الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هاذا الكتاب.. في السيرة النبويه لهشام جعيط

اسماعيل شاكر الرفاعي

2017 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


هذا كتاب لا يشبه غيره من كتب التاريخ التي قراتها ، فهو لا يتحدث عما وقع بلغة الماضي بل بلغة الحاضر ، انه لا يجر الماضي ويسحبه عنوة الى الحاضر كما لو كان جثة ثم يبدأ بتقويلها على طريقة الماضي الشفاهي : قال فلان نقلاً عن فلان ، عن فلان الى نهاية سلسلة طويلة من الاسناد المشكوك في صحتها ، فقد اسقط البخاري ، أشهر من جمع الحديث مءات الآلاف منها ، فحاولوا علاج هذا المرض باختراع طريقة : الجرح والتعديل ، اي بالمزيد من الشك ، والشك هنا يتعلق بالرجال من الرواة ، اذ لم يتبق احد من الرواة ممن تبدأ بهم سلسلة النسب او تنتهي لم يتم الطعن بأخلاقهم من قبل الملل والنحل المتبادلة التكذيب والتكفير ، فيتساءل المرء بحرقة : أكان رواة الحديث النبوي على هذه الدرجة من الوضاعة ، وهم يضعون الأحاديث وينسبونها الى الرسول ؟
الكتاب يخرج من معركة التكذيب المتبادل التي ما زالت جارية بين فرسان الطوائف ، بالذهاب مباشرة الى الماضي وحواره حوار متلمس لنبضه ، مستمع لايقاعاته ومعاين لتفاعلاته .
وهذا هو الفرق الكبير بين ما قراته من كتب في التاريخ وبين ما فرغت من قراءته تواً .
انت مع الكتاب امام طريقة في السرد لا يقوى على اجتراحها الا من جمع الى معرفته بأحداث الماضي معرفة شاملة بإنجازات علوم عصره الانسانية ، وهو جمع لا يثمر الا في عقل من تمثل هذه العلوم الحديثة وتشربها ، وصارت هي عدته المعرفية في معالجة أبحاثه ودراساته . ولان الكتاب كتاب انفصال وقطيعة مع المرحلة الشفاهية التي تأسست على الظن والشك المتبادل بين معلمي طوائفها ، والتي تتطلب استظهار المعلومات لا تمثلها : فان الكتاب لا يفرض عليك تعريفاً ، فأنت لا تجد فيه تعريفاً للأنثروبوليجيا رغم تلمسك لانتشارها الكثيف في ثنايا الكتاب ، ولا تقرا تعريفاً للسوسيولوجيا رغم انه كتاب في السوسيولوجيا من الطراز الاول ، والشيء نفسه بالنسبة للعلوم الانسانية الاخرى : النفس والاقتصاد والجمال واللاهوت والفلسفة .
عنوان الكتاب ذو دلالة ، فهو يتحدث عن النبوة والرسالة والوحي ، لا كما تحدث عنها أبن هشام في السيرة او الطبري في تاريخه ، او سواهما من كتاب المغازي والطبقات ، وهنا تكمن عبقرية الكتاب : فهو لا يفرض عليك الإيمان بحقائق الرسالة والنبوة والوحي باسم المقدس والقداسة ، بل يأخذك معه الى هنالك ، الى ما كانت تعيشه الحجاز من معطيات واقعها آنذاك ، ويجعلك تتلمس المخاض الكبير الآتي والذي لا بد من وقوعه ، وهنا تهتز قناعتك التي ترسبت بحكم الاستماع المتكرر لما وقع ، للدرجة التي اصبح فيها وعيك ينظر الى وقاءع التاريخ على انها مجرد نصوص لا اكثر ، رواها رواة ثقة كما اوحى لك بذلك معلمو طاءفتك ، ورواها رواة غير ثقة ينتمون الى الطواءف الاخرى ، وان المهمة والدور الأساس لنا هو إسقاط رواية الرجال الذين ينتمون الى الطواءف الاخرى بشتى الطرق ، ومنها طريقة الجرح والتعديل بالطعن بأخلاقهم ، او بالطريقة المفضلة عندنا : طريقة حز الرقاب بحد السيف لو اقتضى الامر ، كما هو جار الان . في حين تحدث الكاتب عن وقاءع مشروطة بظروف عصرها الذي هيا لها تربة صالحة للوقوع لا خيالية وغير خاضعة لمنطق الخرافة والإعجاز : واقعة الرسول البشري الذي كان يتجول في الاسواق ، وواقعة الوحي الذي : " دَنا فتدلى فكان قاب قوسين او أدنى " ، وواقعة القران الذي كان وما يزال اصدق وثيقة لما كانت عليه قريش وقباءل الجزيرة من ثقافات وديانات ، انه الكتاب السماوي الوحيد الذي تم الحفاظ على سلامته من الحذف والإضافة ، ومع ذلك لم يسلم من غزو تأويلات فقهاء الطواءف التي اناخت بكلكلها عليه ودفعته الى الظل ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف