمولي - , وكذلك التوجيهات الأنسانية العميقة للأمام الراحل الخميني وحثه لمساعدة العراقيين . ولا أعتقد بوجود دولة في العالم أستقبلت من اللاجئين لدولة عدوة , وفي حالة حرب معها مثل الجمهورية الأسلامية في ايران . وروح السماحة هذه أستغلت من قبل النظام الصدامي المقبور وأرسل الكثير من عملائه وجواسيسه , وكانوا يسرحون ويمرحون على طول الأراضي الأيرانية .
ولا أحد من العراقيين ينكر التداخل بين الشعبين , وعلى الكثير من الصعد . أهمها المذهبي ,العشائري , الاقتصادي , ومدن تكاد تكون مستوطنات متبادلة . أن الذي زاد من حميمية هذا التداخل والخوف عليه , وحمايته من المؤثرات التي تعرقل أستمراره ونموه , هو حملات التهجير الظالمة من قبل النظام المقبور , وما تبعها من حرب أحرقت الأخضر واليابس , وأستمرت ثمان سنوات كما هو معروف , وما تركته من آثار عميقة في وجدان الشعبين .
مما لاشك فيه أن هذه الهواجس تجد أنعكاساتها في أغلب التنظيمات الشيعية العراقية . وتتوضح في ميلها الأكثر من الطبيعي في الأتجاه الطائفي . ومما لاشك فيه أيضاً أن أغلب هذه التنظيمات تجد متكأها وسندها في النظام الأيراني . وهذا ليس عيباً ما دامت هذه المساعدة تصب في مصلحة الشعب العراقي . سواء في التخلص من النظام المقبور أو في بناء دولته الحديثة . أن العلاقة بين الشعبين أمتن بكثير من بعض العلاقات بين الشعوب العربية ذاتها . وكل الوطنيين العراقيين يبغون تطوير هذه العلاقة نحو الأحسن ولصالح الشعبين الجارين . كل هذا مفهوم ومبعث فخر لشيعة العراق والحركة الوطنية العراقية .
الجانب الآخر لهذه المسألة هو أستغلال وتوجيه هذا التداخل بين الشعبين والمساعدات التي قدمت للأحزاب الشيعية لصالح بناء نظام ديني تابع أو مشابه لنظام ولاية الفقيه الأيراني . أن طموحات النظام الديني في التوسع نابع من طبيعته, وكأي نظام شمولي .
ألفوز بالسلطة والأحتفاظ بها من قبل قائمة "الأئتلاف" ليس السبب الوحيد في تماسك القائمة . والكل يعرف الصراعات الدموية بين أجنحتها , والطموحات الشخصية بين قياداتها , وعدم وجود برنامج سياسي يوحد أحزاب القائمة . كان السبب الأكبر في رأي الكثيرين هو أختراق النظام الأيراني لبنية هذه الأحزاب . وأنعكس ذلك بوضوح في بناء مليشياتها, وفرض مجموعة من النظم و"الآداب" على مجمل حياة المدن التي تقع تحت سيطرة هذه الأحزاب , ورفع شعار فيدرالية الوسط والجنوب لتطبيق نظام ولاية الفقيه فيه – ما دام لاتوجد الأمكانية لتطبيقه في كل العراق – وفي نفس الوقت أشاعة فكرة كون الفيدرالية نظام يمزق وحدة الأوطان . في سعي ايران المحموم لأفشال تجربة الفيدرالية الكردية بأي طريقة كانت . والتي ستؤثر بدورها ليس على ايران فقط , بل وعلى عموم دول المنطقة .
أن السيطرة المحكمة لأجهزة الأمن الأيرانية على بعض هذه الأحزاب والتي أخذت طابع التمويل بالسلاح , وأعطاء الرواتب الشهرية والمساعدات , وبناء المؤسسات والجوامع والحسينيات , وفتح القنوات الفضائية , وبث أعلام التجهيل والشحن الطائفي . وفي نفس الوقت الأستعدادات الشخصية لبعض زعماء هذه الأحزاب لخدمة أهداف مؤسسة الحكم الدينية, مكن الحكومة الأيرانية من المشاركة الفعالة في توجيه الأحداث في العراق . وجرجر التجربة الديمقراطية الوليدة الى حافات ستكون مهلكة أن لم يتم التوقف عندها . والعودة لطريق بناء وسلامة وحدة العراق .
السيد عبد العزيز الحكيم رئيس "المجلس الأعلى" ورئيس قائمة " الآئتلاف" صرح بعد زيارته الأخيرة للسيد علي السيستاني . والتي جاءت بعد أنتهاء الأنتخابات الأخيرة . بأن السيد علي السيستاني أوصى بضرورة أن تكون الحكومة القادمة حكومة "وحدة وطنية " , وأعتبرها مبادرة شيعية للم شمل الحركة الوطنية , وتجاوز السلبيات التي رافقت التحضير للأنتخابات وما تبعها من سلبيات أخرى . وأشراك جميع الأطراف في تحمل المسؤولية .
نحن نعرف أن أول من طرح مشروع حكومة "وحدة وطنية " هو وزير الدفاع الأمريكي رامس فيلد عند زيارته للعراق بعد الأنتخابات مباشرةً . بعد أن أكتشف الأمريكان أن التجربة الديمقراطية المنوي تثبيتها في العراق ليس كما خططوا لها . ولاتزال العوامل الطائفية والقومية وأساليب العمل غير الديمقراطية هي المقومات الأساسية للأنتخابات الأخيرة. ثم جاء هذا الطرح"حكومة وحدة وطنية " على لسان السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني . وتبعها زيارة السيد عبد العزيز الحكيم الى كردستان. والتصريحات المتبادلة بين مختلف زعماء القوائم الفائزة تصب في هذا الأتجاه , رغم الأختلافات الكبيرة في تقديراتهم لحجم التزوير الذي رافق الأعلان الأولي للنتائج الجزئية للأنتخابات . ألا أن حالة الشد المتصاعد بين ايران والغرب حول الطاقة النووية الأيرانية , والتهديدات المتبادلة بين الطرفين عجل بالطرح الجديد لقائمة "الأئتلاف" وعلى لسان السيد عبد العزيز الحكيم أيضاً . والقائلة بحكومة "مشاركة" بدل حكومة "وحدة وطنية" , وما رافق هذا الأعلان من تصريحات أخرى . مثل رفض أجراء أي تغيير على مواد الدستور , في تنكر صريح لما تم الأتفاق عليه , وفي مسعى واضح لعرقلة تشكيل حكومة " وحدة وطنية" , وأشارة لأمكانية تخريب كل ما تم التوصل اليه أذا أقتضت الضرورة . حكومة "مشاركة" تعني التفضل من قبل قائمة "الأئتلاف" الفائز الأكبر في الأنتخابات للقبول بمشاركة بعض الأطراف لها في تشكيل الحكومة , وما يتبع هذا التشكيل من ذيلية باقي الأطراف للقائمة الأكبر .
السيد عبد العزيز الحكيم يطلب أعترافاً سنياً ب"الواقع الجديد"كما نشر في موقع "صوت العراق" ومواقع أخرى يوم الجمعة الماضية . وأعتبر الحكيم أن شغل السنة "لهذا المنصب أم ذاك لن يكون له تأثير على الوضع الأمني في البلاد " مشيراً الى أن " المهم هو أن يؤمنوا [ السنة ] بأن هناك واقعاً جديداً في العراق " . وفي هذا الطلب نقول " كلك نظر ومفهومية " كما يقول الأخوة في مصر . ونحن أيضاً وعلى نفس المبدأ نطلب من بعض قيادات الأحزاب الشيعية , وعلى رأسها " المجلس الأعلى " بأعتباره أكبرهذه الأحزاب , والأقرب الى ايران, أن يؤمنوا بضرورة تطوير المصالح المشتركة للشعبين الجارين العراقي والأيراني بعيداً عن الأنجرار وراء المشاريع الأنتحارية للنظام الأيراني , ويؤمنوا بأعادة بناء العراق وفق أحتياجات الشعب العراقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟