الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين عيد العمال ومئوية ثورة إكتوبر (1)

عبدالحميد برتو
باحث

(Abdul Hamid Barto)

2017 / 4 / 26
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


علاقة آيار و إكتوبر
قامت ثورتان في روسيا بين شهري شباط/ فبراير و تشرين الأول/ إكتوبر من عام 1917، الأولى أسقطت قمة الحكم القيصري، والثانية أدت الى إستيلاء البلاشفة على السلطة، وإقامة نظام من طراز جديد، يُمثل أولَ حكمٍ للطبقة العاملة وحزبها السياسي في العالم.

تعكس تلك الإنتصارات قوة زخم وتصاعد الأحداث الثورية، التي تحققت خلال أشهر قليلة. والأهم أنها تعكس قدرة الحزب البلشفي على ضبط وتقدير الوقت المناسب للثورة، وتطوير عمله قبل ذلك من أجل إنضاج كل العوامل والشروط الموضوعية لإستيلاء حزب الطبقة العاملة على جميع السلطات في روسيا.

ومن جانب آخر فإن إضرابات العمال في القرن التاسع عشر بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وغيرها، من أجل مطاليبهم المعاشية والنقابية والحقوقية الأخرى، وإحتفالاتهم لاحقاً بتلك المناسبات المجيدة، أي الإضرابات العمالية، منحت ثوار أكتوبر في روسيا عوامل قوة إضافية، وحوافز ملموسة تشد عزمهم، وتعمق أملهم بمستقبل أفضل، خاصة بعد أن إستطاعت النقابات العمالية في أكثر من بلد وضع برامج ملموسة حول حقوقها العادلة.

إن أول نصر للحركة العمالية على الصعيد العالمي، كان متمثلاً على وجه الدقة بإنتصار نضالهم في البدء، بإقرار فترة العمل اليومي، وتحديده بثماني ساعات. ترك ذلك الإنتصار الهام إنطباعات مبررة بالفخر والثقة لدى الحركة العمالية في روسيا، قائمة على الإعتقاد بأن تنامي نضال عمال العالم لا حدود له، وإن آفاقه واعدة جداً. هذه المشاهد الثورية مدت الثوريين الروس بقوة معنوية كبيرة.

وبالمقابل كان إنتصار ثورة أكتوبر 1917 قد منح المناسبة العمالية ـ الأول من مايو/ آيار قوة وتجربة ونفوذاً عالمياً غير مسبوق، وخلق منها مناسبة لا يمكن تجاوزها في كل مكان على كوكبنا، وفي كل وقت.

يمر عيد الأول من مايو/ آيار ـ عيد العمال العالمي هذا العام مقترناً بالذكرى المئوية لإنتصار ثورة إكتوبر العظمى 1917؛ العظمى بطبيعتها وإنجازاتها ومشروعها التاريخي، وحتى بإنهيارها المدوي. وتقترب المناسبتان أحداهما من الأخرى، الى درجة يصعب الإحتفاء بكل منهما منفردة، ودون الإحساس بعرى تشابكهما.

كانت المناسبة الأولى ـ عيد العمال العالمي سنداً تاريخياً لنضال الطبقة العاملة في روسيا وغيرها أيضاً، لأنه يحمل جزءاً مهماً من عبر وتجارب نضال العمال في كل بلدان العالم، وهذا منح عمال روسيا وحزبهم السياسي مزيداً من الضوء المتطلع لعالم أفضل.

كان الأول من مايو/ آيار درساً ملهماً للثورة الروسية الكبرى نفسها، وثورة أكتوبر ساعدت كثيراً في إبراز الوجه المشرق للمناسبة، وعمقت بعده العالمي. يعود اليوم عيد العمال ليحتضن بكل إعتزاز ورفق حلول عام الذكرى المئوية لثورة أكتوبر.

خلال الإحتفال بالمناسبتين الكبيرتين، لا يمكن بكل تأكيد تجاوز إنقطاع نمو ثورة أكتوبر، ودون التوقف عند أسباب إنكفاء تلك التجربة الهامة، ودون التعرف على أسباب ذلك التراجع المؤلم والمدوي، وإستخلاص العبر من تجربة ثورة إكتوبر التي دامت أكثر من 70 عاماً بكل خط سيرها ومنحنياتها إرتفاعاً وهبوطاً. بل ومن الضروري، وعلى وجه خاص، وبالدرجة الأولى التدقيق في العوامل التي أدت الى قطع تلك المسيرة، والأهم التعرف على كل درس يفيد في بناء المستقبل.

بديهي أن أي عمالي أو تقدمي في العالم، وهو يعيش الأجواء الإحتفالية بعيد العمال العالمي، يثق بأن ثورة أكتوبر واحدة من أعظم الثورات في تاريخ البشرية جمعاء، وكانت بداية لمرحلة تاريخية، وإن لم تكمل رسالتها. ثورة نقلت السلطة الى الحزب السياسي للطبقة العاملة، ونقلت بلد أوروآسيوي متخلف الى مصاف الدول الأكثر تقدماً والأكثر قوة في العالم، وبرهنت على إمكانية قيام النظام الإشتراكي في بلد واحدة، وليس بلد واحد فقط، بل في بلد متخلف جداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة نجاح علي طيفور: كيف تغيرت حياته وتحقق أحلامه في عالم صن


.. عودة المعارك إلى شمال ووسط قطاع غزة.. خلافات جديدة في إسرائي




.. القاهرة نفد صبرها.. وتعتزم الالتحاق بجنوب إفريقيا في دعواها


.. ما هي استراتيجية إسرائيل العسكرية بعد عودة المعارك إلى شمال




.. هل خسرت روسيا حرب الطاقة مع الغرب؟ #عالم_الطاقة