الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا علينا أن نفعل الآن؟

دوف حنين

2017 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



أمام هجوم اليمين لا يكفي الدفاع. علينا التفكير بهجوم مضاد



** المشكلة عميقة
حتى وإن اختفى نتنياهو غدا عن الساحة السياسية، فسيبقى هنا اليمين العدواني، الذي ينشط لتقليص الحيز الديمقراطي ويهدد بقيادتنا نحو أماكن مظلمة. وهذه ليست فقط مشكلة إسرائيلية. العالم كله تجتاحه موجة عكرة. فمستشار دونالد ترامب، ستيف بانون، وعد ان الثورة الاقتصادية والقومجية التي سيحققها الحكم الأمريكي ستكون "أكثر إثارة من تلك من سنوات الثلاثين". "عرض سنوات الثلاثين يعود. وانا لا اتحدث عن اقتصاد الماكرو"، غرد ايضا الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، بول كروغمان (19.12.2016). يمين عدواني جديد يصعد في غرب أوروبا. في شرق اوروبا يحكم بولندا وهنغاريا، وفي آسيا يحكم تركيا (أردوغان)، الهند (مودي) واليابان (أبي).







ماذا علينا ان نفعل الآن؟ في الاشهر الاخيرة يدور نقاش يقظ حول هذا السؤال. يشمل انشغالا بقضايا مهمة مثل مكانة الجمهور العربي في النضال، أهمية تغيير التعامل مع الجمهور الشرقي وطبعا شكل مناهضة الاحتلال، بعد خمسين عامًا من العام1967. في مقال نشرته قبل أيام اقترحت أن نفكر في السؤال أيضا في سياق أوسع، سياق ما يحدث في العالم عموما. فنتنياهو ليس القائد الخطير الوحيد واليمين العدواني ينمو الآن في العديد من البلاد.
ما هي الأسباب لذلك وماذا يمكننا القيام به حيال ذلك؟ بغض النظر عن الاختلافات المهمة بين المجتمعات المختلفة، فكل عائلة تعيسة هي تعيسة بطريقتها، إلا ان هناك قواسم مشتركة يجب تحليلها. فليس فقط في إسرائيل أصبح الحيز الديمقراطي عقبة للقوى في السلطة. وليس فقط في اسرائيل لا يستطيع اليسار الذي يهرب نحو المركز، أن يكون بديلا لليمين. وليس فقط في إسرائيل هناك حاجة لشراكة ديمقراطية واسعة، بل هناك حاجة لسياسة غير نخبوية توجه الغضب والإحباط للعناوين الصحيحة.
وليس فقط في اسرائيل ممنوع الاكتفاء بالانتظار لانتخابات جديدة. فمن الضروري فهم أن المواجهة تحدث هنا والآن وان علينا بناء الأدوات التي تمكّننا من ذلك.

1.
إن المشكلة أمامنا عميقة وعريضة: فحتى وإن اختفى نتنياهو غدا عن الساحة السياسية، فسيبقى هنا اليمين العدواني، الذي ينشط لتقليص الحيز الديمقراطي ويهدد بقيادتنا نحو أماكن مظلمة. وهذه ليست فقط مشكلة إسرائيلية. العالم كله تجتاحه موجة عكرة. فمستشار دونالد ترامب، ستيف بانون، وعد ان الثورة الاقتصادية والقومجية التي سيحققها الحكم الأمريكي ستكون "أكثر إثارة من تلك من سنوات الثلاثين". "عرض سنوات الثلاثين يعود. وانا لا اتحدث عن اقتصاد الماكرو"، غرد ايضا الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، بول كروغمان (19.12.2016). يمين عدواني جديد يصعد في غرب أوروبا. في شرق اوروبا يحكم بولندا وهنغاريا، وفي آسيا يحكم تركيا (أردوغان)، في الهند (مودي) وفي اليابان (أبي).
لصعود اليمين العدواني جذور مؤسساتية واجتماعية. فعلى المستوى المؤسساتي، تتم معاملة إمكانيات المعارضة والاحتجاج التي يوفرها الحيز الديمقراطي على أنها تهديد من قبل من يريدون الحفاظ لأنفسهم على الامتيازات والثروة. وعندما يُلزم الحفاظ على المؤسسات سحق الانجازات الاجتماعية للعمال، تصبح الديمقراطية حاجزا. فمنذ سنوات السبعين عرّف المنظر صموئيل هنتنغتون، عزيز نتنياهو، المشاركة السياسية على أنها "معوّق للقدرة على الإدارة" للمجتمعات الغربية.
اما على المستوى الاجتماعي، فإن اليمين العدواني الجديد يوفر حلّا لجمهور كبير - ينمو ويكبر - من المتضررين، أناس يدفعون الثمن ويشعرون أن العالم لا يعمل لصالحهم. في الماضي عُرضت ايضا الامكانية اليسارية على هؤلاء الناس، والتي حددت العدو على أنه الموجود فوق - اصحاب رأس المال والعاملين عندهم، الذين يسيطرون على الاقتصاد والسياسة. ولكن عندما ضعفت الامكانية اليسارية، بقيت أمام المتضررين الامكانية اليمينية فقط، والتي تحدد العدو على أنه من في الأسفل: الأقليات، المهاجرون، والآخرون. حيث يتم تصويرهم على أنهم التهديد على المكانة الاجتماعية للطبقات الشعبية.
وهكذا أصبحت مناهضة المؤسسة كأنها لعبة كرة قدم، بحيث فقط فرقة اليمين موجودة على الملعب. اما اليسار فقد فقد البعد النقدي والمناهض للمؤسسة، وأصبح حامي الستاتوس- كفو السياسي والثقافي والاجتماعي - وهو نفس الستاتوس- كفو الذي يشعر الكثيرون أنه يعمل ضدهم. انه صحيح لهيلاري كلينتون في الولايات المتحدة، لأحزاب المؤسسة في اوروبا وايضا للمعسكر الليبرالي في إسرائيل، والذي ينظر اليه على انه بعيد ومتعالٍ.




2.
لكي نفهم صعود اليمين العدواني الجديد لا تكفي مناقشة صفاته. بل علينا تحليل الحقل الاجتماعي الذي يحدث فيه. إن الأوبئة الفاشية موجودة في كل مجتمع. إلا أنه وفي مجتمع "صحي" هناك منظومات حماية تستطيع التغلب عليها. والمشكلة تتشكل عندما تضعف منظومات الحماية. فعندنا تتم مهاجمة الجهاز القضائي والمحكمة العليا من الخارج يتم إضعافها من الداخل. مما يقلل من قدرتهم على مواجهة المس بالعادات الديمقراطية. كما وتتم مهاجمة واضعاف الصحافة والصحفيين، الثقافة والفنانين، الجامعات والعاملين في التعليم العالي. وعندنا أحزاب المركز تنجرف نحو اليمين. كما ان اختفاء اليسار ايضا يساهم في صعود اليمين. في إسرائيل، وأمام اليمين، الذي يتم تقييمه على أنه ناجع، قائد، يدفع بخطوات ويغير الواقع - يقبع اليسار في اليأس ويتم تقييمه على أنه خاسر. فيبقى مناصروه في بيوتهم، بلا فعل ونشاط.
إن عدوانية اليمين في إسرائيل لا تعبر عن قوة. بل إنها تعبر بالاخص عن ضعف. الفنانون ومؤسسات الثقافة مهددون، لأن النقد في الفن يُفهم على أنه خطر. منظمات حقوق الإنسان مُهاجَمَة، لأن نشاطها يُفهم على انه مضر ومزعج لأفعال السلطة. اليمين يختار التحريض، العنصرية والمس بالديمقراطية لأنه لا يستطيع حل المشاكل.




3.
لمواجهة المخاطر علينا ان نتعلم من تجربة الماضي. فسنوات الثلاثين للقرن الماضي لم تكن فقط فترة صعود الفاشية، بل ايضا ايام "الجبهة الشعبية" - وهو وقوف مثير للفخر ضده. لكي نفهمها علينا أن نقف عند الكلمتين: فكلمة "الجبهة" تعكس شراكة واسعة بين ليبراليين، اشتراكيين وشيوعيين، والتي خلقت في فرنسا واسبانيا ولاحقا تم تطويرها كتحالف معاد للنازية بين دول في الحرب العالمية الثانية. اما الكلمة "شعبية" فتحدد أنه لا يجب ان يكون التحالف بين نخب لكي ينجح ضد الفاشية، بل هناك حاجة لجبهة من الشعب تتحدث مع الشعب، وتعكس أزماتهم، غضبهم وإرادتهم الشعبية - بدل ان يتم خطفها من قبل اليمين.







4.
في أماكن مختلفة في العالم هناك بدايات لمواجهة اليمين العدواني الجديد. ففي الولايات المتحدة، بدأت مظاهرة مليون امرأة موجة من النشاط على الأرض، بعدة طرق وسبل. احتجاج لا ينتظر الانتخابات القادمة، بل يحاول أن ينشط هنا والآن - خارج المؤسسة السياسية، ولكن ايضا امام المؤسسة السياسية ومن خلال الضغط عليها، ليجعل صوت الناس ناجحا ومؤثرا. أيضا لدينا هناك حاجة لخطوة كهذه. فلا أهمية لمحاولة إقناع السياسيين من المركز، وهم الذين يحددون وجهتهم وفق اتجاه هبوب الريح. بدل ذلك علينا العمل على خلق ريح مضادة، ما سيؤدي لتبنيهم مواقف أكثر تقدما. إن الاحتجاج في الشارع يؤثر على السياسة.
علينا أيضا أن نفكر خارج الساحة الحزبية. علينا تطوير مساحات نشاط، فعل وإمكانية التأثير على الناس الذين لا يجدون مكانا داخلها وهم غير معنيين بالنشاط الحزبي، ولكنهم يستطيعون إسماع صوتهم والتأثير على الواقع الذي يزداد خطورة. علينا وضع فرقة يسارية في الملعب الاجتماعي، والتي تعرف القيام بما كان يعرف اليسار أن يقوم به: وهو تحديد عدو في أعالي السلطة والمال، وتحديد التحدي بتغيير المؤسسة. ليس فقط حماية الموجود، أمام محاولة ايقاعنا نحو اماكن اكثر ظلاما، بل تغيير المؤسسة كي تضع في المركز الحياة واحتياجات غالبية الناس: الأمن الاجتماعي والشخصي، الدخل، حلول المسكن، التربية والتعليم والصحة الملائمين.
أمام هجوم اليمين لا يكفي الدفاع. علينا التفكير بهجوم مضاد. ونحتاج للفعل. لان الهجوم المضاد يمكن القيام به فقط من قبل حركة واسعة مع رؤيا مثيرة تجعل إسرائيل مكانا حقيقيا لنا جميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا