الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مئوية أكتوبر 1917 : هل يعود اليسار أم يبقى فى انتظار جودو

عمرو عبدالرحمن

2017 / 4 / 14
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


بقلم / عمرو عبدالرحمن
فجرت الثورة المصرية السؤال الكبير ومفاده: هل أعلن اليسار المصرى إفلاسه أم أن صحوة قد تكون مرتقبة، من الممكن أن تعيده إلى مكانه تحت الشمس مجددا بعد أن سقط بعيدا عنها – بفعل فاعل – على مدى عقود حالكة الظلام؟؟

تساؤل مرير بكل تأكيد، لا يفوقه مرارة سوى محاولة الإجابة عليه .. فى ظل استسلام رموز التيار الاشتراكى طويلا لفكرة انتظار “جودو” المخلص .. الذى لم يأت إلي الآن وربما لن يأتي أبدا..

وعندما تحركت جحافل “الدهماء” بأصابع جماعات متآمرة وموالية لجهات دولية معادية للوطن، عبر ذلك الفعل العشوائي الذي ارتدي مسوح “الثورة”، انطلاقا من يوم الخامس والعشرين من يناير، ثم الثامن والعشرين من يناير، لم يسقط فقط هؤلاء الرموز في الفخ المنسوج لهم، بل بدا معظمهم كما وأنهم يحاولون اللهاث خلف الشباب – معظمهم من الليبراليين – الذين نجحوا فى قلب المائدة على القوى التقليدية على الساحة السياسية فى مصر .. فكانت النتيجة أن انكشف الجميع، عندما اتضحت حقائق المشهد، بخلفياته العالمية، الماسو – صهيونية، الرامية لتخريب ما تبقي من استقرار في المنطقة، عبر تذويب حدود دولها، كمرحلة ثانية من اتفاقية “سايس بيكو” الاستعمارية.

والمؤكد أن اليسار المصرى قد استيقظ أخيرا بعد سبات عميق، عاش فيه طويلا على أحلام الزعامة والانتصارات الجماهيرية التى تحققت فى زمن “جمال عبد الناصر”.

وفى ظل هذا الانفصال عن الواقع – إبان الحقبة المباركية السوداء – وجدت العديد من القيادات اليسارية نفسها وقد تم إقصاؤها من المشهد السياسى، فانزوى الكثيرون منهم فى طى النسيان ولجأ بعضهم إلى الالتصاق بجدر التنظير من بعيد، فيما رضخ آخرون للواقع الصعب فعقدوا صفقات مشبوهة مع النظام الحاكم كان أبرز ملامحها مشاركة أحزاب اليسار – دونما استثناء – فى مسرحية العرائس المتحركة التى كانت تلهى الناس وتضفى المصداقية على عملية السطو السياسى التى كان بطلها الأول والأوحد هو الحزب الحاكم تحت الشعار “الوطنى” الشهير: من أجلك أنت.
وقد تأكدت هذه الصفقات عندما رضى البعض – حزب التجمع علي سبيل المثال – بمقعد وحيد فى مجلس الشورى لصالح زعيمه المستهلك تاريخيا، “د. رفعت السعيد” .. فى مقابل المشاركة فى شرعنة الانتخابات المزورة بوقاحة سياسية غير مسبوقة عام 2010.

ولكن عندما حركت أحداث 25 يناير المياه الآسنة علي الساحة السياسية المصرية، شهدت ساحة اليسار ما يشبه الانقلاب الداخلى على القيادات (المتحفية) التى لا تزال تحاول العض بالنواجذ على مواقع السلطة فى الأحزاب الاشتراكية.

فانتفض شباب حزب التجمع معلنين الاعتصام الذى استمر لأيام للضغط على د. رفعت السعيد وحاشيته، للتنازل عن مواقعهم لصالح شباب الحزب الأقرب للثوريين الجدد والأكثر توحدا مع أهداف الثورة التى كان على رأسها المطالبة بالعدالة الاجتماعية التى تعد حلقة الوصل الرئيسية بين فكر الثورة المصرية وبين أجندة اليسار المصرى والعالمى.

ولا شك أن صحوة اليسار التى جاءت كرد فعل على الثورة المصرية، لم تشمل مصر وحدها، بل شهدت ميادين العالم إرهاصات ثورية جادة تبدت تجلياتها فى التظاهرات والاعتصامات التى قادتها قوى اليسار الجديد فى مئات من مدن العالم تحت شعار “OCCUPY”.

حيث دعت شعوب العالم إلى ( احتلال ) مدنها التى اغتصبتها قوى الصهيو – أميريكية وأصحاب الشركات متعددة الجنسيات المتهربين من دفع ضرائبهم، تاركين هذه المهمة لمواطنى الطبقة الوسطى فى عديد من دول العالم شرقه وغربه.

إلا أنه وبالمقابل، فقد فشلت الحركات الأحزاب اليسارية التى تكونت بعد الثورة فى حشد ثقة المواطنين فيها، على الرغم من أن المصريين لا يزالون يحنون لشعارات مثل “الاشتراكية” و”العدالة الاجتماعية” و”الفقراء أولا”.

حيث وبدلا من أن تتوحد تلك القوى مثل حزب “التحالف الشعبى الاشتراكى” وحزب “العمال الديمقراطى” – تكونا بعد الثورة – و”تيار التجديد الاشتراكى” الذى تكون قبيل الثورة فيما اعتبر أكبر دليل على خروج اليسار الجديد من عباءة اليسار التقليدى، فإن معظم هذه القوى انخرطت فى تكتلات ذات أغراض انتخابية براجماتية بحتة، وحيث سرعان ما تسربت عوامل التحلل لتلك الكيانات القائمة على تحالفات لا يجمع بين المشاركين فيها حد أدنى من التوافق فى أجنداتهم السياسية.

والمتابع لسياق الأحداث في الشارع السياسي والعمل الميداني، علي مدي أعوام ثلاثة مضت، يكتشف بسهولة أن أعضاء ما اصطلح علي تمسيتها بالحركات والائتلافات التى ظهرت عقب ليلة التنحي الحالمة، (بعيدا عن جماعة الإخوان “الإرهابية”، وحركة “6 أبريل المحظورة”، المتآمرتين مع النظام العالمي الجديد، المستند للفكر الماسوني المدمر)، كانوا إما من المستقلين أو منتمين لتيارات متعددة ومتشابكة، بما فيهم اليساريين – جنبا إلى جنب والليبراليين ورذاذ بعض القوى الإسلامية التي انكشفت حقيقتها سريعا عندما سارعت بخلع رداء “الثورة” والتموضع في أركان نظام الحكم الفاشي الذي سقط بعد عام فقط، وفي نفس يوم اعتلائه عرش مصر – زورا وتهديدا وتنكيلا بالمصريين.

وتجسدت مجددا حالة الانفصال عن الواقع من جانب قوي اليسار، حينما فقدت بوصلتها الجماهيرية، التي ( كفرت ) بجميع رموز السياسة التقليدية وهؤلاء المحسوبين علي “يناير الماسوني”… وقررت الانضواء تحت لواء جيشها، باعتباره عامود الخيمة الأخير والوحيد الذي كان ( الأقل والأبعد ) تأثرا بعوامل الفساد والإفساد البائد……. فإذا بقوي اليسار تنقسم بحدة، بين الذوبان في شلال الثورة الهادر والمتفجر منذ يونيو 2013، وبين الوقوف كحجر متقلقل، صوته أكبر بكثير من جحمه الحقيقي، ما يؤهله لمصير التحول إلي غثاء سيل، بما يهدد الوجود اليساري كاملا، ربما علي المدي القريب.

ثم كان التحول التراجيدي القاصم لمسيرة اليسار بالتحالف الذي تشكل من وراء ستار بين بقايا اليسار ، قديمه وجديده ، وبين جماعة الاخوان الارهابية ، وهو التحالف الذي مهما ادعي هذا الطرف أو ذاك أنه " تكتيكي " وليس " استراتيجي "، إلا أنه يمثل الخيانة الكبري للنظرية الاشتراكية ، وحتي الماركسية (الوجه المتطرف للاشتراكية) .. وأزعم أن لو كان الزعيم " ناصر " حيا " لتعامل مع " الاشتراكيين الاخوان " تماما كما فعل مع الجماعة الارهابية ايام الستينات .. وكما تعامل الرمز "جيفارا " مع خونة الشعوب وعملاء الأعداء .. بالحديد والنار .. وهو ما يستحقونه بحق الله.

إن اليسار المصري بات في مواجهة وجود ، فإما أن يعود بنضاله المأمول إلى واجهة الساحة المشهد السياسى فى مصر، متماهيا مع شعبها وجيشها وجبهتها الموحدة، ضد أعداء الوطن المتمترسين خلف دعم لا محدود من قوي الاستعمار العالمي، بحيث لا مجال للخروج من هذه المعركة الكبري التي اقترب وطيسها، سوي بانتصار مدوٍ أو بضياع مصر، الدولة والأرض، – لا قدر الله – وإما يعود إلى كرسيه القديم بجوار مدفأة الذكريات …

ويبقى السؤال: هل يعود اليسار أم يبقى فى انتظار جودو؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل


.. القوات الروسية تعلن سيطرتها على قرية -أوتشيرتين- في منطقة دو




.. الاحتلال يهدم مسجد الدعوة ويجبر الغزيين على الصلاة في الخلاء


.. كتائب القسام تقصف تحشدات جيش الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم




.. وزير المالية الإسرائيلي: إبرام صفقة استسلام تنهي الحرب سيكو