الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة بعنوان (استعادة)

منار عبدالهادي ابراهيم

2017 / 4 / 15
الادب والفن


كان وقتاً استثنائيا من السعادة والفضول . فبعد ان تمكنت من اجتياز حالة شبه الادمان التي خضتها لفترات طويلة في موقع فيسبوك ، دخلت وبدافع الفضول , متدثرا تحت غطاء ذو ملمس حريري في غرفتي الخاصة المظلمة والباردة بفعل جهاز التكييف والمحاطة بعدد من الكتب ، تطبيق تويتر لأرى حسابي فيه . لم اكن ممن يقضون جل وقتهم في هذه التطبيق الذي يختص بالتدوينات الصغيرة ، بل كان دخولي مقتصرا على التدوين في بعض المناسبات او الاحداث التي تتطلب صخب جماهيري او لمتابعة الرأي العام حول قضية معينة , فاقوم بأغلاقه بعدها , لذا كنت مطمئناً بأني لن اهدر وقتي فيه كما كان يحصل في المرات السابقة مع فيسبوك . كنت اعرف عدد من الفتيات في ذلك الموقع لكني لم اكن اعطي لاحداهن اي اهمية تذكر رغم محادثاتي العرضية والمزاح الذي يحدث معهن في المحادثات الجماعية وخط الاحداث في بعض الاحيان ، فقد كنت ارى ان الوقت الذي امضيه معهن في التحدث برتابه يمكن ان اقرأ فيه مقالة او صفحة من كتاب في اسوء الاحوال . تصفحت رسائلي الواردة . لقد كنت عضوا في احدى المحادثات الجماعية التي شكلها بعض الشباب للاتفاق على وسم عراقي موحد يطلقوه لينافس الوسومات العربية والاجنبية التي تظهر في الحسابات العراقية كأعلى نسبة تدوين . كان هناك بعض الفتيات الجدد اللآئي لم اتحدث معهن من قبل في تلك المحادثة ، كما افتقدت بعض الصديقات ممن كُنَّ كثيري التواجد فيها. تكلمت مع بعض الفتيات الجدد بدافع الفضول لأتعرف عليهن وكذلك لابداء رأي في موضوع ما كان مطروحا في تلك المحادثة . لم تكن كرم طبيبة الاسنان الجميلة واحدى اعضاء المحادثة لتمر علي مرور الكرام ، كما كنت افعل مع العديد من الفتيات والنسوة . ارآئها ، طريقتها في النقاش ، حجم المعرفة التي تحملها ، اجتماعيتها وطرافتها وحتى انفعالها . جعلتني ارى فيها انعكاس لجوانب عدة من شخصيتي التي لم ارى لها انعكاس انثوي في السابق بالرغم من علاقاتي الكثيرة مع النساء . من اول محادثة خاصة لها معي امتلكت فكري وصرت لا ارى غير ما تكتب ولا اسمع غير مال تقول . ارسلت لي صورة لوجهها . كانت جميلة جدا ، اجمل من الصورة التي رسمتها لها في مخيلتي . كانت تكبرني بسبع سنين ، لكني رأيت فيها روحاً طفولية تجعلها اصغر حتى من عمري الذي كان في ربيعه الثالث والعشرين . لم استطع الخروج من التطبيق بسبب الوقت الرائع الذي كنت اقضيه معها . تكلمنا باهتماماتنا، بحياتنا الخاصة وما نحب ونكره . لم اعرف الرابطة التي جمعتني بها ، فتارة اقول احببتها وتارة اقول معجب بها وتارة اقول انها بمثابة اختي او صديقتي . وبمرور الوقت , اصابت عقلي حيرة جعلتني افقد زمام المبادرة في اتخاذ قراري وصارت العاطفة هي المتحكم الرئيسي فيما اقول وافعل ، فقد كانت هذه الانسة الغريبة استثنائية , ربما انا الوحيد الذي اراها كذلك فالاخرون يرون فيها امرأة تقليدية . طلبتُ منها ان نتكلم على تطبيق ماسنجر ، فلم اكن راغباً في ان ابقى في تويتر الذي يضيّع وقتي ولم اكن ايضا راغبا بخسارتها في الوقت ذاته . "انا لا احب فيسبوك ومعظم وقتي اقضيه في تويتر" قالت وهي مشغولة في نشر تغريداتها على الوسم الذي انطلق حينها . فكرتُ ان احصل على رقم جوالها كي اكلمها بتطبيقات لا علاقة لها بفيسبوك وتويتر كفايبر او تيليكرام ، لكن هذا يحتاج الى تقارب اكثر نحوها . كان التقرب منها وجعلها تشعر بالثقة والارادة بان ترسل لي رقمها من تلقاء نفسها يحتاج وقتاً طويلاً قد يكلفني الكثير من الوقت والجهد . لذا قررت المضي بسبيل اخر لدفعها على ما اريد ، وقد ساهمت اليد الخفية التي جذبتني نحوها بان اندفع فيه اكثر دون النظر الى المرايا فاخذ حذري في ذلك الطريق المزدحم ، صرت اغرد لها بتغريدات هي عبارة عن غزل وكلام في الحب والاشارة اليها في خط الاحداث . لقد طلبتُ اذنها قبل ان افعل هذا الشيء ولم تعترض وقتها بل كانت تتفاعل في بادئ الامر مع ما كنت اكتبه تجاهها . أخذتُ اكتب لها دون ان اشعر ان ابيات شعر الغزل وعبارات الحب تلك اعطت انطباعاً لمن قرأها بأننا على علاقة حب منذ زمن طويل على الرغم من وقت تعارفنا القصير ، وكذلك اظهرت الموقف بالصورة التي ما كنّا نريدها قطعاً . انقلبت الامور شيئاً فشيئاً حتى اخذت منحاً اخر لم اكن اتمناه قطعا . فقد طلبت مني كرم ان اتركها بسبب حجم الاحراج الذي حدث لها بسبب تلك التغريدات " منار هناك الكثير من المعارف يتابعونني .. ماذا سيقولون عني بسبب تغريداتك.. ارحل عني ارجوك .. اعتبرني غير موجودة او تصرف وكأنك لم تتعرف علي اصلا " قالت ذلك لي . كانت تريد دفع الاقاويل التي ربما تكون قد أُثيرت او قد تُثار مستقبلاً من قبل المجتمع المريض الذي يعيش بعقدة الكبت والحرمان . وربما كان الامر اكبر ذلك , فحب يجمع امرأة مع شاب يصغرها بسبع سنوات قد لا يكون مقبولا منطقيا بالرغم من ان العاطفة لا تعترف بالمنطق في احيان عدة , كنت اعرف هذه الحقيقة ولكني كنت عاجزا على الوقوف امامها , لكنها وقفت امامها بشجاعة , ففي الوقت التي كانت تلمح لي بهذا الشأن كنت لا اصغي لغير صوت العاطفة . بعد كلماتها الاخيرة تلك واصرارها العجيب عليها , ادركتُ حجم الخطأ الذي ارتكبته! خطا في اطلاق العنان لقلبي ليحب امرأة اكبر مني بكثير لم التقي بها في الواقع حتى, وخطا في تغزلي المستمر بها امام الملأ . كما كنت قبل ذلك ممن يعتقدون بفكرة عدم امكانية نشوء حب حقيقي في مواقع التواصل الاجتماعي ! حاولتُ اعادة الامور الى نصابها لنعود اصدقاء كما كنا في بدية تعارفنا, لكنها كانت قد حسمت امرها بان تنهي الامر . قدمت اعتذاري لها ، ثم ودّعتها كما ارادت وعيني تغرق بالدموع ، فانا لم اخسر صديقتي التي احبها فحسب ، بل ظهرتُ بصور لم اكن ارغب ابداً ان اظهر بمثلها امام احد . الشخص الغير مسؤول كما وصفتني اخر مره وحين انتهى كل شيء كوني لم اصغي لكلامها يوما بعدم التكلم معها بحب في المرات القادمة امام الاخرين ، الشخص اللحوح الذي يسعى وراء امر انتهى , العبثي الذي ترك المنطق وصار يجري وراء غرائزه والضعيف الذي لا يقوى امام عواطفه " . لكن فجأة . مسحتُ الدموع من عيّنَي . ثم مسحتُ الرسائل والتدوينات كي لا تذكرني بما حصل ، كانت لحظة غريبة لم افهم ما الذي كان يسيرني فيها ، غادرتُ المحادثات الجماعية ، الشيء الذي دفع بعض صديقاتي الاخريات للتحدث معي بشكل خاص حول السبب . "سأخذ استراحة من تويتر ولم يحصل شيء" كان جوابي لهن مقتضب وسريع . غادرتُ تويتر ومسحت تطبيقه من هاتفي الايفون . وبسرعة دخلت الى احدى التطبيقات التي ساعدتنًي في قراءة رواية شيفرة دافنشي لدان براون واكمال صفحاتها التي تقارب الخمسمائة صفحة بأربعة ايام فقط ، وهممت بعدها لاكمال كتاب اخر . لقد استعدتُ وقتي .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع