الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعى

محمد السعدنى

2017 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


فلنتاجر فى المهاجر ولنفاخر
بمزايانا الحسان ..
ماعلينا إن قضى الشعب جميعاً
أفلسنا فى أمان..؟
رب ثار رب عار رب نار
حركت قلب الجبان ..
كلها فينا ولكن لم تحرك ..
ساكناً حتى اللسان.
- نسيب عريضة -
لا أعرف على وجه التحديد من كان شاعرنا السورى الأصل يقصدهم بهذه الكلمات التى كتبها فى أمريكا مهجره الاختيارى حين أسس فى بدايات القرن العشرين "الرابطة القلمية" مع مجايليه جبران خليل جبران، إيليا أبو ماضي، ميخائيل نعيمة، عبد المسيح حداد، رشيد أيوب، ندرة حداد ووليم كاتسفليس. هل كان يستشرف قادم الأيام السوداء لبلاده الثكلى المغدورة المستباحة، التى تدفع ثمناً باهظاً للرعونة العربية قبل البلطجة الدولية، أم كان يقرأ الغيب وعذبه ماسوف نعايشه نحن ونكابده مع كثيرين من بارونات محيطنا السياسى العام فارغى الفؤاد بلا أمل فى امتلاء، إلا المغانم والمناصب، وتايكونات إعلامنا خماص العقل بطان الكروش، المتعالين فى غير شأن والمتعالمين فى غير معرفة أو ثقافة. ترى الواحد – الواحدة- منهم وهو يصرخ فينا يعلمنا الوطنية والأخلاق وينعى علينا القعود عن نصرة الوطن الذى يخشى على دولته السقوط والتفكك ولا يجد من يسنده إلاه حامى الحمى، فتنتفخ أوداجه بالكذب وتكتسى كلماته برطانة تافهة، فلا تملك إلا أن تضحك وتراه متمثلاً قول الشاعر الأندلسى أبو بكر بن عمار وهو يصف الكذبة المدعين حين تتلبسهم البطولة عنوة فيحكون ماليس فيهم: كالهر يحكى انتفاخاً صولة الأسد.
ولا أعرف من وضع فى مخيلاتهم المحدودة أن الدولة هشة إلى حد أن يستطيع إقتلاعها أحد أو يهدد كيانها ويفككه أحد. ياسادة هذه دولة راسخة عريقة على مدار التاريخ ومنذ أرادها الله كنانته فى الأرض، ولم تصبح شبه دولة إلا بفضل أفاعيل الهواة من أمثال حضراتكم وحكومات أطفال الأنابيب ومجالسها المهندسة وراثياً على مقاس المتنفذين من الأجهزة التى لايروق لبعضهم إلا محدودى الكفاءة فى كل المواقع، ياسادة الدولة لم تكن ولن تكون أبداً طبقاً من الجيلى مثل عقولكم الخفيفة يمكن لأى أحد أن "يلخبطه ويدلقه". ولا أعرف من أين أتيتم بمثل هذه المقارنات العار التى تؤذون بها مشاعر الشعب الكادح المجهد: إحمدوا ربنا أنكم مش سوريا ولا العراق" أو تقول إحداهن وكأنها خرجت علينا من حواديت أمنا الغولة: "إحمدوا ربنا إنكم عايشين وبتلاقوا عيش تاكلوه"، عيب هذا تطاول وقلة أدب ولا ينبغى أن تسمح الدولة بمثله فى حضرة الشعب القائد والمعلم وهو صاحب العصمة والسلطة والشرعية والقرار. هذا ما قاله عنه جمال عبد الناصر، وكرره بشكل أو بآخر عبد الفتاح السيسى، وإن كان نقضه فى غير موضع حين أكثر من توجيه النقد للشعب حين توجب النقد وواجب المساءلة والحساب للحكومات والوزراء والأجهزة والمسئولين.
وأقولها لكم وبكل وضوح وصراحة ليس بين الشعب والرئيس إلا أنتم بغبائكم وممارساتكم وتطاولكم. الشعب انتخب الرئيس وفوضه ويمكن أن يقبل منه أو يرفض، وهذه علاقة الحاكم بالمحكوم كما يؤطرها عقد اجتماعى بمشيئة الشعب يتم تجديده أو عدم تجديده كل أربع سنوات، أما أنتم فلم ينتخبكم الشعب، وليس بينكم وبينه تفويض أو تعاقد، فكيف تستبيحون لأنفسكم ماليس لكم ولا ينبغى أن يكون لكم. أنتم مفروضون علينا والأغلبية منا لا تصدقكم ولا تمثلون لهم إلا فارق، اللهم إلا الإضرار بعلاقة الشعب بالقيادة، وأنتم تسيئون لهذه العلاقة أية إساءة وتحملون الرجل أكثر مما يحتما ولا تمثلون لنا إلا الدبة التى تؤذى صاحبها حين أرادت أن تذب عنه.
وسبق أن كتبت لكم وقلته مرات فى لقاءات التليفزيون أو تصريحات للمواقع الإخبارية : عاونوه بالنصيحة والمصارحة – أقصد الرئيس - لا بفرض الوصاية على الشعب ومعايرته والمن عليه، فلا هذا يقبله الشعب ولا أظنه يرضاه الرئيس الذى اختاره الشعب وصنعه على عينه. أن يرضى الشعب عن سياسات الرئيس وانحيازاته أو يرفضها أو يطلب تغييرها وتعديلها هذا شأن الشعب والرئيس، وعلى نواب الشعب أن يحققوا مشيئته – أقصد مشيئة الشعب – لا مشيئة – د. على عبد العال ولا شريف إسماعيل وحكومته ولا الأجهزة ومسئوليها.
هذا الوطن ملك للشعب وهو أثبت مسئوليته وتفانيه فى حبه والنضال من أجله رغم ظروف قاسيه مررت عليه معيشته، وأشاد الرئيس بحكمة الجماهير وتضحياتها، بينما أنتم تسوغون لفشل الحكومة وتعايرون الناس. تطلبون منهم التقشف وأنتم ترفلون فى بلهنية العيش، تتحدثون عن الوطنية بينما كثيرين منكم كم يعرف الناس أنهم باعوا أنفسهم وضمائرهم لبارونات البزنس الحرام ممن أثروا على حساب الشعب. إنهم يتاجرون بنا وأزماتنا، يشعروننا بأننا لسنا مواطنين فى بلادنا وأراضينا، لكأننا لقطاء أو رعايا فى المهجر. ونحن أول من يعطى وأول من يحتمل ويضحى وغيرنا يتربح ويثرى. وهل نسينا؟ صندوق تحيا مصر الذى حاربه سادتكم، وهل نسينا من الذى مول القناة بمدخراته البسيطة؟ إنه الشعب الذى فعلها إيماناً بالرئيس الذى توسع ممارساتكم البائسة المسافة بينهم كل يوم. هل تريدون أن تعرفوا ماذا قال عنكم الباحث الفرنسى المعروف "جاك ديبون" فى لقاءه مع الـ CNN الأمريكية فى أعقاب الثورة المصرية الذى نعى فيه حرق المجمع العلمى من بعض الموتورين الأغبياء والإساءة إلى الجيش المصرى الذى تحترمه جيوش العالم: " من الممكن أن تدفع لأحد الفتيات أوالشباب أوالإعلاميين ألف يورو وتطلب منه فعل أي شياء لتدمير تاريخ هذا البلد الغني بتاريخه، سيفعل دون أي تفكير برغم أن الذي لا يعرفه الكثيرين عن هذا البلد أن الإعلاميين والمشاهير والمثقفين والكتاب هناك يملكون ملايين الدولارات ولا يساعدون مثلآ أي مستشفى للفقراء، وعند حدوث حرب في مصر هؤلاء المشاهير سيغادرون بلادهم". وإن كنت لا أوافقه على طول الخط، فليس هذه مصر التى نعرفها ولا هؤلاء وهؤلاء هم المصريون، كما لا نعرف من أين أتى جاك ديبون بكل هذه الثقة المتناهية فى صدق أطروحته ونفاذها بشكل مطلق، اللهم إلا أن سمعة البعض منكم وفضائحكم تعدت حدود البلد ووصلت للآخرين يعايروننا بها.
هذا كلام ثقيل وملمسه خشن، لكن ماحيلتنا ونحن نراكم كل يوم تقولون مالا تفعلون، تأكلون مع الذئب وتبكون مع الراعى. ولعل الأمل لايزال قائماً معقوداً على تشكيلات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلان والهيئتين: الوطنية للصحافة والوطنية للإعلام الصادر بها قرار رئيس الجمهورية، أن تضع حداً لهذه الممارسات التى تزعج الناس وتحط من قدرهم وتسئ إلى دولة نقف جميعاً بكل أرواحنا فداء لها.
يا سادة: يامن ترون القشة فى أعين الآخرين، ولا ترون الخشبة فى عيونكم، استقيموا وراجعوا أنفسكم، فنحن نعرف أن كثيرين منكم يأكلون مع الذئب، ويبكون مع الراعى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي