الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوس الملتهب (من بيروت إلى طهران) والموجة الإيرانية والخطر القادم من الشرق

مفيد ديوب

2006 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


منذ اكتشاف النفط في منطقتنا والذي بات ليس عصب الطاقة بل عصب الحياة كلها في البلاد الصناعية المتطورة ,وبلادنا باتت مطمع وهدفا لإدارات تلك الدول وجيوشها الغازية بغية الاستيلاء عليها وباتت مع تزايد الاحتياجات إلى البترول مسرحا لتنافس وتصارع تلك الدول ومصالحها حتى تكثفت تناقضات العالم كله في هذه المنطقة بعد أن نهضت دولا أخرى باتت في الصف الثاني وحققت تطور لاحق في ميدان الصناعة والتنمية , كما باتت دول العالم الفقيرة أيضا بأمس الحاجة هي الأخرى إلى هذه الطاقة بعدما عجزت عن توفير طاقة بديلة

في ظل صراع القطبين السابقين ( السوفييت والأمريكان ) سعى الطرفان إلى التسابق في تمدد نفوذهما إلى هذه المنطقة ,فوجدا أن مصالحهما تتحقق بالسرعة المطلوبة بدعم الانقلابات العسكرية ودعم الديكتاتوريات التي تنتج عن ذلك, التي تؤمن لكل داعم لها أغلب مصالحه إن لم يكن جميعها , وتزايدت حدة التناقضات بين مصالح القطبين إلى درجة إشعال حروب في هذه المنطقة الهامة بعد أن أضحت الحرب بين تلك الدول على أراضيهم خطا أحمر منذ امتلاك السلاح النووي , وأضحى معها حضور العامل الخارجي في تقرير دواخل هذه البلدان ومصيرها كبيرا وطاغيا , وأضحى مصير تلك الأنظمة الديكتاتورية المدعومة من الخارج ليس متوقف على نجاحها في تلبية تلك المطالب المطلوبة منها في داخل بلدانها فحسب بل أيضا ما يثبت كفاءتها في الإمساك بأوراق إقليمية ولعب أدوار إقليمية في البلدان المجاورة , كما وجدت هذه الأنظمة أيضا مصالح إضافية في هذه الأوراق الإقليمية, وعلية بنت استراتيجيها على هذا الأساس 0 كما لم يفتها اللعب على حبال تلك التناقضات العالمية 00 وكانت الشعوب هي الخاسر الوحيد بين حجارة رحى ذاك الصراع حروبا وضحايا وتدمير مستقبل الأجيال وقطع طرق التنمية0

إلا أن التحولات العالمية المتسارعة منذ سقوط الاتحاد السوفييتي إلى أحداث /11/ أيلول واندفاع الأمريكان (الطلائع المقاتلة ) للقطب الرأسمالي المهيمن إلى الهيمنة على المنطقة بذاتها وبدون وسائط , وعليه تم احتلال أفغانستان وتشّجع الأمريكان بعد الانتصار السهل والرخيص إلى احتلال العراق بعد سحق حلفاء الأمس من الموجة الأسلاموية 0

إلا أن قراءتهم الخاطئة للكثير من المسائل في الوضع العراقي الناجمة عن غطرستهم وعدوانيتهم مثل حلّ الجيش وتدمير الدولة ومؤسساتها , مكنّت فلول الطالبان المهزومين لتوهم ومن التحق بهم ,من استثمار أمثل لهذا الفراغ الأمني السياسي, وهذه الفوضى التي حلت بالعراق بعد سقوط نظام صدام حسين, وتشكيل قوة جديدة وشروعها في مشروعها الأسلاموي الخاص في الصدام مع الأمريكان ومع العملية السياسية وتشكيل الدولة الجديدة وقواها ,مشكّلة إعاقة قوية للأمريكان ومستنزفة لقدراتها المادية والبشرية والسياسية 0

ـ كان المستفيد الأكبر على المستوى الإقليمي ـ وربما العالمي ـ النظام الإيراني وجناحه المتشدد الذي تمكن من الوصول إلى السلطة بعد أن تمكّن من تحشيد خزانه الاحتياطي ـ الذي كان متراجعا في مرحلة حكم الرئيس خاتمي ـ بعد استنفار شحنته الدينية الأصولية وشحنته القومية المتشددة وملهبة الذاكرة التاريخية أيضا , فتحّولت هذه الموجة المحمولة على حامل الأيديولوجية الدينية المتعصبة الأصولية والنزوع القومي الشوفيني الحالم بتكوين إمبراطورية مشابهة لإمبراطورية الأكاسرة والفرس,وبذلك تكون قد تحوّلت ـ مع توّفر حاملها الاجتماعي ـ إلى موجة فاشية مرعبة, تهدد كل محيطها المختلف بالعرق والدين والمذهب والتاريخ والثقافة 0

ـ ويأتي المستوى الثاني من الخطر الكبير بعد تنامي موجته إحساس الطائفة السنية بالخطر مما سيؤدي إلى المزيد من انكفاء هذه الأخيرة على ذاتها ودفعها قسرا إلى تشّدد مقابل, وإلى الاستقطاب إلى قطب يفتش عن عناصر تعصبّية وعنصريّة إضافية , ويحّول المنطقة إلى ساحة تطاحن بين الموجتين 0 وعلى أرضية هذه المعطيات الجديدة والتي تغذيها عدوانية الإدارة الأمريكية وسلوكها المتحيّز إلى جانب إسرائيل, واندفاعها إلى العسكرة والهجوم تأخذ الموجة الإيرانية "مشروعيتها" وغطاءها الأيديولوجي و" الثقافي " بقوة أكبر, مستفيدة بالوقت ذاته من عدائية هذه الشعوب للغرب عموما وإلى الأمريكان خصوصا 0

ذلك كله مكّن تلك الموجة من التمدد والاستقطاب في فضاءها المذهبي الشيعي والقبول والترحيب من الشعوب العربية المختلفة في العرق والمذهب ,على قاعدة معاداة تلك الموجة لإسرائيل و" للشيطان الأكبر" واعتمادها شعارات تحرير القدس , حيث عجزت الشعوب العربية عن ذلك ومنيت بهزائم عديدة وبعدما فشل المشروع القومي في جميع الميادين0

ولم يتنبه العرب والسنة منهم على وجه الخصوص إلا بعد بروز ذلك النزوع الطامع خلال العملية السياسية الانتخابية في العراق وتكّثف نشاط ذاك التدخل الإيراني والتيارات الشيعية الموالية لها عندما طرحت أوراق المرشحين من هذه الفئة وبرامجها المطالبة بتحقيق الفيدرالية الجنوبية الشيعية , فجاء التنبه المتأخر من قبل العرب السنة في العراق في اللحظات الأخيرة وتسارعوا إلى لملمة أطرافهم والانخراط في العملية الانتخابية (بيان موقع من ألف شيخ وإمام جامع ) يدعو السنة وعبر منابر الجوامع أيضا إلى الانخراط في الانتخابات ,إضافة إلى الأحزاب والعشائر والوجهاء السنة ,والإفتاء الحاسم بذلك 0

و من تنّبه مكونات الشعب اللبناني أثر مواقف الحركات الشيعية المدعومة إيرانياً ( حزب الله و حركة أمل ) المتمايزة بما يخص التحقيق و لجانها الدولية0 0

ـ و في المستوى الثالث من خطر تلك الموجه برز مؤخراً و بعنف الرغبة القوية و تكثيف كل الثقل الإيراني لامتلاك السلاح النووي و تخصيب اليورانيوم من أجل ذلك . و خاصةً بعدما ما بات واضحاً الإصرار العنيد الإيراني على ذلك و التصادم الحاصل مع الدول الممانعة، و ظهور ضعف تلك الدول و فشلها في قطع الطريق على الاستمرار في نشاط إيران في هذا المسار( سلماً أو عنفاً ).

مما يجعل بروز تلك النزوع الطامعة و العدائية لشعوب الجوار ( و إعادة إحياء مبدأ تصدير الثورة الإسلامية ) مفروضاً بقوة بعد السلاح النووي و التقليدي معا ، و أمام ذلك ستسقط الأوهام بعد تكشّف زيف الإدعاء بتحرير القدس, و تكشّف أن هذا الادعاء لم يكن سوى الحجة القوية الخادعة التي أخفت بشكل جيد و متقن كل تلك النزوع و على مدى عقود طويلة حتى تمكنت إيران من الوصول إلى أبواب غايتها ( إنتاج القنبلة الذرية ) .

و ليس ما يساعد إيران على تحقيق غاياتها إنتاج القنبلة الذرية و حسب, بل الذي سيساعد أكثر حالة الشعوب العربية المشلولة و انسداد الآفاق جميعها أمامها, و حالة اليأس و الإحباط بعد عدة هزائم قومية ووطنية أما إسرائيل, و هزيمة مشاريعهم القومية و الوطنية و فشلهم في مشاريع التنمية الاقتصادية و البشرية و تفاقم الأزمات و ديمومة ديكتاتورية الأنظمة, و هدر الثروات الوطنية و نهبنها و تهريبها, و عجز قوى الديمقراطية و اليسار و العلمنة0 مما يجعل هذه الشعوب مشلولة و عاجزة و مشوشة الرؤية و الانتماء و بحالة موات الطاقة الوطنية و هذا ما سيجعلها مسرحاً مناسباً لتصادم المشاريع الخارجية .

و تأتي زيارة الرئيس الإيراني المتشدد أحمدي نجاة إلى سورية في هذا السياق مؤازراً لسلوك النظام المتشدد في مواجهة المجتمع الدولي و مسألة التعاون مع لجنة التحقيق و الممانع أيضاً للتوجه إلى شعبه بالإصلاحات السياسية و الاحتماء به ، ليزيده تشدداً حتى لو كانت الضحية سوريا, و دعمه المتجدد لحزب الله و حركة أمل أيضا حتى لو كانت لبنان هي الضحية أيضا , وكذلك الأمر بالنسبة للفصائل الفلسطينية في دمشق 0

إن تجدد هذا الحلف ( إيران, النظام السوري, حزب الله ) في هذا القوس الملتهب اليوم لن يخدم شعوب المنطقة بل سيشكل تهديدا إضافيا ـ وربما الأخطر ـ عليها وسيكون الرابح الأكبر هو الموجة الإيرانية 0

فهل يستيقظ العرب العلمانيون والقوميون والإسلاميون قبل فوات الأوان ؟ ! 0









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة