الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغزى التاريخي لثورة اكتوبر

جليل شهباز

2017 / 5 / 2
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


لقد اندلعت ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى وسط كم هائل من التناقضات المحلية والعالمية المعقدة، ولولا عبقرية لينين ودهائه الفكري والسياسي، والتضحيات الجسام للبلاشفة وصلابتهم المبدئية وقوة تنظيمهم وارتقاء وعيهم السياسي، لما تمكنت الاشتراكية الديمقراطية الروسية ان تقطع حتى نصف المسافة المطلوبة نحو الظفر بالسلطة السياسية. اذا فما الذي دفع البلاشفة وساعدهم للظفر بالسلطة السياسية؟ لو رجعنا قليلا" الى ما وراء ثورة فبراير الديمقراطية ولو القينا نظرة خاطفة على الاوضاع العالمية والمحلية السائدة انذاك سيتضح لنا على الفور لماذا تمكن البلاشفة، بعد تسعة اشهر من نجاح ثورة فبراير وصعود البرجوازية الروسية للسلطة السياسية، من تحقيق الثورة الاشتراكية؟ في الحقيقة هناك الكثير من الاسباب والعوامل التي ساعد البلاشفة من تحقيق النصر النهائي على البرجوازية منها اسباب وعوامل داخلية واخرى خارجية، ولا مجال هنا لذكر كلها ولذلك سنتوقف عند اهمها. ولكن قبل تسليط الضوء على تلك العوامل والاسباب ينبغي ان نعلم بان اية ثورة اجتماعية على امتداد التاريخ الانساني لا يمكن ان تندلع بغير وجود وضع ثوري سائد اجتماعيا"، فما هي اهم خصائص الوضع الثوري في الحالة التاريخية الروسية قبالة الثورة؟

1ـ لقد ادركت الجماهير المضطهًدة في روسيا استحالة العيش بالطريقة القديمة في ظل الاوضاع والظروف السياسية السائدة وانجذب اشد الفئات الاجتماعية تخلفا" الى القيام بالعمل السياسي الثوري وناضل الجميع بلا هوادة من اجل التغيير.

2ـ كما وان الطبقة الحاكمة في روسيا حينذاك اصبحت عاجزة لم تعد بامكانها العيش وممارسة الحكم السياسي بالطريقة القديمة ايضا" وذلك من جراء تفاقم التناقضات الطبقية .

3ـ لقد بلغت حدة التناقضات الطبقية داخل المجتمع الروسي اقصى حدودها واصبح من غير الممكن ايجاد سبيل لحل تلك التناقضات بغير اسلوب العنف.

وبهذا الصدد يقول لينين: ( لا يمكن للثورة ان تنتصر الا حينما لا ترغب الطبقات الدنيا في العيش بالطريقة القديمة، وحينما لا تستطيع الطبقات العليا العيش بالطريقة القديمة ايضا". ويمكن لنا ان نعبر عن هذه الحقيقة بطريقة اخرى: تستحيل الثورة بدون ازمة قومية شاملة " تؤثر على المستغًلين والمستغِلين " ويترتب على ذلك انه: حتى تندلع الثورة، فمن الجوهري ان تدرك اغلبية العمال ان الثورة ضرورية، وان عليهم ان يكونوا مستعدين للموت من اجلها هذا اولا" اما ثانيا"، ان تكون الطبقة الحاكمة في حالة تعاني من ازمة حكومية، ازمة تجذب اشد الجماهير تخلفا" لدائرة العمل السياسي مما يضعف الحكومة، ويجعل من الممكن للثوريين ان يطيحوا بها)، لينين الاعمال الكاملة. شيوعية الجناح اليساري في بريطانيا.
وعلى هذا الاساس فكان كل تلك الخصائص موجودة بقوة في الاوضاع السياسية والاجتماعية الروسية قبل الثورة. فما الذي اوجد هذا الوضع او هذه الحالة الثورية؟ كما هو معلوم كانت روسيا قبل اندلاع الثورة بلدا" شبه اقطاعي وعلى عتبة التحولات الاقتصادية الراسمالية واصبح التطور التاريخي في روسيا امام مفترق الطرق فاما السير نحو التطور الراسمالي اسوة" بالتطور الراسمالي في الغرب، او القفز عليها والسير نحو الاشتراكية. وبهذا ينبغي البحث عن اسباب وعوامل اندلاع الثورة من خلال الاوضاع التي رافقت ذلك التطور التاريخي ولهذا فقد تميز الوضع على الصعيد الاقتصادي: بان استغلال العمال والفلاحين من قبل الراسماليين والكولاك كان قد بلغ اوجه حيث كان حصتهم من الانتاج الاجتماعي دون خط الفقر بكثير ولا تلبي حتى متطلبات بقائهم على قيد الحياة ولذلك فقد اصبحبت المجاعات جزءأ" لا يتجزأ من حياة العمال والفلاحين حيث ان الجوع قد حصد ارواح الملايين من العمال والفلاحين والكادحين سنويا" وعلى اثر ذلك فقد اصبح الجوع والبطالة والاستغلال الاقتصادي الوحشي والحرمان من التعليم والرعاية الصحية امرا" ملازما لحياة ومعيشة الملايين من العمال والفلاحين والكادحين في عموم روسيا وعلى اثرها اصبح من غير الممكن العيش في ظل مثل تلك الاوضاع.. اما على الصعيد السياسي: فليس خافيا" ان ثورة اكتوبر الروسية قد اندلعت في خضم الحرب اللصوصية العالمية التي كان يخوضها الضواري من مختلف التكتلات الامبريالية في العالم من اجل تقسيم واعادة تقسيم العالم، وايا" من الضواري سينال حصة الاسد من مساحة الكرة الارضية بمواردها وثرواتها. وعليه كان الحرب امتدادا" لتلك السياسة اللصوصية وبطبيعة الحال كانت البرجوازية الامبريالية الروسية طرفا" في تلك الحرب اللصوصية. اما بهذا الخصوص فقد كانت السلطة القيصرية قبل ثورة فبراير هي التي تمارس تلك السياسة وتسوق ملايين العمال والفلاحين الى طاحونة ذلك الحرب اللعين، وان تلك السلطة كانت بطبيعتها رجعية ومعادية للانسان وليس خافيا" على احد كانت روسيا في فترة حكم القياصرة معقلا" للرجعية السياسية في اوربا وسميت الامبراطورية الروسية حينذاك بسجن الشعوب وبسبب وحشية السلطة السياسية للقياصرة، ليس فقط الشعوب الروسية بل، الكثير من شعوب العالم وخصوصا" في شرق اوربا، قد عانوا الامرين، واضافة" الى كل ذلك فان الجماهير الروسية كانت محرومة حتى من ابسط الحقوق والحريات وكانت الاجهزة القمعية والشرطة السياسية للقياصرة حتى بسبب اتفه الامور تزج المناضلين السياسيين في السجون والمعتقلات او ننفيهم الى المناطق النائية او سوقهم لرحمة اعواد المشانق ولذلك فقد اصبحت الازمات السياسية طبيعة ملازمة للنظام السياسي الرجعي في روسيا اما بعد ثورة فبراير وصعود البرجوازية الروسية للسلطة السياسية فقد خالفت تلك السلطة كل والوعود التي اطلقها للجماهير وسرعان ما لحقت بالركب الامبريالي وواصلت سياسة الحرب اللصوصية التي مارستها السلطة القيصرية من قبلهم ولذلك فقد خاب ظن الجماهير بالبرجوازية الديمقراطية الروسية في تحقيق الرفاه والحرية والسلام ومن جراء كل ذلك اصبح المجتمع باسره على قناعة تامة بضرورة تغيير مثل هذه الاوضاع.. اما على الصعيد الاجتماعي: فبنتيجة الاستغلال الاقتصادي القاسي والبشع في روسيا فقد تراكمت الغنى والثروة في طرف والفقر والحرمان والجوع في الطرف الاخر وعلى اثرها اتسعت الفجوة الاجتماعية بين الاغنياء والفقراء وتحديدا" بين العمال والبرجوازية وبين الفلاحين والكولاك وبين كل الجماهير المضطهًدة والنظام السياسي الرجعي ايضا" وعلى اثرها اشتدت حدة التناقضات الطبقية بين مختلف القوى والطبقات الاجتماعية داخل المجتمع الروسي يوما" بعد يوم ومن جراء ذلك فقد دخل معترك الحياة السياسية حتى اشد الناس تخلفا" في مختلف ارجاء روسيا ولكن مع بلوغ حدة التناقضات الطبقية حدا" معينا من الاتساع والشدة استحال، معها ان تعيش الطبقات المضطهَدة كالسابق، ولا ان تحكم البرجوازية كالسابق وبذلك فقد اصبح الحلول السياسية لتلك التناقضات شيئا" من الماضي ولم يبقى امامها من حل غير لجوء جميع الاطراف الى استخدام العنف لتحقيق مختلف اهدافها الطبقية وبهذا فان كل المقدمات الموضوعية لاندلاع الثورة الاجتماعية قد صار متوفرا" وحينها اصبح اندلاع الثورة امرا" ضروريا". ومع وجود الحزب البلشفي بصفته ممثلا" سياسيا" للطبقة العاملة في ميدان التناحرات والصراعات السياسية فقد بادر هذا الحزب الى قيادة وتنظيم النضال الطبقي والنضال الجماهيري وبذل كل ما في وسعه لارتقاء الوعي السياسي للجماهير بعد ان خاب ضنهم بالبرجوازية الروسية التي استلمت السلطة السياسية وبعد ان خالفت وعودها في توفير الحريات والحقوق للجماهير الثائرة وليس هذا فقط بل، وبعدما استمرت في سياسة الحرب اللصوصية، حينها اصبح اندلاع الثورة الاجتماعية امرا" حتميا".

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أقوال الرسل
Munir Kubba ( 2017 / 5 / 2 - 18:29 )

اصبح لينين وماركس أنبياء الشيوعيين واقوالهم أقوال الرسل اما كيف وصلوا للسلطة بالحديد والنار وما فعله ستالين ببعيد


2 - لم تعد عظمى
وليد يوسف عطو ( 2017 / 5 / 2 - 18:30 )

لم تعد عظمى ..علينا اسمية الأشياء بنسمياتها الحقيقية الخروج من الدعاية السوفياتية.


3 - جمال الانحياز للثورة وزييف خونة الشعوب و الاحرار
علاء الصفار ( 2017 / 5 / 14 - 12:42 )
تحية وشكر لك
في زمن انهيار القيم والتنظيم الثوري تبرز قوى الرجعية من خو نة وعنصريين قومجية و اسلامين وشهود يهوا للهجوم على الموروث الثوري للشعب السوفيتي للعمل على تمجيد الامبريالية وملوك خو نة ومنهم الملك العراقي الذي جاء من مملك الانحططاط والارهاب فلا غروة ان يطل علينا اعداء الشعب العراقي يومياً للتقليل من حجم الثورة البلشقية فهي انهكت عقل الملوك العرب ونور السعيد في العراق, لذا نرى الخونة للشعوب اليوم يتحلقون خلف الملوك إذ بيدهم ليس فقط الارهاب وداعش بل بيدهم المال,اي هناك جملة من العاملين في الكتابة الماجورة لتغدق عليهم السعودية وقطر والى جانب هذا نرى امريكا محترمة في نظر الرجعية العربية والاقلام التي تمجد الرأسمالية,رغم ان داعش كقوة بر برية تقوم بسلخ الشعب في الموصل وغالبية الضحايا هم اكراد يزيدين ومسيح,فنرى امريكا صارت قبلة أعداء الثورة البلشفية, رغم انتهاك امريكا كل القوانين الدولية في غزو العراق فهي تبرء لليتم في الجانب الاخر تشويه الثورة ام رمي قيييح افكار الرجعية العربية على السوفيت وليس على الملك السعودي ام ج.بوش ود.ترامب.تحيا الثورة البلشفية التي يتذكرها الشرفاء في العراق!ن


4 - فضل ثورةاكتوبر العظمى على الانسانية كبير
حميد فكري ( 2017 / 5 / 14 - 20:17 )
كان للثورة الاشتراكية العظمى ،اثر كبير على تاريخ الانسانية الحديث والمعاصر ،فقد اجبرت الراسمالية في عقر دارها على احداث تغييرات واصلاحات في بنيتها ،حيث تغيرت قوانين العمل ،فحصل العمال والفلاحين وعموم الكادحين على الكثير من الحقوق ،ماكان لهم ان يتمتعوا بها لولا ،بروز الفكر الاشتراكي وخاصة منه الماركسي وبعدهما نجاح تلك الثورة العظمى .فعلى من يتهجم عليها ،ولا اقول من ينتقدها بموضوعية ،ان يتذكر هذا باستمرار.ان استمرار الراسمالية حتى الان ليس لان دماءها نقية ،بل لانها حقنت بدماء من الاشتراكية .

اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا تلغي حفل التخرج الرئيسي جراء الاحتجاجات المؤي


.. بالمسيرات وصواريخ الكاتيوشا.. حزب الله يعلن تنفيذ هجمات على




.. أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من مسيّراته خلال ح


.. أردوغان: سعداء لأن حركة حماس وافقت على وقف إطلاق النار وعلى




.. مشاهد من زاوية أخرى تظهر اقتحام دبابات للجيش الإسرائيلي معبر