الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغز اختطاف سوزانا أوستهوف

علي آل شفاف

2006 / 1 / 24
الارهاب, الحرب والسلام


يوما بعد يوم تتزايد الشكوك والتساؤلات حول عملية اختطاف الآثارية الألمانية "سوزانا أوستهوف", التي عاشت في العراق منذ أكثر من عقد من الزمن, واعتنقت الإسلام, وتزوجت برجل عراقي, كما أنها تجيد التكلم بالعربية. فقد خطفت في ظروف غامضة في 25 تشرين الثاني الماضي, مع سائقها المدعو "خالد الشيماني", الذي أعاره إياها شيخ "دليمي", للقيام برحلة إلى "أربيل" لغرض فتح مركز ثقافي هناك. وقد اتهمت بعض الأوساط الألمانية هذا الدليمي بالإختطاف. وكذلك اتهمت سائقها الذي اختفى عندما تم إطلاق سراحهما في 18 كانون الأول الماضي, في ظرف أكثر غموضا من ظرف اختطافهما.
فما علاقة هذا (الشيخ الدليمي) بهذه الألمانية ليهبها هذا السائق؟
وهل هو نفس أو مرتبط بضابط المخابرات "الدليمي" الذي تعرف عليها في السفارة الألمانية في بغداد في التسعينات, ومن ثم أجر لها منزلا لتسكن فيه؟

ما أثار الاستغراب والاستياء والانزعاج أيضا في الأوساط الألمانية, هو التصرفات والتصريحات والمقابلات التي قامت بها "أوستهوف" بعد إطلاق سراحها. منها مسارعتها في الذهاب إلى إمارة "قطر" لغرض إجراء مقابلة تلفزيونية مع قناة "الجزيرة" على وجه الخصوص, كأول ظهور إعلامي لها بعد الاختطاف. وقد تفاجأت الأوساط الإعلامية الألمانية بموقف الرهينة السابقة في هذه المقابلة, لأنها امتدحت معاملتها من قبل الخاطفين, ووصفت المكان الذي احتجزت فيه, بأنه أفضل من الكثير من الأماكن الأخرى في العراق. وتساءل البعض عن أسباب تفضيلها «الجزيرة» على القنوات الألمانية في منح أول مقابلة لها بعد اختطافها. وأثار تصريحها من هناك برغبتها في العودة إلى العراق مرة ثانية, على الرغم من احتمال خطفها مرة ثانية, غضب السلطات الألمانية؛ مما اضطر السفارة الألمانية في بغداد الطلب من السلطات العراقية عدم السماح لها بدخول العراق, حفاظا على سلامتها. ومنها أيضا تصريحها بأنها لا تعتقد أن خاطفيها كانوا مجرمين, ومنها ظهورها بالنقاب (قناع يغطي كامل الوجه باستثناء العينين) في هذه المقابلة, و"متبرجة" في مقابلة مع قناتيNTV و ZDF الألمانيتين. وعندما سألت عن ذلك كانت إجابتها غير مقنعة, في أنها كانت عند شيخ مع النساء وكانت ترتدي ذلك هناك, ولم يتوفر لها الوقت الكافي للتهيؤ للمقابلة. كذلك فإن عدم اتصالها (تلفونيا) بابنتها ذات الإثني عشر عاما إلا بعد أسابيع من إطلاق سراحها, وتحججها بأنها تعبة وأن هناك "صعوبات تقنية" تمنع من اتصالها بابنتها!! قد أثار الاستغراب لدى الكثيرين.

آخر المفاجآت التي (قد) تمثل تفسيرا واضحا لتصرفاتها وتصريحاتها الغريبة, هو ما ذكره "هوبرت غوده" "Hubert Gude" المحرر في مجلة "فوكز" "Focus" الأسبوعية الألمانية يوم السبت ‏21‏/01‏/2006 في تقريره الذي سينشر يوم الإثنين, ونقلته وكالة "رويترز": أن موظفا في السفارة الألمانية في بغداد وجد في ملابس الألمانية "سوزانا أوستهوف" عندما ذهبت للإستحمام في السفارة, مباشرة بعد إطلاق سراحها, عدة آلاف من الدولارات. أخبر هذا الموظف على إثرها الخارجية الألمانية, وعندما قارنت الشرطة الألمانية (دائرة الجرائم الإتحادية) أرقام تسلسلها, مع أرقام تسلسل الأوراق النقدية التي دفعتها الحكومة الألمانية للخاطفين كفدية لإطلاق سراحها, وجدتها مطابقة!!
وقد بذلت جهود حثيثة, من أجل الحصول على تعليق من "أوستهوف" على هذا التقرير, عن طريق والدتها وصديق, فلم تفلح تلك الجهود. فيما رفضت الناطقة باسم وزارة الخارجية الألمانية التعليق على التقرير.

ولتفسير هذه الملابسات الغريبة التي تبدو منها ملامح لعبة, قد تكون سياسية, أو مخابراتية, أو إعلامية, أو عملية نصب واحتيال؛ أمامنا عدة احتمالات:

أولها ما ذكرته وكالة United Press International (UPI) الأمريكية في التاسع من هذا الشهر. فقد ذكرت هذه الوكالة أن "سوزانا أوستهوف" تعمل لصالح المخابرات الألمانية BND. وقد كلفت من قبلها بالإلتقاء مع شخصية إرهابية بارزة في تنظيم القاعدة قد تكون "الزرقاوي", وذلك حسب مصادر ألمانية مطلعة . . . وأكدت هذه المصادر, أن "أوستهوف" تعمل لصالح ال BND في العراق, وأنها سكنت لمدة من الزمن في بيت آمن تابع للمخابرات الألمانية في بغداد. وأشار تقرير وكالة UPI إلى أن العمل كآثاري هو غطاء مخابراتي تقليدي, استعمله "لورنس" الذي يعرف بـ "لورنس العرب" في بدايات القرن الماضي, إلا أن علم الآثار هو تخصص "سوزانا أوستهوف" الحقيقي. وقد ذكر المصدر الألماني أنها كانت تعمل على ترتيب لقاء مع شخصية من تنظيم القاعدة لصالح عميل للمخابرات الألمانية, ولم يذكر ما إذا تم هذا اللقاء, أم لا.

ثانيها ما ذكره مصدر آخر (من مصادر وكالة UPI) في برلين, تم الاتصال به تلفونيا, (وهو) أن عملية الاختطاف قد تكون نتيجة للتنافس بين المجاميع (الإرهابية), التي ربما تكون من نفس المنظمة. أي ـ ربما ـ جاءت "أوستهوف" للمهمة أعلاه برفقة سائقها, لكنها صادفت مجموعة أخرى لا تعرف مهمتها, أو اختطفتها كونها صيد ثمين, قد تحصل منه على فدية بالملايين من الدولارات.

وثالثها هو كونها كانت (مستضافة وليست مختطفة) وهذا ما تدل عليه ظروف اختطافها. حيث وصفت في مقابلتها مع قناة "الجزيرة" المكان الذي احتجزت فيه بأنه أفضل من كثير من الأماكن في العراق, ومدحها لمعاملة المختطفين أو "المستضيفين" وكذلك عدم وصفهم بالإرهابيين . . . إلخ من الدلائل التي تقوي هذا الرأي. وهو متمم للاحتمال الأول.

ورابعها أن عملية الاختطاف (مفبركة), بالاتفاق مع "سوزانا أوستهوف" لغرض الحصول على المال لصالح الإرهابيين, لتغطية تكاليف عملياتهم الإجرامية, وربما لصالحها معهم . . وهذا ما يؤدي إليه الخبر الوارد أعلاه في مجلة FOCUS"" الألمانية الأسبوعية. وكذلك ما يؤدي إليه تعاطفها الشديد مع المختطفين المفترضين.
إلا أن الخبر أعلاه قد يكون (مفبركا) من قبل المخابرات الألمانية نفسها, لغرض إبعاد فكرة أنها كانت تنوي الاتصال بأحد أعضاء القاعدة البارزين فجعلت "أوستهوف": كبش فداء.

يبقى الاحتمال الأضعف في كون العملية هي عملية اختطاف تقليدية لأغراض سياسية, كما نسبته هي
ـ في مقابلتها مع "الجزيرة" ـ إلى مختطفيها.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع