الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب يحتاج تركيا اليوم على قائمة الاعداء...

حسين القطبي

2017 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


متى كانت تركيا بلدا ديمقراطيا حتى يخشى الاعلام عليها من تسلط الديكتاتورية؟ ليس عسيرا على المتابع للوضع التركي ان يكتشف ان الاجراءات "الديمقراطية" لم تكن سوى طلاء خارجي، دأب الغرب على تجديده مثلما يجدد ديكور سفاراته في مناسبات الكريسماس والاعياد الوطنية.

للمتابع، نظرة اردوغان "الديكتاتورية" لا تختلف عن سياسات البرلمان "الديمقراطية"، لا في درجة قمع الحريات العامة، فاليسار لم يكن افضل حالا في تركيا قبل اردوغان، ولا في حل المعضلة القومية، كالمشكلة الكوردية، والارمنية، وحقوق عرب الاسكندرونه، ولا وضع الاقليات الدينية، مثل العلويين الذين يشكلون الاغلبية في مناطق كثيرة في الاناضول، كان افضل، في زمن الحكومات "الديموقراطية"، مما هو عليه في زمن اردوغان "الديكتاتوري".

ولان الديكتاتورية في هذا البلد لا تختلف عن ديمقراطيتها، فعلى ما يبدو، مايجري هو اعادة طلاء الجدار الخارجي لقصر "جانكايا"، وتغيير لونه فقط، حسب متطلبات "مزاج" الوضع الدولي والاقليمي.

سابقا، في مرحلة الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي، كانت صبغة الديمقراطية في تركيا ضرورية، من اجل اضفاء شرعية على قبولها كعضو في حلف الناتو، ولتقديم المساعدات المالية الغربية والاسلحة الاسرائيلية لها، كترسانة عسكرية مواجهة لموسكو من جهة القفقاز.

ولكن الذي انكشف، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي مباشرة، هو تخلى الغرب عن فكرة "تركيا ديمقراطية"، ورفع نصيب الاحزاب الاسلامية للمرة الاولى، ووضع حزب الرفاه، لاحقا حزب العدالة والتنمية الحالي، على راس السلطة، متمثلا بزعيمه نجم الدين اربكان، عام 1996م كاول رئيس وزراء اسلامي منذ انهيار الدولة العثمانية وتاسيس الدولة التركية عام 1923م.

ووصول رئيس وزراء اسلامي الى الحكم، يعني بالضرورة قيادة البلد نحو نهاية ديكتاتورية، كون الاسلام السياسي يحمل ايديولوجيا وارث وممارسات تتنافي بالاساس مع قيم واسس الديمقراطية.كما ان التيارات الدينية هي الاكثر تقبلا لفكرة ديكتاتورية الفرد الواحد، من ديكتاتورية البرلمان، ديكتاتورية البرلمان تخلق تعددية في الاراء تتنافى اساسا مع احادية الاحكام الدينية، ومصادرها التشريعية المعروفة.

ولا يخفى على احد، ان الاسلام السياسي، واردوغان بالتحديد، لم يكن ليصل الى الحكم وحصد هذا الرصيد الشعبي لولا الدعم الاقتصادي الغربي المباشر، الذي ساهم بانتشال البلد من ازمة خانقة تدهورت فيها قيمة الليرة التركية الى ادنى مستوى لها تاريخيا.

الدعم المالي المفاجئ الذي ضخ في اقتصاد تركيا مع وصول اردوغان للحكم، عن طريق القروض القليلة الفائدة، والتغيير السريع والملموس في حياة المواطنين الاتراك، ساهم في رسم صورة لاردوغان في الشارع التركي، على انه الرجل الذي يحمل العصى السحرية، وكأنه يخطط وفق برنامج اقتصادي من شأنه ان يعافي البلاد من امراضا المزمنة، ويحد من هجرة العمالة التركية الباحثة عن العمل الى اوربا. الخ.

فوق هذا، فالدعم الغربي للتيار الديني المتشدد لم يكن ماليا فحسب، بل عسكري ومعنوي اكثر، فالسكوت عن جرائم تهريب مقاتلي الدولة الاسلامية الى سوريا، والصمت ازاء العمليات العسكرية في شمال كوردستان، كان شكلا اخر من الدعم المعنوي لاردوغان، ولسياساته.

يكفي هنا ان اشير الى زيارة انجيلا ميركل الاخيرة، ففي الوقت الذي كانت تجمتع فيه مع اردوغان، على الكراسي الذهبية، في انقرة، كان الجيش التركي يحاصر مدينة نصيبين الكوردية المنتفضة انذاك، ويمطرها لشهرين متتاليين بقذائف المدفعيات والدبابات والطيران، وسط صمت اعلامي غربي خانق، فكان واضحا حينها ان رئيسة الوزراء الالمانية حضرت لتقديم الدعم المعنوي، للديكتاتور الجديد، لا غير.

اما لماذا يقود الغرب تركيا نحو الديكتاتورية، فهذا احتمال، ان يكون اسم تركيا على اللائحة التي ضمت العراق، ليبيا، اليمن، سوريا... بعد ان انهكها صدام، القذافي، صالح، الاسد.. ولك ان تتخيل وضع كوريا الشمالية بعد فترة ليست طويله..

ربما، فتصريحات السياسيين لا تعكس الحقيقة، وفي مقاهي الفقراء، في اسطنبول، حيث يأخذك دخان الاراجيل والسجائر الممزوج برطوبة البسفور، بعيدا وكانك تدخل في غيمة فوق ساحل البحر الاسود، هناك، تسمع الحقائق اكثر مما تسمعها في السفارة الالمانية او نشرات الفضائيات، او تعليقات وكالات الانباء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات