الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الماركسية الايديولوجيات : من 1968 حتى اليوم (1)

موسى راكان موسى

2017 / 4 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


كتاب وجدته مصادفة في مستودع للكتب بسعر زهيد (100 فلس) ، إتضح لي فيما بعد أنه لا وجود لأية مراجعة للكتاب لا في الحوار المتمدن أو في غيره ، و رغم أن الكتاب يتسم بالجدة و الجرأة إلا أنه نوعا ما مجهول في الوسط العربي ، لذا قررت نقل ما كتبه المؤلف لوسيوكوليتي أو لوتشيوكوليتي من مقالات بين عامي 1979 و 1982 و التي أمست فيما بعد كتابا بعنوان (( افول الماركسية )) .


الكتاب : افول الماركسية . المؤلف : لوسيوكوليتي . ترجمة : نظير الجاهل ، سعود المولى . بيروت ـ دار الامالي . الطبعة الأولى 1988 .


ملاحظة : النقل سيقتصر على ما كتبه لوسيوكوليتي ، فكل إضافة أو تعليق للمترجمين لن ينقل إلا إن دعت الضرورة لذلك ــ كذلك الهوامش لتصرف المترجمين بها .


***


من ماركس إلى لين بياو (ص 11 ـ 15) :


في عام 1967 [ أي قبل سنة واحدة من انفجار الحركة الطلابية في أوروبا الغربية و من غزو قوات حلف وارسو لتشيكوسلوفاكيا . و في أوج احتدام و تطور الأحداث العاصفة (( للثورة الثقافية )) الصينية ] ، دُعيّت (( الثقافة الماركسية )) للإحتفال بمناسبتين اجتمعتا للمرة الأولى في نفس الموعد و هما : الذكرى المئوية لنشر كتاب كارل ماركس (( رأس المال )) ، و ذكرى مرور خمسين عاما على إقامة السلطة السوفياتية في الإتحاد السوفياتي . و على وجه الإجمال ، كانت الاحتفالات المقامة في هاتين المناسبتين باهتة صامتة ، لا لون لها و لا رائحة لولا خروج مجلة (( مونثلي ريفيو )) [ التي كان يديرها يومذاك ليوهيو برمان و بول سويزي ] على المألوف و تميزها الإستثنائي بتخصيص أعداد تشرين الثاني و كانون الأول (نوفمبر و ديسمبر) 1967 للمناسبتين و الكلام عنهما .


في الافتتاحية التي كتبها مديرا المجلة للحديث عن مئوية رأس المال ، جرى التركيز أساسا على موضوع محوي و هو (( أن التاريخ قد سار وجهة مغايرة لتلك التي توقعها كارل ماركس )) . فبعد فشل ثورات الموجة الأولى لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى ، كفت أوروبا عن أن تكون مركزا للحركات الثورية الأممية . و منذ ذلك التاريخ أفلتت المبادرة الثورية من أيدي (( حفنة البلدان المتطورة )) [ كما كان يسميهم لينين ] و ذلك لصالح (( ضحاياها )) أي الأغلبية الساحقة من سكان العالم .


أما وجهة النظر التقليدية القائلة بأن الثورة الاشتراكية هي مسألة تخص البلدان المتطورة أساسا ، و أن مصير بقية أرجاء العالم يتوقف على فشل أو انتصار بروليتاريا هذه البلدان ، فإنها (أي وجهة النظر هذه) لم يعد لها أي معنى و ذلك منذ عقود من السنين ....


و هذا الأمر هو بالضبط ما شرحه هيوبرمان و سويزي في مقالتهما . و كان لينين قد خمن حدسا وقوعه ، في آخر مقالة نشرت له (( من الأفضل أقل ، شرط أن يكون أحسن )) . (و هي مقالة نشرت في البرافدا في 2 آذار ـ مارس 1923 ـــ ترجمتها العربية في الجزء الرابع من مختارات لينين ، دار التقدم ، موسكو 1968 ، ص 301 ـ 322) . و رغم قدم هذا النص فإن الماركسية ظلت تفتقد عملية استخلاص و وعي الدروس و الاستنتاجات التي كان يطرحها لينين آنذاك .


فالغلبة في أنماط التفكير و التنظير كانت حتى ذلك الوقت تعود للوجهة المرتبطة بالأنموذج القديم (( المتغرب )) لماركس . لقد وُلدت الرأسمالية من رحم الاقطاعية ، و هي عززت سلطتها بفضل الثورة البورجوازية [ أي ثورة تقودها البورجوازية بالتحالف مع العمال و الفلاحين ] . و حسب هذا النسق الفكري ، فإن الثورة البروليتارية و بداية الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية ، تأتي بعد مرحلة الثورة البورجوازية تلك و فقط بعدها ، و في بعض الحالات مثل حالة الثورة الروسية عام 1917 : مباشرة بعد ذلك .


لقد استمر تطبيق هذا (( القالب )) بهدوء على أوضاع المستعمرات أو البلدان التي كانت مستعمرة و التي تشكل غالبية سكان العالم . و كان يتم مقارنة (( تخلف )) هذه البلدان بالحالة الاقطاعية الأوروبية ، و مقارنة (( البورجوازيات المحلية )) برأسماليي التجارة و الصناعة الغربيين في لحظة انطلاقهم و صعودهم [ و التي وصفها ماركس باللحظة الثورية و قال أن البورجوازية هي ثورية كونها تحطم الاقطاعية . و منها استخلص الماركسيون (( وطنية و ثورية )) البورجوازيات المحلية في البلدان (( المتخلفة )) ـ ملاحظة المترجم ] . و كانت الامبريالية قد لجأت في سبيل تدعيم سيطرتها إلى التحالف مع الملاك العقاريين فتم افتراض أنه في هذه الحالة ، ستأخذ البورجوازيات المحلية (في المستعمرات) على عاتقها قيادة النضالات ضد الاقطاعية كما ضد الامبريالية . و أنه سيكون من واجب الثوريين الذين يمثلون مصالح الجماهير إسناد البورجوازيين في هذا النضال المزدوج الأهداف . و إن النصر سيتلوه الاستقلال الوطني ، ثم الاصلاحات الديموقراطية البورجوازية ، و بداية النضال أو الصراع الجديد : النضال في سبيل إنجاز الثورة البروليتارية و الاشتراكية .


و في الحقيقة (يقول الكاتبان) و في كل الأماكن التي جرت فيها محاولة تطبيق هذه النظرية ، أنتج ذلك فشلا و كارثة . و قد أعاد هيوبرمان و سويزي التذكير بالمثال الكلاسيكي لتشانغ كاي تشيك و حزب الكيومنتانغ ، و هو مثال جعلت الأممية الثالثة منه أنموذجا عند الحديث عن ممثلي البورجوازية الوطنية الذين يناضلون ضد الاقطاع ، و الذين انقلبوا (بعكس توقعات التحليل) إلى القتال ضد حلفائهم الشيوعيين و نظموا ضدهم مجازر إبادة جماعية . و لكن القراء الذين كانوا يقرأون النص في سنوات 67ـ68 كان بوسعهم تذكر مثال أكثر مأساوية و أكثر راهنية من مثال الكيومنتانغ : إنه حادثة ذبح و قتل أكثر من مليون شيوعي في أندونيسيا (قبل ذلك التاريخ بوقت قصير) على أيدي سلطة عسكرية تطورت و نمت في ظل حكم سوكارنو .


إن الموضوعة القائلة بأن مركز ثقل الثورة العالمية قد انتقل منذ زمن طويل من المراكز الاستعمارية الصناعية الغربية إلى المناطق المتخلفة و الفلاحية في آسيا و أمريكيا اللاتينية ، قد أضحت في نهاية الستينات أكثر من مجرد أطروحة نظرية ، و إنما حقيقة واقعة لا جدال حولها . و كانت ذكرى و تأثيرات الثورة الكوبية لا تزال تنبض بالحياة ، و غير مجرّحة ، في تلك السنوات .


صحيح أن عام 67 قد شهد سقوط تشي غويفارا في بوليفيا بعد محاولة فاشلة قام بها لإثارة و استنهاض حرب غوار ريفية ، غير أن موته ، (و رغم أنه قد وجه ضربة قوية للخط القائل بأن تجربة فيديل كاسترو تصلح لأن تكون أنموذجا لبقية بلدان أمريكا اللاتينية) كان لا يزال يستثير بعض الآمال .


يضاف إلى ذلك إن حرب فيتنام و هجوم (( التيت )) الشهير عام 68 قد أعطيا لهذه الموضوعة سندا من الحجج بدت حاسمة الإقناع :

(( إن شعبا متخلفا و فلاحيا ريفيا لم يجرؤ فقط على تحدي أكبر قوة صناعية و عسكرية في العالم و إنما توصل أيضا إلى تغيير مصائر النزاع و تحويلها باتجاه مصلحته )) . أما هذا النزاع فقد كان و لفترة قريبة من الزمن يُعتبر في الغرب على أنه محنة يائسة لا أفق لها .


كان كل شيء يشير إذن إلى صحة التحليل الاستراتيجي الذي صاغه و قدمه لين بياو في خطابه الشهير : (( عاشت حرب الشعب الظافرة )) . إن هذا النص قد كتب في الحقيقة في عام 1965 . غير أن الاطلاع عليه أو بالأحرى انتشاره على مستوى جماهيري واسع ، لم يحصل في الغرب إلا في ربيع 1969 ، أي في الفترة التي كانت فيها تطورات (( الثورة الثقافية )) و أكثر من ذلك : تطورات حرب فيتنام ، تبدو و كأنها تأكيد حاسم لصحة التحليل .


إن نص لين بياو هذا (و قد كتب بمناسبة الذكرى العشرين لانتهاء الحرب مع اليابان) كان يهدف أساسا إلى إعادة التذكير و إعادة استحضار (( الخصوصية الكبيرة )) للثورة الصينية بقيادة ماوتسي تونغ .


كتب لين بياو أن ثورة أكتوبر قد جرت في ظروف و إطار بلد أمبريالي هو روسيا القياصرة . أما الثورة الصينية فقد جرت على العكس من ذلك في بلد شبه مستعمر ـ شبه اقطاعي ... إن الثورة الأولى قد كانت اشتراكية ، بروليتارية ، و هي اندلعت بانتفاضة مسلحة في المدن ، و لم تحتل المناطق الريفية إلا في فترة لاحقة . أما الثورة الثانية فهي عكس الأولى ، و بعد مرحلة طويلة كانت فيها بشكل أساسي ثورة ديمقراطية و فلاحية ، انتصرت بفعل نضال قواعدها في الأرياف و محاصرة المدن شيئا فشيئا وصولا إلى الاستيلاء عليها نهائيا .


إن نص لين بياو كان من ناحية ثانية أكثر من مجرد استحضار تاريخي : فلقد كان يحدد للبلدان المتخلفة في العالم ، الاستراتيجية التي اتبعتها الثورة الصينية تحت قيادة ماوتسي تونغ كنموذج و مثال للاحتذاء . و قد كتب لين بياو يقول :

(( إننا إذا نظرنا إلى العالم بشمولية فإنه بالإمكان اعتبار أمريكا الشمالية و أوروبا الغربية (( المدن )) بينما آسيا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية هي (( الريف )) . إن الحركة الثورية للبروليتاريا في البلدان الرأسمالية في أمريكا الشمالية و أوروبا الغربية تراوح مكانها مؤقتا منذ الحرب العالمية الثانية و ذلك لعدة أسباب . في حين أن الحركة الثورية لشعوب آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية قد تطورت بحيوية فائقة . و بمعنى من المعاني فإنه يمكن القول بأن الثورة العالمية تعيش اليوم حالة جديدة حيث نجد (( المدن )) و قد حاصرتها (( الأرياف )) . و باختصار و كخاتمة نقول أن القضية الثورية العالمية تتوقف اليوم على النضال الثوري لشعوب آسيا و افريقيا و أمريكا اللاتينية حيث تعيش الغالبية الكبرى من سكان الأرض )) .


و يستخلص لين بياو من ذلك الاشارة إلى المسؤولية الجسيمة التي يتحملها خروتشيف و خلفاؤه (( التحريفيين )) في موسكو ، حيث أنهم كانوا مرعوبين من احتمال وقوع نزاع نووي و لذا فضلوا اتخاذ موقف ضد تصدير و نشر (( الحروب الشعبية )) في العالم ، متجاهلين و غافلين عن أن الامبريالية ليست سوى (( نمر من ورق )) و إن ثورة الشعوب المتخلفة ستضعف هذا النمر قبل قلبه و إسقاطه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الماركسية ليست ايديولوجيا
فاخر فاخر ( 2017 / 4 / 13 - 18:44 )
من يعرف الماركسية على انها ايديولوجيا يجب أن يمتنع عن الكتابة في الماركسية
المارطسية علم التطور وخاصة التطور الإجتماعي
يبدو أنك ولين بياو لا تعرفون خروشتشوف ودوره في قيادة الحزب الشيوعي
كي تقرأ التاريخ قراءة صحيحة عليك أن تقرأ نقد سعيد زارا لمقال الماركسي البارز فؤاد النمري الموجود الآن في الحوار المتمدن
كنت أحسبك ماركسياً
لو كنت كذلك لعلمت أن ثورة ماوتسي تونغ ما كانت لتنجح بغياب الاتحاد السوفياتي
ماو نفسه قرر ذلك

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل


.. فلسطينيون في غزة يشكرون المتظاهرين في الجامعات الأميركية




.. لقاءات قناة الغد الاشتراكي مع المشاركين في مسيرة الاول من اي


.. بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..شرطة جورجيا تفرّق المتظ




.. الفيديو مجتزأ من سياقه الصحيح.. روبرت دي نيرو بريء من توبيخ