الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة في نقد خلاصة قراءة الرفيق النمري المختلفة للتاريخ

سعيد زارا

2017 / 4 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نشر الرفيق فؤاد النمري أمس على صفحات إيلاف مقالا بعنوان : "قراءة مختلفة للتاريخ". و المقال فعلا قراءة مختلفة للتاريخ بحيث تقول بانهيار العوالم الثلاث التي افرزها التطور التاريخي للمجتمع الرأسمالي, و هي القراءة التي اتفق معها تماما, إلا أن رفيقنا الكبير يخلص خلاصة يصعب هضمها دون نقدها . و هي خلاصة لا اتفق مع رفيقنا فيها.

مما لا شك فيه أن قراءة الرفيق النمري تختلف على باقي القراءات الأكثر رواجا و شيوعا و التي صنفها في ثلاث قراءات رغبوية و مؤدلجة:
الأولى , و هي قراءة فرانسيس فوكوياما التي تقول بنهاية التاريخ إلى اقتصاد السوق و الديمقراطية الليبرالية ." ويشرح البورجوازيون رؤية فوكوياما هذه بانتصار النظام الرأسمالي على النظام الاشتراكي رغم أن العكس هو الصحيح...".

الثانية , و هي القراءة التي تعتبر بان الثورة البولشفية كانت مغامرة و حرقا للمراحل لأنها أعلنت الاشتراكية في بلد متخلف كروسيا , و هي قراءة الشيوعيين المفلسين حتى أن فيهم من نادوا بمحاكمة لينين ك"كريم مروة" و حجتهم في ذلك سقوط الاشتراكية السوفياتية.

القراءة الثالثة, التي تجعل من المعرفة عوض قوة العمل العامل الحدي في القيمة , و هي قراءة مؤدلجة أيضا رغم أنها ترتكز إلى قوى الإنتاج في تفسيرها للتاريخ لأنها ترمي إلى تهميش دور البروليتاريا في المسرح و تعظيم دور البورجوازية الوضيعة منتجة المعارف كخالقة للثروات إلا أن العكس هو الصحيح.

أما قراءة الرفيق النمري , و التي اتفق معها شخصيا إلى جانب مجموعة من الرفاق, فهي تولي انهيار الاشتراكية السوفياتية حقها بل و تقر كما تقر الوقائع بان انهيار الاتحاد السوفياتي اثر انقلاب البورجوازية الوضيعة الذي قاده خروتشوف كان له الأثر الحاسم في انهيار الحركات الوطنية و الديمقراطيات الشعبية و كذا انهيار الرأسمالية في سبعينيات القرن الماضي و بالتالي هو من افرز شكل اللانظام الحالي.
فعلا لازال انهيار الاتحاد السوفياتي يتعاطى معه المحللون و الماركسيون منهم بسطحية و كأن الاتحاد السوفياتي لم يكن الفاعل و الرافعة التي كانت تتجه بالعالم كل العالم إلى الاشتراكية حيث كانت الخطة الخماسية الخامسة الملغاة بعد تسميم ستالين هو الدخول بالاتحاد السوفياتي إلى الطور الثاني من الشيوعية . لم يتساءل هؤلاء المحللون "الماركسيون" : ماذا سيكون العالم لو لم تنقلب البورجوازية الوضيعة على دكتاتورية البروليتاريا في الاتحاد السوفياتي؟؟؟. نحن هنا لا نحاكم التاريخ بل ننبه أدعياء الماركسية و غيرهم أن مصائر العالم كانت تقررها الدولة العمالية التي بناها ستالين, و ما يجعل سؤالنا هذا مشروعا هو أن "النظام" الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي "تم بفعل ذاتي قام به العسكر الروس و عصابة خروتشوف المتعاونة معهم."

كان للمشروع اللينيني اليد الطويلة في تفكيك النظام الرأسمالي خلافا لما يعتقده الليبراليون و "الماركسيون", فقد كان لاستقلال المستعمرات الفعل المباشر في خنق المركز الرأسمالي الذي لا يحي إلا بمحيط يصرف فيه الفائض من إنتاجه. تلك المستعمرات ,محيطات الرأسمالية, التي لم يكن لها أن تستقل و تفك ارتباطها بالامبريالية لولا قيام الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي.

وجد العالم الرأسمالي نفسه مخنوقا بفائضه الذي لم يعد له محيط يصرفه فيه بداية السبعينات , فكان الحل الذي اقترحه الخمسة الكبار في قلعة رامبوييه هو فك الدولار عن الغطاء الذهبي و إغراق الدول المستقلة في فح المديونية لتؤول السيادة إلى البورجوازية الوضيعة منتجة الخدمات بعد أن اقلع الرأسماليون عن الإنتاج البضاعي.

إلى هنا اتفق تماما مع الرفيق النمري خصوصا تأكيده على طبيعة العوالم الثلاث التي ورثناها عن الحرب العالمية الثانية.

"البورجوازية الوضيعة السوفياتية قوضت النظام الاشتراكي في الخمسينيات دون أن يكون لديها نظام بديل بالطبع ولن يكون على الإطلاق. والرأسماليون في الغرب أوقفوا عجلة الإنتاج البضاعي فكفوا عن أن يكونوا رأسماليين فآل الحكم إلى البورجوازية الوضيعة وهي التي لا تملك وسيلة إنتاج تطعم الشعب، فهي لا تنتج غير الخدمات. والعالم الثالث الذي ثار إثر الحرب وفك روابطه مع مراكز الرأسمالية كي يبني اقتصاداً وطنياً لصالح شعوبه وجد نفسه فجأة في العام 1973 طفلاً يتيماً دون معيل فليس هناك معسكر اشتراكي يساعده في بناء اقتصاده وليس هناك دول رأسمالية استعمارية تعود إلى استعماره. وهكذا فإن خريطة العالم الإقتصادية تقول بكل جلاء أن العالم فيما بعد انهيار النظام الرأسمالي، وسبقه البدء بانهيار النظام الاشتراكي، قد غدا عالماً مسطحاً حق وصفه بالعولمي، وفقد كل أسباب الحياة. لكن لماذا لم يتوفَ حتى الساعة فذلك لأنه لم يستهلك بعد كل الثروات المختزنة قبل انهيار العوالم الثلاث. يستهلك الثروات المختزنة عن طريق الدولار المزيف حيث اتفقت الدول الرأسمالية الغنية الخمسة (G 5) على أن الدولار الأمريكي هو الدولار الذهبي حتى وإن كان من الذهب المزيف. العالم اليوم هو على السرير في حالة موت دماغي وما يبقي الحياة في جسده هو الدولار المزيف الذي وحده اليوم يقيم علاقات إنتاج هشة وكاذبة ويرسم الخريطة الجيوسياسية للعالم، كل العالم. مع انهيار الولايات المتحدة الوشيك وإعلان زيف دولاراتها سينهار العالم في كارثة كونية."

لكن اختلف تماما فيما خلص إليه رفيقنا و هو يكمل المقال بما يلي : "وسيولد بعد الكارثة عالم جديد مختلف بتاريخ جديد مختلف. لا بدَّ وأن يكون عالماً اشتراكيا وبدون دكتاتورية البروليتاريا حيث تكون كل الطبقات المعادية للإشتراكية قد انقرضت".

لئن كانت الاشتراكية كما علمنا أباء الشيوعية ماركس , انجلز , لينين و ستالين هي دكتاتورية البروليتاريا و هي أيضا محو الطبقات و هي التي يحتدم فيها الصراع الطبقي بتقدم بنائها, فما هي هذه الاشتراكية التي يقول بها الرفيق فؤاد؟؟؟

لو قال الرفيق فؤاد :" "وسيولد بعد الكارثة عالم جديد مختلف بتاريخ جديد مختلف. لا بدَّ وأن يكون عالماً شيوعياً وبدون دكتاتورية البروليتاريا حيث تكون كل الطبقات المعادية للإشتراكية قد انقرضت".
لكان الأمر مقبولا على الأقل نظريا, خصوصا و أن الرفيق صارم في تعريف الاشتراكية و قد ذكر ما يلي في ذات المقال : "ما لم يتوقف عنده المؤرخون ومراجعو تاريخ الإشتراكية السوفياتية وحتى الشيوعيون أنفسهم هو أن الإشتراكية العلمية التي قال بها ماركس ليست نظاماً اجتماعياً ثابتاً ومستقراً يقوم على علاقات إنتاج محددة معلومة بل هي فترة عبور قصيرة نسبياً يتم خلالها التحضير لمرحلة الشيوعية. في الإشتراكية التي لا تتحقق بغير دولة دكتاتورية البروليتاريا تشتغل خلالها البروليتاريا متطوعة بدون أجور تتحدد وفقاً لقيمة الإنتاج بل يتقاضى العمال بدل الأجور معاشات تحددها تكاليف الحياة...".

نقدي للرفيق فؤاد هنا ليس لكشف التناقض في ما كتبه كما قد يبدو للوهلة الأولى بل بتعميق النقاش في المسالة و مطالبته بمزيد من الإيضاح فالعالم الآن فعلا تلوح في افقه الكارثة و لا تحوم في سمائه شبح الشيوعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - والله عيب عليك وعلى نمريك
أبو علياء ( 2017 / 4 / 13 - 13:13 )
والله عيب عليك وعلى نمريك في ايلاف ال سعود!!!!!!
كم يدفع لكم يا بلاشفة الجدد الوهابين
تقززت من دفاع نمريك عن السعوديةـ هل انت تؤيد نفس الطرح حول الاجرام السعودي سيد سعيد
مرحلة جديدة من الارتزاق الماركسي


2 - الى السيد ابو علياء
سعيد زارا ( 2017 / 4 / 13 - 14:42 )


البلاشفة الجدد يدينون جرائم الاسد ليس دفاعا عن ال سعود او ... بل دفاعا عن الشعب السوري المباد و المهجر. اما انتم فتجرمون السعودية دفاعا عن الاسد و روسيا و حزب الله الذين اتوا على البشر و الحجر في سوريا. هذا من جهة اما من جهة اخرى فلك ان تنتقد الموضوع اعلاه و هو يتناول قضية اخرى.



3 - المصونة علياء
أبو علي ( 2017 / 4 / 13 - 14:51 )
واللهِ يا أبا علياء لقد أخزيت ابنتك المصونة علياء
إذا كان السعودي عثمان العمير يدفع للنمري من أجل أن ينشر في إيلاف ينادي بانتصار الشيوعية كما في المقال الذي تعلق عليه فشكراً كل الشكر إلى الشيوعي السعودي عثمان العمير الذي يبذل ماله لنصرة الشيوعية
إقرأي المقال يا علياء واشرحي لأبيك أن مقال النمري يفحم كل أعداء الشيوعية وأبوك ليس منهم بالطبع عافاه الله


4 - العملية الانتاجية
زينة محمد ( 2017 / 4 / 13 - 20:36 )
اذا كنا سنقول بتحطم الطبقات وانتفاء دكتاتورية البروليتاريا كشرط للعبور للشيوعية لا بد أن نبين كيف ستكون العملية الانتاجية في مرحلة العبور وما قبلها!


5 - أستأذن الرفيق النمري بنقل رده على تساؤل سعيد /تابع
فاخر فاخر ( 2017 / 4 / 13 - 22:37 )
أما التطهر من الأوساخ فلا بد أن يكون عبر ثورة من شكل آخر تقرره البروليتاريا إذاك والتي لن ت وقد أجابعود بروايتاريا كما كانت قبل الإنهيار كل التحية لقارئي المتميز سعيد

------------------------------------------------------------
أنقل الرد نظراً لأهمية المسألة التي أثارها سعيد في نقدة لمقالة الأستاذ الكبير النمري والإجابة العلمية الشافية والتي تشي إعتمادية موثوقة-


6 - مرحلة طفيلية على السياق المادي لتطور المجتمع
نجاة طلحة ( 2017 / 4 / 15 - 04:44 )

يمر العالم الآن بمرحلة هي طفيلية على السياق المادي لتطور المجتمع البشري والتي لم تنتج كطور طبيعي لكنها أفتعلت بسبب الردة على المشروع الإشتراكي وتعطيل دوره كمرحلة إنتقال للمجتمع الشيوعي.
المعضلة هي أن هذا الوضع الإستثنائي بزوال أو إنهيار الرأسمالية يتركنا أمام سؤال عن طبيعة وجود الطبقة العاملة في هذا الظرف، ناهيك عن دورها. فالطبقة العاملة هي مكون أساسي نتج عن طبيعة تقسيم العمل في المجتمع الرأسمالي ولا يمكن أن نتحدث عن طبقة عاملة في غياب الرأسمالية. في تقديري أن المسألة تحتاج لمزيد من الإجتهاد وقد وجهت رجاء للرفيق النمري لمزيد من البحث في هذه المسألة الشائكة والمعقدة جداً فالرفيق النمري هو أقدر على هذه المساهمة فهو الذي لفت النظر لماهية هذا الواقع وأسبابة وبشكل عميق. يتبع


7 - تتمة
نجاة طلحة ( 2017 / 4 / 15 - 04:47 )
الثورة الإشتراكية تلغي سلطة البرجوازية وتقيم دولة الطبقة العاملة (ديكتاتورية البروليتاريا)، لكن الرفيق النمري هنا لا يتحدث عن ثورة إنما كارثة كونية. لايمكن أن نبني تصورنا عن الطور الذي يتلو هذه الكارثة بدون معطيات علمية عن مكوناتها وشكلها فالكارثة لا تنظم ولا تقاد وبذلك ما يأتي بعدها يصعب تخمينه. إختلاف الرفيق زارا مبني على ما علمتنا له المادية التاريخية وليس على ما يسميه الرفيق النمري بالقراءة المخالفة للتاريخ. هذا هو تفسير الإختلاف.
ما أختلف مع الرفيق النمري فيه أنها ليست قراءة مختلفة للتاريخ فهي قراءة مادية علمية لكنها قراءة لتاريخ مختلف نتج بفعل فاعل وليس كطور طبيعي. الماركسية علمتنا أن نوظف الجدل المادي لقراءة التاريخ وليس هنالك قوالب جاهزة تناسب كل واقع. وهي بذلك تلقي مسئولية تحليل الواقع على الماركسيين الذين يعايشونه.


8 - تحية على هذا الموضوع الراهني ياسعيد؟؟
نزيه الزياني المغربي ( 2017 / 4 / 29 - 13:32 )
تحية للمبدع سعيد زارا ..رفيق دربي العزيز سعيد أنت تعرف أكثر من غيرك لماذا لم أعد أتابع حتى مايكتب وينشر في حينه في الحوار المتمدن ومنابر اعلامية أخرى ولا على الفايس..ولكن اسمح لي ان ادلي بدلوي فيما كتبت على صفحات هذا المقال الغني في التفاعل مع الرفيق النمري ....عالم اليوم عالم طفيلي ماكان له ان يكون على هذا الوجه القبيح لولا الاسباب التي نتفق بخصوصها ...عالم هو في -فترة موت سريري -ستنتهي هذه الفترة الضبابية في القريب المنظور...نهايتها ستضعنا حتما امام احتمالين لاثالث لهما ..الاحتمال الاول هو انهيار جميع الطبقات المعادية للاشتراكية وهي التي تسود وتحكم عالم اليوم ...الاحتمال الثاني هو حرب نووية كارثية تلوح بوادرها في العالم بشكل واضح اليوم أكثر ...ككل ماركسي أرجح الخيار الاول الذي يفتح الباب امام اشتراكية بدون ديكتاتورية البروليتاريا ولا أتمنى الخيار الثاني رغم ان التمني لايصنع التاريخ ...مهمة الماركسيين هي الانتظام في عصبة أو اتحاد وتدارس جميع الخيارات الممكنة وأية اشتراكية ممكنة ؟ وبدون ذلك في نظري فالكارثة قادمة لامحالة ...لاأزع الاحباط وبالقدر نفسه لا ازرع الوهم ..تحيتي لك سعيد


9 - تتمة.....
نزيه الزياني المغربي ( 2017 / 4 / 29 - 14:10 )
السؤال المفصلي الذي يجب ان نطرحه اليوم هو على الشكل التالي :هل ستنهار جميع الطبقات المعادية للاشتراكية ؟ نعم أم لا في المستقبل المنظور على الأقل وذلك بناء على تحليل سديد وعلمي للواقع ؟؟؟ أقر بلا لف و لا دوران أن جميع الوقائع على الارض تؤكد هذه الحقيقة ..حقيقة ان الطبقات المعادية للاشتراكية هي في وضع التلاشي والانهيار التام ....وهذا كان حتميا ومتوقعا بالنظر انها تسود وتحكم و لاتملك -نظاما اجتماعيا - يطعم جياعه بل للدقة نقول هي -اللانظام- هي الفوضى في كل شيء....من الجهة الثانية اذا كانت هذه الطبقات المعادية ستنهار وانهيارها بدأ مند أكثر عقدين من الزمن لمن ستتجه ديكتاتورية البرولياتريا المنتظرة ؟؟هزيمة 2008 ماهي الا حلقة من حلقات الموت البطيء لهذه الطبقات المعادية للاشتراكية ؟؟ الاجابة العلمية على هذه الاسئلة ستساعدنا قطعا في الجواب على السؤال الكبير : اية اشتراكية نريد؟؟ الماركسية علم ولاتهاب الواقع أي واقع في تبدلاته وتغيراته .....أنت تعرف ياسعيد ان القضية التي أثرتها في مقالك كانت محط نقاش يومي مباشر بيننا ...تحيتي لك رفيقي على هذا الابداع

اخر الافلام

.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم


.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام