الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوريون أيتام على موائد اللئام

محمد جمول

2017 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


السوريون
أيتام على موائد اللئام
محمد جمول


بعد أكثر من ست سنوات من العمل الدؤوب الذي قامت به المجموعات المسلحة لتدمير سوريا من أجل الوصول إلى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان برؤية هنري برنار ليفي وأردوغان وغيرهما، بات واضحا لمن كانوا يجهلون ما يعملون أن سوريا لم تعد سوريا. لقد أنجز هؤلاء ما طلب منهم من تدمير للبنية التحتية والمدارس والمستشفيات والطرقات والنفوس. وادركوا أنهم باستدراج الجيش إلى كل بلدة ومدينة دخلوها، إنما كانوا يختبؤون في هذه الأماكن ليجلبوا لها الخراب ثم يبدأ الصراخ والنواح بحجة أن الجيش يعتدي عليهم ويدمر ويقتل. وبعدها يدخلون مدينة أخرى ويأخذون سكانها دروعا بشرية ليبدأ النواح والبكاءعلى المدنيين الذين يقتلهم الجيش.
وفي مرحلة لاحقة، كان ما ليس منه بد وهو البدء بتصفية بعضهم كعصابات لا تعرف الرحمة ولا تحمل قيمة إنسانية. فكان اقتتالها فيما بينها أشد ضراوة من أي قتال ضد الجيش العربي السوري. وبدأنا نسمع فتاوى التكفير المتبادلة فيما بينهم بعد أن فرغوا من تكفير كل فئات وطوائف المجتمع السوري التي اختلفت معهم في التفكير أو الرأي. وهكذا لم يبق في المناطق التي استولى عليها هؤلاء " الثوار" شخص ينتمي إلى طائفة اخرى او حتى مخالف في الرأي حتى من الطائفة ذاتها. وهكذا تم قتل وتهجير كل شيوخ الصوفية وتدمير مقاماتهم في جميع المناطق التي يسيطرون عليها. وبالمقابل نرى أن المناطق التي تسيطر عليها الدولة تستضيف الملايين من أبناء هذه المناطق بغض النظر عن انتماءاتهم. فصرنا نسمع لهجات جميع المناطق السورية في بلدة لم يكن عدد سكانها يزيد عن خمسين ألفا، لكنه أصبح مضاعفا عدة مرات بعد نشوب هذه الحرب.
بعد كل هذا الخراب والدمار، بدأ السوريون يلعقون جراحهم وقد تنبهوا إلى أنهم جميعا كانوا ضحايا بشكل من الأشكال. بعضهم ضحية التعصب، وبعضهم ضحية الجهل، وكثير منهم ضحية الوهم الذي زرعه في عقولهم أمثال أردوغان وبرنار ليفي كواجهة للصهيونية العالمية التي بدأت تسفر عن وجهها الحقيقي. وكلهم كانوا ضحايا من وظفهم لحفظ أمن إسرائيل ومصالح أمريكا وأوروبا.
هذا الكلام كان موضوع جدال وخلاف شديد يصل درجة العراك قبل أربع سنوات من الآن بين أنصار هذه المعارضة وأي معترض على أفكارهم. أما الآن فقد بات الأمر مقبولا من قبل هؤلاء الأشخاص ذاتهم وباتوا يعترفون أنهم لم يكونوا سوى مطايا لمخططات إسرائيل وأمريكا وأردوغان ومن تبعهم ومول عمليات تدمير سوريا التي بات هؤلاء ذاتهم يحلمون بعودة ما كان فيها من أمان وتعليم مجاني مستقر وطبابة مجانية محترمة ومواد غذائية مضمونة بأسعار هي في متناول كل عائلة سورية.
الآن أدركوا أنهم كانوا المطية والبوابة التي دخل منها كل إرهاب العالم إلى سوريا ، من القاعدة إلى داعش وأمثالهما من الفصائل التي لم تترك آية قرآنية إلا وحولتها إلى شعار للقتل والتدمير لتضفي عليه شكلا من القداسة. وعلى ظهر هذا الإرهاب، بدأت قوى الغرب والصهيونية تجد المبررات اللازمة لها كي تعلن أهدافها الحقيقية على الأرض السورية. ولذلك نرى الأمريكان في الشمال السوري وإلى جانبهم الأتراك يعملون على خلق واقع يصعب تغييره، وفي الجنوب قوات بريطانية وفرنسية تحاول فرض واقع مماثل، وبينهما فصائلهما " المعتدلة" مستمرة في القتل والتخريب والتدمير. كادت الصورة تكتمل مع بدء إسرائيل باعلان مطالبها في المنطقة وتحديدا في سوريا: عليكم أن تبعدوا عن حدودي كل ما يمكن أن يزعجني في المستقبل أو يشكل خطرا على مصالحي، حتى ولو كان طفلا فلسطينيا عنيدا في مخيم اليرموك. وبذلك تكون المعارضة السورية " المعتدلة " جدا قد حققت أهدافها . ولكن أهداف من؟ لن يكون هناك من يسأل السوريين- في مهاجرهم ومقابرهم وخرائب بيوتهم- ماذا تريدون وما هو وجعكم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي