الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(( حسن عاشور بلم شعري على ضفاف كارون ))

حسناء الرشيد

2017 / 4 / 30
الادب والفن


ظننتهُ ( النواب ) للوهلة الأولى لاستماعي لــ ( اردود يخنگني الربيع ) بصوته ولكني عدلتُ عن رأيي هذا أخيراً فأنا لديّ اطّلاع كبير على قصائد النواب وإغفالي لهكذا قصيدة رائعة هو أمرٌ مستبعدٌ للغاية ( هكذا قلتُ لنفسي وأنا أنغمسُ في تأمل الصور التي يطرحها ذلك الشاعر في قصائده بطريقة راق لي جداً الاستماعُ لها حتى إن لم يكُ هو من يلقيها بصوته ) ، فترتيبُ الصور وتتابعها بطريقة أقرب للــ ( مسرحية ) أكثر ما لفت انتباهي في القصائد التي قرأتها للشاعر الأهوازي ( حسن عاشور ) ..
فشاعرنا يمعنُ الغرق في التساؤلات التي تبدو للمستمع لها متناقضةً بعض الشيء وهو لم يكُ متعمداً لذلك التناقض فقد كتب ما كان يشعرُ به بطريقةٍ مباشرة ومن دون الألتفات إلى أن تساؤلاته هذه قد تُدخلهُ في مأزق ( الرد الإجباري ) عليها فقد كان يقفُ متأملاً كل ما حوله ، وبطريقةٍ صوفية كان يخاطبُ نفسه ويكلمها ، يتحاورُ مع شياطين الشعر التي تسكنُ روحه وهو يمسكُ بألوانه المائية وفرشاته كي يشرع في رسم كل تلك الصور التي تنهمرُ على روحه بتتابع بل بعشوائيةٍ مُنظمة ( إن صحّ التعبير ) ، فمن منّا لم تسكنهُ تلك التساؤلاتُ يوماً ، من منّا لم يحزن في موسم الفرح ( الربيعُ مثلاً .. فصل الجمال والحب ) قد نحزن ربما لأن الجمال المحيط بنا قد يُجبرنا على البكاء في حضرته فلا أقوى تأثيراً من الدموع ولا أصدق منها طبعاً ..
(( ومدري ليش ..
كل ربيع
ردود يخنگني الربيع
ساجية تحاچيني أبچي
أغنية تناديني أبچي .. ( حتى الأغاني صارت تُشجي روحهُ طرباً ) !
حسّ أذان يمرني أبچي .. ( قد نبكي خشوعاً أيضاً ) ..
وهو يُمعن الغرق في تفاصيل ذكرياته في هذه القصيدة تحديداً فنراهُ يتذكر أماكن حبه ولقاءاته الخاصة ..
( بعض قمصاني تذكرني
بلقاءات وأماكن وبفصول ) .. ومن لم يمرّ بمثل هذه الحالة فغالباً ترتبط ذكرياتنا بأمور معينة كالعطور والملابس وبعض الأغاني كذلك ...

وتلك ( الصوفية ) التي تتخللُ نصوصه الشعرية تبدو واضحةً في بعض الأبيات ..

(( وهمتني ، گليبي مسجد
وانت جاي اتصلي بي
وهمتني ، گلبي حانة
وانت جاي اتغني بي )) ..

وحتى الضحكة التي يُعوّل عليها كي تُنهي أحزانه كانت ( ضحكة متروسة بچي ) كما وصفها وأظنه لا يريد الخروج حتى من ذلك الإطار الذي رسمهُ لنفسه بــ ( خط العشگ ) الذي لا يُدرك حتى الآن إن كان خطاً مسمارياً أو كوفياً كما يقول في إحدى قصائده :

(( خط العشگ ما أدري خط لاتيني
خط هندي ..
لو خط سومري
وامطيّنات جدامه
مثل الگصب والمشحوف
والبردي )) ..
ونحنُ هنا نرى إشارةً واضحة لحياة الأهوار والتمسُك بالجذور السومرية .

وهو يرسمُ صوراً قد يُفسرها كل شخص بطريقته فشاعرنا لهُ خيال خصب للغاية حيث نجدهُ في قصيدة ( قطار امحمل قماش ) يتكلم عن صور الورود والغزلان التي نراها مرسومة على الــ ( نفانيف ) على حدّ قوله وكأنها ستخرج من تلك الملابس فتأتي نحونا لتخبرنا بقصصها الكثيرة والتي لا يعلمها غيرها ..

(( ريحة امدوخة السچة
وصور تتحول وتنگلب ارواح
صياد اعله مهرة
والغزالة بسرعة تركض على الخام
اتريد تطلع من الفراش )) ..

ومطرت غيوم الخيال شگد سواليف // فغيوم خياله مُحملة بالكثير الكثير من الصور ( والسواليف ) ..
وهذا الحزن الذي يكتنف روحهُ يجعلهُ ينزل من القطار على غير هدى ، فهو لا يعلم حتى إلى أين سيذهب ؟ ..
(( وشفت روحي غريب بلا عشگ
وامضيّع البيت ..
شفت بيّه دمع ما بيّه اردّ
من القطار
وعله الگاع اگعدت
وابچيت )) ..

وهو في هذه القصيدة أيضاً لا يخفي انتماءه لحياة الفلاحين ..
( من كثر البرد بالعلو
أتمنه اردّ للطين ) ..
ثم يستمر في الكلام لنكتشف في نهاية الأمر أن هذا القطار هو قطاره الخاص ( قطارهُ وحده ) ..
( ولو هذا القطار
بروحي يمشي
ودربه بعده بالبداية ) ..

وشاعرنا قد كتب الأغنية أيضاً وقد قرأت له إحدى الأغاني التي أحسستُ أنها مُلحنة فعلاً ..

( آنه أنتي ، من رحتي شأظل
من رحتي
آنه شلون أعيش بلياي ) ..

وقد استخدم مفردات وصور معينة في قصائده وكأنها صارت هويةً له فهو مثلاً قد يكتب قصيدة ويعنونها بــ ( سرب الخضيري ) ، ويروي لنا ( سوالفه ) مع سرب الخضيري فنراهُ يشكو له عتبهُ على أحبابه ..

(( شفت يا سرب الخضيري
شفت من سافروا
دوروا ولف غيري )) !!

وهو أيضاً يذكر مطربي ذلك الزمن الجميل ( مطربي الجنوب تحديداً ) :

(( يحگلي لو أحن لونة حضيري ))

و ..

(( صفت عصفورة روحي
جناحها بصخرة أسى اتكسر
ما تگدر تنوش النبگ والهمبوش
والبمبر )) ..
وهي كلها كلمات جنوبية بحتة قد لا يدركها من لم يطّلع على ثقافة وكلمات تلك المناطق ..

و ..
بعد ما انوشن الگنطار والديري .. ( وهي أنواع من التمر المعروف في تلك المناطق ) .

وشاعرنا حزين جداً في هذه القصيدة وأحزانه لا تنتهي ..

(( أنه شما أرد اداوي جروحي
بالنسيان
ما أگدر
أنه ولاية انفنت
وبأيد باچر
چيف تتعمر .. ؟؟ )) ..

وتساؤلاتهُ هنا واقعية وشديدة الحزن أيضاً ..

ومن المهم الإشارة إلى أن شاعرنا قد كتب قصيدة النثر الشعبية ولديه العديد من المحاولات كقصيدة ( البلم الزغير ) وقصيدة ( رجعت للصبح ) كذلك ..

ونحنُ نرى أن قصائده تضجّ بالصور الشعرية التي قد نكون جميعنا قد عشناها بطريقة أو بأخرى ، فمثلاً :

(( أتانيكم
أتاني الباب يندگ
حتى نتعشه بأغانيكم ))
..

أو ..

(( واحنّي البلم والمجذاف لو جيتوا
أحنّي الموجة والساحل )) ..

وهو يستخدم الكثير من الكلمات المعبرة عن تراث الأجداد في أبياته فــ ( الحنة والطين .. ) وغيرها من المفردات المعروفة في تلك الرقعة من الأرض كان لها أكبر الأثر في قصائده وتركت بصماتها واضحة في جميع قصائد الشاعر تقريباً
ونراه أيضاً وهو يستعدّ لاستقبال أحبابه بفرحة طفل حين يقول :

(( أغطّس گلبي بين الماي ( اسبحنّه ) ..
وانزل شيبة
واكوي ثيابي للملگه
واطفّي بروحي
دنيا چبيرة محترگة )) ..

وكل تلك الطقوس أراد الشاعر أن يمارسها لاستقبال من رحلوا .. فهل يا ترى ستغريهم تلك الوعود الكبيرة بالعودة فعلاً ؟؟


بقلمي : (( حسناء الرشيد ))


















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس