الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منتدى العائلات الثكلى

ناجح شاهين

2017 / 5 / 3
القضية الفلسطينية



بعثت صديقة أرغب في تجنب ذكر اسمها خوفاً من أن يكون ذلك محرجاً لها بشكل أو بآخر تحدثني عن لقاء نظمة "منتدى العائلات الثكلى" في الثلاثين من الشهر الماضي. وقد دار الحديث حول معاناة الضحايا من "طرفي" الصراع بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين". وتتحدث امرأة اسمها ماريان سعادة باسم الفلسطينيين ورجل اسمه روني هيرشونزون باسم "الإسرائيليين" عن المعاناة المتشابهة للإنسان من الفريقين.
حقاً إننا جميعاً بشر نتساوى في قيمتنا الإنسانية، ونتألم بدرجة متشابهة بسبب المرض أو الإجهاد أو الاعتقال أو التعرض للجروح أو الحروق أو فقدان الأحبة في الحرب أو بدونها. وهذا ينطبق على أفراد البشرية جميعاً بمن فيهم هتلر صاحب المحرقة وإيفان الرهيب وقتلة المافيا المأجورين وعملاء المخابرات الذين لا رحمة في قلوبهم. وهذا ما عبرت عنه ماريان سعادة في كلمتها:
""عندما توجه لنا أفراد من منتدى العائلات الثكلى بعد شهر من الحادثة التي مزقت أزر اسرتي، لم يتردد أمي أو أبي بالرغم من الألم أن يوافقوا على الانضمام إلى المنتدى. فالألم واحد والفقدان واحد مهما تعددت أسبابه، وأما الهدف فهو نبيل ويتمثل في وقف شلال الدم النازف من الطرفين، والبحث عن سبيل لإعادة الحرية والكرامة والأمل والمساواة لأبناء شعبينا. فحب الأوطان يأتي من حب الشعوب في الدفاع عن حقوق الإنسان، وليس من بناء الأمن على دماء الآخرين، فما تكرهوه لأنفسكم لا تحبوه لغيركم."
إن الألم واحد والفقدان واحد. وهذا رأي سديد لا يمكن لعاقل أن يختلف معه. ولكي نوضح للسيدة سعادة إلى أي مدى نتفق معها نقول إن الأسد الذي يركض وراء غزال أو حمار وحشي يتعرض للإنهاك والتعب الشديد ويتألم من أجل أن يفترس الغزال، وقد يموت بسبب الاجهاد الناجم عن الركض خصوصاً في سياق الحرارة الشديدة. وفي بعض الأحيان يمكن لنطحة من غزال أو ثور بري أن تودي بحياة النمور والأسود والفهود أو أي من المفترسات.
ولا بد أن وحشاً آدمياً يصطاد فتاة في العاشرة من عمرها أو في أي عمر آخر، ويقوم بالصراع معها من أجل اغتصابها يمكن أن يتألم وهي تدافع عن نفسها بأظفارها فتخدش يده أو تجرح وجهه. لا بد أنه يتألم، ولا بد أنه يتألم أكثر إن فشل في اغتصابها. بالطبع يجب أن نعترف أن الفتاة تتألم بدورها بوصفها هي الأخرى كائناً بشرياً.
لا نظن أن السيدة سعادة تجهل أن الإسبان والآنجلوساكسون قد "تألموا" قرابة ثلاثة قرون وهم يقاتلون من أجل تطهير أمريكا وخصوصاً الشمالية من سكانها الأصليين. واهم من يعتقد أن الأوروبيين لم يكن لديهم مشاعر وأحاسيس وعذابات وهم يتعرضون لمقاومة المواطنيين الأصليين. وهل نستطيع نسيان معاناة البيض بعد قتلهم لقارة أمريكا في سبيل إحضار السود من إفريقيا ليتم استعبادهم لمصلحة الزراعة؟
ما تغفل عنه السيدة سعادة هو أن الفرد الإنساني حمال مشاعر، يحب ويكره، ويألم، ويعاني، ولا يختلف في هذا المعتدي عن المعتدى عليه، ولا الجلاد عن الضحية، كلنا بشر من طينة متشابهة.
"لكن جوهرنا الإنساني الواحد يجب أن يكون معناه أننا جميعاً متساوون، وأنه لا يحق لأحد أن يظلم أحداً أو يعتدي على حياة أحد أو ينتهك حقوقه الفردية أو القومية بأي شكل. غير أن السيدة سعادة تنطلق من تساوينا في الجوهر للقول بأنه لا فرق إذن بين معاناة القاتل وهو يرفع سيفاً ثقيلاً يؤلم ذراعه وبين معاناة القتيل وهو يتلقى ذلك السيف على عنقه أو على أم رأسه."
هنالك بالطبع تجاهل مخل وفج للبعد السياسي للصراع بالاختباء الساذج وراء غربال الإنسانية وتساوي الجلاد "الإسرائيلي" مع الضحية الفلسطيني في ميزانها. وهذا في الحقيقة لب حديث روني هيرشنزون من مؤسسي منتدى العائلات الثكلى:
"في اليوم الذي نتمكن من أن نثق ببعضنا البعض، سيحل السلام علينا وعلى جيراننا. وكي نصل الى هذا اليوم، نحن اعضاء منتدى العائلات، فلسطينيين وإسرائيليين، الذين فقدنا احبائنا في هذا الصراع المُر والاليم، نقوم بما يجب من أجل تغيير الواقع ونثبت بأن المصالحة ممكنة. في الحقيقة إن أصعب مهمة يمكن أن تواجهنا كبشر هي ان نحب الاخرين بالرغم من كل الأسباب التي تجعل الأمر صعبا. الدليل الحقيقي على العقلانية هو الاستمرار بذلك. الإنسان الذي يمكنه القيام بذلك ينتظره سيل من الأمل. وأولئك الذين لا يمكنهم؛ ينتظرهم الاسف، والياس، والحقد. لم افكر اطلاقا في استخدام الثكل والأسف كأساس للحقد والانتقام. فالحقد هو الطريق إلى الهاوية. في حين أن الاحترام وحب الآخرين يشق الطريق التي تؤدي للقوة. السعادة والامل يمكن أن تبقى فقط في غياب الحقد. اليوم وهنا نحيي يوم الذكرى. بالنسبة لي هذا يوم الامل. الأمل بالسلام والاخوة بين ابناء هذه البلاد، فلسطينيين وإسرائيليين."
هكذا مثلما نلاحظ أعلاه تختفي السياسة والتطهير العرقي والاحتلال لمصلحة كلام سخيف عن الحب والأمل والثقة والتسامح كأننا نقوم بإرشاد مجموعة أطفال في المدرسة اختلفوا على لعبة "شرايط" أو قطعة شوكالاتة.
بهذا المقدار من التبسيط أو "التخويث" دعا بيان حلقة الاباء في منتدى العائلات الثكلى إلى "الوقف الفوري للعنف والحرب، ... ما يشغل بال ويقلق منتدى العائلات الثكلى هم السكان المدنيين من الطرفين الذين يقفون على جهتي الجبهة.
الخوف والحقد هما وقود ممتاز لشديد اسفنا. والغضب والإحباط هما عود الثقاب الذي يعود ويشعل النار كما يحدث في هذه الايام. ومع شديد الاسف ان النتيجة الوحيدة الاكيدة لهذه المواجهة العنيفة هي هدر حياة ألبشر وإلحاق الاضرار النفسية والجسدية وتعميق العداء بين الطرفين.
قلوبنا مع العائلات الثكلى من الطرفين ، الذين ينضمون الى سلسلة طويلة من ضحايا الصراع، كما ونتمنى للجرحى من الطرفين الشفاء العاجل.
هذه المواجهات المتجددة تدعم ايماننا بالمبادئ والأفكار التي توجه الفعاليات المشتركة للفلسطينيين والإسرائيليين الاعضاء في منتدى العائلات الثكلى:
1. ان للشعبين الحق الكامل في العيش بسلام، استقلال وأمان.
2. الطريق لحل هذا الصراع التاريخي تأتي عبر الاعتراف بحق الاخر في العيش بأمان، والاستعداد للتحاور والتفاوض والاستعداد المبدئي والفعلي للتسوية."
لا بد من نبذ العنف والاعتراف بحق الاخر بالعيش بسلام.
لكن بعيداً عن علاقة التماهي في جوانب المعاناة والألم بين البشر من طرفي الصراع نود تذكير "المنتدى" بأن القيادة السياسية الفلسطينية في منظمة التحرير اعترفت مختارة أو مكرهة بحق "إسرائيل" في الاستيلاء على أربعة أخماس فلسطين، وقد وصلت حماس منذ فترة وجيزة إلى المربع نفسه.
يعني حتى لو افترضنا أن هناك نزاعاً بين عشيرتين في قرية واحدة، فإن من واجب المنتدى أن يطالب الحمولة التي أخذت أربعة أخماس القرية بالاكتفاء بها وعدم مواصلة السعي للاستيلاء على ما تبقى من القرية.
كلا لا نستطيع أن نرى أن هناك موقفاً أخلاقياً لدى "منتدى العائلات الثكلى" إلا إذا ساوينا بين الأسد والغزال أو بين الوحش المصري المغتصب والرضيعة التي اغتصبت منذ أسابيع.
أما سياسياً فنظن أن أعضاء العائلات الثكلى لا يوافقون على ضم العراق للكويت أو سوريا للبنان أو روسيا للقرم حتى مع الاحتماء بفكرة القومية الواحدة، فكيف يقبلون باحتلال استيطاني أبيض يأتي من جهات الدنيا الأربع يطهر السكان بالعنف والمذابح والسياسة والدهاء ثم يعطى الحق في البلاد التي اغتصبها؟
هنالك فقط تطبيع صريح يقف وراء "المنتدى" ويسهم في رأينا في تسهيل مهمة قرض ما تبقى من أرض فلسطين. ومهما كانت نوايا القائمين على مثل هذه الأنشطة –على الرغم من أننا نستبعد أن تكون نوايا نزيهة- فإن أثرها على الأرض في خدمة الاحتلال دون شك.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تنمو بشكل عكسي-.. طفلة تعاني من مرض نادر وهذا ما نعلمه عنه


.. بريطانيا.. مظاهرة في مدينة مانشستر تضامنا مع أطفال غزة وتندي




.. ما أبرز محطات تطور العملات في فلسطين؟


.. نازح فلسطيني: -نفسي نرجع زي قبل.. الوضع الحالي حسسنا إن كنا




.. انتبه!.. القوارير البلاستيكية قد تصيبك بالسكري #صباح_العربي