الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران النووية أخطر أم إيران القمعية

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2006 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


الدولُ الكبرى منهمكةٌ منذ أشهر في إعداد آليات لاحتواء الغطرسة الإيرانية ما قبل النووية . فماذا سنرى إذا ما مضت إيران قدماً إلى اللعب بقنبلتها النووية في شهر آذار القادم كما تؤكد التقارير من عواصم القرار العالمية .
هذا الاحتشاد العالمي حول إسقاط الجنين النووي الإيراني يُنسي العالم المتقدم الأواليّات التي يمكنه أن يعيرها أذناً في إيران أكثر من المفاعلات وبرامج التسلح وتخصيب اليورانيوم ولكن يبدو أنّ كل يبكي على ليلاه , وقضايا الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان هي آخر ما يشجع الغربيين على التحرك والتدخل لا بل هو آخر موضوع يمكنه إثارة فضولهم وخلق حالة قلق لديهم .
أنا لا أظن أن حيازة جمهورية الملالي للسلاح النووي سيغيّر في دور إيران شيئاً فهاهي باكستان وهاهي الهند جارتها صاحبتا أسلحة نووية , ولكن ليستا بقادرتين على استعماله , فاستخدام السلاح النووي يحتاج إلى قلب شجاع ولا أظنه يتوافر هكذا لدى غالبية الدول .
امتلاك السلاح النووي إيرانياً سيدعمها على مستوى البروباغاندا الإسلامية في طبعتها الشيعية ليس إلا ومن شأن ذلك تصعيد الخطاب التعبوي الإيراني وإعادة تصدير الثورة مجدداً بعد أن فرملتها أجواء حرب الخليج الأولى . لا سيما وأن هنالك رئيس متشنج ودوغمائي الآن يحرق أعصاب العالم يومياً بتصريحاته النارية اللامنطقية , ولا فائدة أخرى ترجى من عملية الامتلاك هذه .
إيران الموّجهة عقائدياً تبحث عن دور لها في منطقة تغيرت بناها كثيراً وليس في جوارها ما يُتاخم نزوعها الهيمنوي فالتوازن الاستراتيجي مع العراق اختل وليس هنالك الآن في الحدود الغربية لإيران ثمة جبهة قوية بل على العكس هنالك حلفاء لها وسياسيون عراقيون لن يتنكروا للخبز والملح طيلة سنوات شتاتهم .
والاتحاد السوفييتي القوي بات أثراً من الماضي الشيوعي المجيد !!! ولن تعود راياتُ أكتوبر خفاقة كما يلمح الشيوعيون الفوتوكوبي الذي أدمنوا على قرارات مركز الشيوعية في موسكو .وروسيا الوريثة تبدو بعيدة جداً عن المياه الدافئة ومنهمكة أكثر في همومها الاقتصادية ومشاكل أقلياتها المزمنة .
والحالُ أنْ ليس الملف النووي الإيراني فقط هو الذي يثير الحفيظة الغربية تجاه إيران بل يدخل في إطار ذلك أيضاً التعامل الإيراني السلبي مع الملفات الداخلية والخارجية على حد سواء فإيران كسائر دول المنطقة مكونةٌ من فسيفساء قومي ( الكرد – العرب – البلوج – الأذريون .. إلخ ) وهي مبنية على اندماج هشٍّ وواهٍ ولكن ذلك لا يسهم في تحريكهم كما ينبغي بل يبقى مسكوتاً عنه كما عودتنا هذه الدول .
كان يُفترض في العالم الغربي المتنور والمتباكي على الحريات ألاّ يغفل في تعامله مع إيران مسائل القوميات والحريات السياسية والاجتماعية والثقافية ومسائل حقوق الإنسان فهي إلى جانب سورية من الدول التي أكد تقرير هيومان رايتس ووتش قبل أيام أنها تشهد أكثر من أية دولة أخرى انتهاكات للحريات وحقوق الإنسان ومصادرات منهجية لها كما جرى قبل اشهر في شرقي كردستان ( الجزء الملحق بإيران ) ولا يزال الوضع الاستثنائي قائماً إلى ساعته مع احتفال الكرد هناك بالذكرى الستين لتأسيس أول جمهورية كردية في العصر الحديث , وما جرى كذلكم قبل أشهر في عربستان لهي دلالاتٌ على مدى وعمق الأزمة التي تعصف بإيران وتصيب بالخلل معادلاته الداخلية المؤسسة بعقلية الأمن والحرس الثوري.
النظام الشمولي القروسطي الإيراني عمد قبل يومين إلى ابتكارات النظام العراقي المقبور نفسها في التعامل مع الإنسان واعتباره أداة حماية فقط ليس إلا فهم يحمون المنشآت النووية بجدار بشري يحول دون ضربها من أية قوة خارجية وهذا منتهى انتهاك الإنسانية .
ويُتوقع أن يلجأ النظام الإيراني إلى المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان إذا ما طالته العقوبات الدولية فوت أن يعرض ملفه النووي على مجلس الأمن في عملية فش خلق تجيدها غالبية الأنظمة الشمولية في المنطقة كردٍّ طبيعي على العدو الخارجي وتدخلاته ومن شأن ذلك التطويحُ بالأفق الديمقراطي الجنين في إيران وإضعاف الحراك الديمقراطي الذي يتمثل في طبقة المثقفين وبعض الأحزاب المعارضة والمنظمات الحقوقية والتي يتم ربطها على الدوام بالمشروع الغربي في كل دول المنطقة التي لا تطيق الإصلاح والتغيير الديمقراطي بل على العكس تعتبرهما بدعة غربية لتفتيت الداخل الوطني وكأن هذا الداخل متماسكٌ وليس به أدنى هشاشة أو تكسير مجتمعي يلقى صداه في السياسة والتعامل البوليسي المتعسف.
يقول الخبر المنشور في بعض وسائل الإعلام العربية و العالمية أن أمريكا تدعم بصمتٍ برامج التحول الديمقراطي والمعارضة في إيران عبر وسائل عدة منها : المنح المالية والإذاعة الموجهة إلى إيران
" راديو فاردا " . هذا الدعم الأمريكي الصامت تحت الطاولة سرعان ما ستضع له أمريكا حداً حين تمتثل إيران لضغوط المجتمع الدولي فيما يتعلق بملفها النووي فسياسة توظيف المعارضات في الدول الشمولية يتم لاعتبارات براغماتية , وإلا لما لا تتطرق الإدارة الأمريكية إلى الانتهاكات الإيرانية واسعة النطاق لحقوق الإنسان في كردستان الشرقية ( كردستان إيران ) على سبيل المثال طيلة الفترة الماضية والتي دشنت باغتيال شاب كردي وتوالي مسلسل الاغتيالات واعتقال الصحفيين والكتاب الكرد وإغلاق منابرهم الثقافية وتحويل كردستان إلى ثكنة عسكرية والتنسيق مع العسكريتاريا التركية الطورانية لشن حملات تمشيط عسكرية على طرفي الحدود إلى تاريخ كتابة هذه المقالة , ولم تكتفي بذلك بل حاولت قوى الأمن الداخلي الإيرانية تفريق ما ينوف على 1500 كردي كانوا يجتمعون في الذكرى الستين لتأسيس جمهورية مهاباد الكردية على قبر مؤسسها قاضي محمد يوم 22 من الشهر الحالي .
وضع الحريات الإنسانية والإثنية المغيبة في إيران يستحق التفاتة من المجتمع الدولي لأنه أخطر من استحواذ إيران على القنبلة النووية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-