الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشلاء محترقة تتزوج في ساحة مظفر

نعيم عبد مهلهل

2017 / 5 / 6
الارهاب, الحرب والسلام


اشلاء محترقة تتزوج في ساحة مظفر

نعيم عبد مهلهل

يقولون أن الساحات في المدن هي نقطة التفكير بحلم الشوارع حيث تتفرع الى جهات اربع وتمشي مع ظلال البيوت لتشكل خطا طوليا من الازقة والذكريات واعمدة مصابيح الكهرباء.
أنها جدلية الامكنة ، والساحات في الغرب اكثر قدسية من الحدائق ، لأن اغلبها يقترن بأسماء القديسين ، ساحة بطرس في روما ، وساحة ليوحنا في بروكسل وساحة للعذراء ماريا في مدريد .
الساحات في الشرق اغلب اسمائها ترتبط بقبعات الجنرلات وصولوجات الملوك ومواعيد ثورات ربيع عربي ابتدأ فينا منذ ثورة الحسين ومرورا بالقرامطة والزنج وانتهاءا بدراما قتل القذافي بطريقة بدائية
وحتما لاتولد الأمكنة إلا مع قصة تحفز فيها النشوء ، ومرات قصة باهتة او مفردة يطلقها صاحب عربة حصان يكفي لتلتصق في المكان وتصبح تأريخيا ،وبعضها غرائبيا في المسمى ان تكون يافطة طبيب سببا في تسمية مكان تأتيه اليه سيارة مفخخة وتفجره وتقتل الناس كما في ساحة مظفر التي تقع في مدينة الثورة والتي يقال انها سُميت بهذا الاسم لان طبيب يحمل هذا الاسم فتح فيها عيادته ، ونفس الاسم يأتي عريضا في مانشيت لصحيفة الواشنطن بوست حين تأتي سيارة ملغومة يقودها انتحاري وتتفجر في تلك الساحة ويقتل العشرات ، وفي اكثر من انفجار يجد الطبيب الخفر في طوارئ مستشفى الثورة ان بين كل خمسة من الضحايا الذكور واحداً اسمه مظفر .
سجل تلك الملاحظة وذهب الى مرجعه الذي يستكن اليه في صلاته ليسأله عن السبب ، فأجابه : لان الله مع الظافرين ،وهؤلاء ظافرون لان اسمائهم اختارت مكانا لأرتقائهم ينطبق على ما مكتوب في هوية الاحوال المدينة.
أم واحد من شهداء الساحة واسمها صبيحة ناطور فشاخ تولد ناحية الميمونة في اهوار ميسان اتت مع والدها ناطور فشاخ وهي بعمر 15 عشر عام وتزوجت من جارها الذي احبها حداد الابواب والشبابيك فريحان مزعل ريحان، وانجبت له مظفر الذي انتهى به قدره ليفتح محل حلاقة في الساحة ، وهو الان جثة محترقة من انفجار السيارة المقخخة .
اتت الام لتجمع اشلاء ولدها المحترق ، وفي لوعة الصراخ والنحيب .التفت لتشاهد يافطة الطبيب مظفر ، فصاحت في وجوه المسعفين والبشر المتجمهرين : ما الان الساحة بأسم ولدي مظفر فريحان...
جنبها كان اب يفتش عن بقايا لجسد ابنته نديمة التي كانت تبيع ورق المناديل : جاوبها بنحيب وصوت مدمر : إن لم اجد جسد ابنتي ،هي صاحبة الحق لأن تحمل اسم الساحة ،لأن اشلائها بقت هنا ولم اعثر عليها ،وسيظل قبرها هنا . ؟
شاهد عيان هذا المشهد .صحفي اسمه (قيس عبد السادة السوداني .) سجل المشهدين بين والد نديمة وأم مظفر .
حين عاد للبيت كتبت ريبورتاجا عن تلك المأساة لينشره ويقدمه الى نقابة الصحفيين للحصول على هويتها بعد عن عجز عن الحصول عليها بحجة إن مواده المنشورة قليلة ولاتؤهله لنيل الهوية ، وقال مع نفسه :حين انشر هذا المقال ،النقيب سيمنحني الهوية ...
في ريبورتاجه الصحفي تخيل قيس أن مظفر فض النزاع بين أمه والرجل حول تغيير اسم الساحة قوله
ان روح مظفر طلبت ابقاء بعضا من اشلاءها المحترقة في الساحة ، ومتى وجودوا اشلاء نديمة ،عندها سيذهبان سوية الى النجف . وفي الطريق .سيطلب يدها للزواج ...
هناك في الجنة سيشتريان الموبليا ، وستفصل ُنديمة فستان العرس عند خياطة من خياطات الجنة ،وهو سيخيط له خياط الجنة الرجالي بدلة موردن..
افترض الصحفي في ربورتاجه ان الأم صبيحة وافقت على طلب ابنها ،ولم تجمع الاشلاء المحترقة كلها بل ابقت اصابعه على حافة الرصيف ،فحين يهدأ المكان في الساحة وتنسحب دوريات الشرطة ورجال الدفاع المدني ، سوف تتحرك اصابع ولدها وتتلمس الاسفلت وتدور حول الساحة وتبحث عن اجزاء من جسد الفتاة التي يتمنى ان يذهب معها الى الجنة عروسين...
الساعة الثانية عشر ليلا اقفلت كل محلات ساحة مظفر ابوابها ،وانقطعت السيارات من الشارع ...وفجاة تحركت اصابع مظفر صوب مكان الانفجار لتبحث وبهدوء عن شيء من نديمة ، فلم يجد سوى شظايا حديد حادة بدأت تجرح اصابعه المحترقة ، شعر بالالم ، لكنه اصر على السير والدوران حول مكان الانفجار ،وفجأة شعر بدفء قطعة من جسد استقرت بين اصابعه ...
تحسسها جيدا ، وجدها دافئة وتمتلك نبض خافت وكأن لها قلب ونظرات ،فعرف انها قطعة من اجفان بشرية .
سأله :انت عائد لمن ايها الجفن ؟
قال الجفن :لبنت تبيع المناديل اسمها نديمة .
قالت الاصابع :وانا اصابع مظفر الحلاق ،من اقسم أن يفتش عنك ويجدك .
قالت نديمة :نعم اعرفك .انت من ينظر الي بأعجاب من واجهة محله كل يوم.
قالت الاصابع :ومازلت . وسأقول لك ، سفرنا الى الجنة صار مشتركا ،هل تقبلين بي زوجا ..
قالت : اقبل ولكن على ابي ان يعرف ويوافق..
قالت الاصابع :هو يعرف وقد قبل بزواجي بك سلفا..
ضوء خجول هطل من جفن الفتاة وهو يقول : إذن على بركة الله...
وجد الريبورتاج الذي نشره الصحفي ( قيس السوداني ) صداه وهو ينشره في صحيفة اسمها المواطن ، ومثل قيصر منتصر حمل الجريدة الى نقابة الصحفيين وجدد طلبه الحصول على الهوية :
بعد شهر من الانتظار جاءه الرد على شكل هامش :وحتى هذا الريبورتاج لايكفي للحصول على الهوية.......!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة