الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السنونو والحوت

نواف خلف السنجاري

2006 / 1 / 24
الادب والفن


استيقظ قبل الظهيرة بقليل، تناول طعامه، لم يكن فطوراً ولا غداءاً. تمطى، تثاءب .. كان خالياً من النشاط والحيوية، غنياً لحد لا يجعل للطموح أي فسحة من مساحات
روحه الفارغة. لقد تعود الحصول على أي شيء يرغبه منذ كان طفلاً، ولم يكافح يوماً للحصول على ما يرغب فقد ولد ومعه كل ما يريد. لذلك أصبح جشعاً كحوت لا يشبع، مستعداً لأن يخطف اللقمة من يد طفل يتيم، حسوداً يستكثر(الحمى) على الفقير المريض لأنه لم يذق طعم المرض في حياته كلها. وعلى الرغم من زوجاته الثلاث فقد كان يشتعل رغبة لمزاحمة أي شاب على حبيبته الجميلة ومع كل ما يملكه من سيارات كان يود أن يحصل على كل سيارة جديدة تدخل المدينة. هو نفسه لا يعلم ما يملك من أراضي زراعية ومع ذلك فهو متأهب لمصارعة اضعف الناس للحصول على قطعة ارض هي المعيل الوحيد لمعيشة عائلة كاملة. بينما كان جالساً في مزرعته طرق سمعه صوت ناي حزين لأحد الرعاة يرثي طفله الوحيد بأغنية تبكي لها عيون السماء وينفطر لها قلب الأرض القاسي بنغمات ملائكية ترعرعت على شفاه يبّسها الحزن والحرمان، صادرة من قلب أتعبه الأنين والسهر، لأول مرة أحسّ بالحاجة الى البكاء وأدرك بلحظة علوية بان كل ما يملك لا يساوي تلك العذوبة ولا يعادل شيئاً من ذلك الحزن الشفاف، فتمنى حينها فقط أن ينقلب راعياً حزيناً..
المنقذ
بينما كان يقود سيارته انتبه فجأة لطفل صغير يمشي على سطح احد المنازل التي ليس لها سياج أو مانع حديدي (درابزين). أوقف سيارته أمام المنزل وضغط على جرس الباب كالمجنون، عندما خرج والد الطفل أشار السائق الى السطح وركض بكل سرعته بأتجاه الدرج، وصل خلال ثوان ولحسن الحظ استطاع أن يمسك طرف قميص الطفل قبل أن يسقط. لم يعرف الوالد كيف يشكره وخرجت والدة الطفل وإخوته يصافحون السائق ويغمرونه بعبارات الشكر والامتنان. وفي خضم هذا الجو الاحتفالي حضر بعض الجيران فأزدحم المنزل والكل سعداء لنجاة الطفل. عندها خرج السائق وصعد الى سيارته مودعاً إياهم مسروراً لأنه أنقذ حياة ذلك الكائن البريء، وما أن تحرك بضعة أمتار حتى سمع أصوات الجيران (انتبه.. انتبه.. هوب هوب) نزل فزعاً صعق تماماً وكاد يغمى عليه عندما نظر الى أسفل سيارته ليجد نفس الطفل مضرجاً بدمائه تحت عجلاتها الخلفية.
المنتحر
هرعت الى منزل جاري عندما سمعت صوت طلق ناري، وصلت متأخراً قليلاً عن بقية الجيران الأقرب شاهدته مرميا وقد اخترقت الرصاصة جنبه الأيسر، وبسرعة نقلوه الى المستشفى كانت ملامح الانتصار على وجهه أقوى من ملامح الموت.. قرأت الورقة المتروكة على الطاولة (بعد خمسة وثلاثين سنة اكتشفت إن جميع طرق حياتي خاطئة لذلك قررت أن اسلك هذا الطريق).. زرته في المستشفى فوجدته مستلقياً على سريره وقبل أن أحييه قال مبتسماً: "انظر إلي لقد فشلت حتى في الانتحار" !! .
حجر عثرة
قبل حلول الظلام بقليل، حوّل بعض المشاكسين الحجر الكبير من الجهة اليمنى من الزقاق والتي تستقر فيه منذ أكثر من عشرين سنة الى الجهة الأخرى، وعندما عاد (بيان) الى منزله الواقع في نهاية الزقاق كان الظلام دامساً والكهرباء مقطوعة، ولكنه يعرف طريقه جيداً وقبل أن يصل الى مكان الحجر انتقل تلقائياً الى الجهة الأخرى من الزقاق، لكنه فوجئ بالحجر وعثر به ووقع فأنكسرت زجاجة الراشي التي يحملها، فما كان منه إلاّ أن يعود ليشتري زجاجة أخرى، عندها خرج الجيران وشاهدوا الحجر وقد تحول من مكانه الأصلي وأمامه بقايا الزجاج والراشي المنسكب، عرفوا فوراً إن بعض المشاكسين حوّلوه من مكانه لذلك أعادوه الى مكانه الأصلي لكي لا يعثر به احد المارين من سكان المحلة، وعندما رجع (بيان) هذه المرة وقبل أن يصل الى المكان المشئوم غير مساره لتلافي الحجر وهنا كانت المصيبة! فقد اصطدم بالحجر مرة أخرى! وبدأ يصرخ: من حوّل هذا الحجر بحق السماء..؟! خرج الجيران ومعهم الفانوس ليشاهدوه ممدداً على الأرض وقد تلطخت ملابسه بالوحل فلم يتمالكوا أنفسهم واغرقوا في الضحك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع