الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد الشعري السوري9 قصيدة النثر بورتريه لأمير مهزوم لمحمد نور الحسيني

أديب حسن محمد

2006 / 1 / 25
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


"بورتريه لأمير مهزوم"لمحمد نور الحسيني
ــــــــــــــــــــــــ
تعدنا مجموعة"بورتريه لأمير مهزوم" بعالم يمتد كاسراً الحلقة الزمانية المحكمة،
عالم يستمد من الماضي أسباب وجوده ومبررات جماله،
ولأن كان هذا العالم الافتراضي قائماً داخل قصائد المجموعة فإن الشاعر يجهد في خلق تواز بين المفترض المتخيل وبين الممكن الملموس،
ولا يمكن والحالة هذه فصل بنية القصيدة دون النظر إليها كحالة واحدة تتكامل من أول حرف حتى نقطة النهاية،
فعلى طول القصيدة يظل هناك ما يقنعنا أننا إزاء حالة شعرية متماسكة لا تدلف من بين أصابع الشاعر
بل تلتف عليها كضفيرة ضوء تنساب في عراء الكون:
"الباب الداكن في الغمام
الباب الموارب على حديقة نائمة في المغاليق
ينتظر أصابعك المتشققة من البرد
خلسة تدلف كخيط رقيق
تتدلى من فضاء الخمائل
ولا تصل إلا كنيزك
لا زال مسكوباً على السياج".......ص63
نحن أمام حالة شعرية متكاملة في هذه القصيدة القصيرة التي عنونها الشاعر"ضيف"
حيث لا يسهو الكلام عن دوره في توليد الفضاء التعبيريّ والحدسيّ للفكرة،
ولا ينحاز الكلام لنوازع الإطالة والحشو والإفاضة عن السياق،
فالنص قادر على خلق أثر يتلو القراءة الأولى،
وهو أثر إمتاعي ناجم في الأساس عن قدرة اللغة على اختراق الحالة وتقديمها في صورة مدهشة.
إن ثراء معجم الشاعر مكنه فيما يبدو من خلق عالم فاتن تختلط فيه الأمكنة والأزمنة
في قالب يستحضر بإتقان عبق الميثولوجيا التاريخية (لاسيما الكردية منها)جنباً إلى جنب مع معطيات الواقع الحاضر،
ولا شك أن النص يدل على سعة اضطلاع الشاعر على خلفيات وتفاصيل الموضوعات التي يتطرق إليها،
هذه الخلفية من قراءات الشاعر وشخوص ثقافته تحضر في نصوصه إما تلميحاً أو تصريحاً،
ويحتل المكان (الجزيرة السورية)حيّزاً أساسياً في استطرادات الشاعر وفي اقتباساته التاريخية،
فهو عندما يتحدث عن الخابور مثلاً يتذكر مالك بن الريب الذي رثى نفسه،
ويتردد في ذهنه البيت المشهور:أيا شجر الخابور مالك مورقاً كأنك لم تجزع على ابن طريف:
"شراع ممزقٌ أنا
أتذمرُ من تمرد الرياح وغثيان الحصى
وأطرب لثمالة الملاحين
أشهق لارتطام السفن باللآلئ والغيوم..
شجر الخابور أنا
وانكسارات الوادي العامر بالأوزار والخاطئات"....ص32
وتسير نصوص الشاعر نحو مرافئها بثقة مسلحة بزوادة عامرة تتمثل بلغة خصبة متوترة
قادرة على توليد البلاغة المطلوبة للإحاطة بالكلام ولإخراجه من حيّز المألوف المتداول..
بهذه البهجة وهذا العراء البليغ
بهذه الحسرات الغامضة وهذا الألم الذي ينمو كالعواء
بهذه الأصابع المتوسلة كالأشواك فوق الشرفات..
بكل هذا يتنهد الشاعر محمد نور الحسيني مضاءً أكثر مما ينبغي..
ـــــــــــــــــــــــــــ
بورتريه لأمير مهزوم
شعر محمد نور الحسيني
إصدار خاص/حمص سوريا 2001
الغلاف لوحة للفنان وليد الحسيني
ـــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟