الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ننتظر الحسم غداً :

فلورنس غزلان

2017 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية




للمرة الأولى أجد نفسي محاصرة ومنتظرة على جمر انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية ، الأمر يعنيني بالطبع كوني فرنسية ــ سورية ، وأقيم على هذه الأرض منذ ثلاثة عقود ، هذه الأرض وهذا الشعب الذي منحني فرصة للحياة بكرامة وباحترام ومساواة، كنت دون ريب أفتقدها في وطني الأم
ودون شك سأؤدي واجبي غداً ، ودون شك كذلك لن أنتخب ممثلة الانشطار والانقسام لفرنسا ،التي أحبها بكل تنوعها وبكل حضارتها وانفتاحها على العالم ، سيذهب صوتي وصوت كل من أحب ويحيط بي لماكرون المرشح الوسطي، لا لكوني أتفق معه بكل برنامجه ...لكني أريد لفرنسا حياة أفضل وللفرنسي على أرضه ومع محيطه الأوربي مستقبلا تفخر به الأجيال القادمة من أحفادي وأمثالهم، مستقبلا بعيداً عن التقوقع والخوف والرهبة من كل لون أو جنس أو دين مختلف، يعيشون في وطن تسوده المحبة والوئام والعدالة ، تحترم فيه كرامته وإنسانيته إن كان مواطنا أو غريباً يحترم قانون البلاد ويساهم في تطورها وتقدمها، وطن يدخل القرن الواحد والعشرين بأقدام ثابتة وخطى واثقة يبني مع محيطه الأوربي علاقات أخوة ومحبة وروابط اقتصادية مشتركة تنمي وتطور بلاده وتأخذها نحو آفاق التعاون والتبادل الاقتصادي دون المس بهيبتها أو بسيادتها بل من خلال وحدة الهدف والمصير الأوربي ككل، لا بانعزال الوطن وترهيب مواطنيه من الآخر حتى المحاذي لحدوده ويرتبط معه بتاريخ حفل بحروب دامية ..علمته معنى السلام وحسن الجوار، وطن لم يتأثر بشعبوية تجتاح العالم بعد نجاح ترامب، لأني لا أشك بذكاء المواطن الفرنسي وبفراصته وقدرته على التمييز بين الغث والسمين، لأن الشعبوية لو استوطنت فرنسا فستتمدد لغيرها في أوربا وتأخذها إلى جحيم التطرف والتمزق والحرب الأهلية وانشطار الوطن إلى نصفين وهذا هو ماتسعى إليه ممثلة اليمين المتطرف " مارلين لوبين "، وما رأيناه حدث بعد انتصار ترامب وللمرة الأولى تغرق شوارع المدن الكبرى في الولايات المتحدة بالمظاهرات، هذا الانقسام والخوف والريبة كما الانغلاق على الذات ومنع التواصل لايمكنه أن يحمي البلاد من بلاء الإرهاب، لأن الإرهاب لايأتي فقط من الخارج ومن الغريب، وإنما يخرج من ثنايا البلاد ، من انعدام العدالة الاجتماعية ، من تهميش المواطن وحرمانه من فرص العمل والمساواة ، في الأحياء الفقيرة ، التي تعيش فيها الجاليات العربية والمسلمة إلى جانب فقراء فرنسا ، الحياة في" الغيتو الاجتماعي " هو أحد أهم الأسباب التي ينمو فيها الإرهاب ويجد في داخله أرضية تحتضنه وتنشره ثم تنفذ مخططاته من خلال ماينميه من حقد على الآخر المختلف الذي يعيش الرغد ويتحكم بفرص العمل والتعليم والمسكن. وهذا ماتحاول السيدة لوبين أن تضخمه وتغذي الحقد في نفوس الفرنسيين على الغريب ، الذي يسرق قوته أو عمله ويعيش على المساعدات الاجتماعية ويحصل على الضمان الصحي ثم يقتل من احتضنه!!!.
السيدة لوبين تأخذ الاستثناء والحالات الفردية فتعممها، لاتضع القوانين نصب عينيها ولا كيف ولماذا جاء هذا الغريب وماذا يعمل وأين يعيش وكيف يُعامل ؟ وتنسى مافعلت فرنسا في حرب الجزائر ، بل تنتقد من اعتذر عن ماضي فرنسا من المسؤولين الفرنسيين ، لأنها ووالدها مازالا يعتقدان أن حرية الجزائر خطيئة كبرى وجريمة كبرى وفي نظرهم أن الجزائر فرنسية حالها كحال الغوادلوب وغويانا الفرنسيتان خارج الحدود. كما أنها لاتطرح برنامجاً اقتصاديا يضع فرنسا على سكة تغيير تحل المعضلات القائمة ، كالقوة الشرائية للفرد والنسبة الكبرى من عطالة العمل ، ووضع المدارس ، والمتقاعدين ، كما الضمان الصحي ...وغيرها من الأمور الشائكة، كل ما تحاول ايصاله للمواطن ، هو أن العصا السحرية المفترض امتلاكها تكمن في العودة للفرنك الفرنسي والانفصال عن الاتحاد الأوربي، راسمة هذا كحلم وكجنة سيسيل فيها العسل واللبن بمجرد انتصارها، معتمدة على تحوير الواقع وتزوير الحقائق حول وضع بريطانيا بعد انفصالها ، وحول بيع بعض المشاريع ...مخطئة في تاريخها وأسباب بيعها ، متهمة السياسة القائمة وأن استمرارها يكمن في نجاح "ما كرون" في دورة الغد ، وأن فرنسا ستصبح مستعمرة تديرها السيدة " ميركل "من ألمانيا !...أنها إذن تريد وضع فرنسا بخلاف مع الدول الأوربية بعد استتباب الأمن والسلام ونسيان الماضي السحيق ، وخاصة أن اليورو ليس مسؤولاً عن الوضع الاقتصادي ..ولا العلاقة مع أمريكا وليس الغريب المقيم في فرنسا هو السبب كذلك ، مضخمة وكاذبة في رقم حصة فرنسا في الاتحاد الأوربي وقد رفعته من " ستة مليارات إلى تسعة "!...هذا غيض من فيض مازورته دون أن يرف لها جفن وأمام ماينوف على 15 مليون مشاهد.
ولم تقتصر اتهاماتها على هذه النقاط بل كالت للمرشح ماكرون تهم تعاونه مع المتطرفين الراديكاليين من الإسلاميين الفرنسيين ، وأن إعلانهم عن انتخابهم لماكرون يدل على أنه متعاون معهم!!! ، علماً أن هذا لم يحصل ...إذن غايتها البلبلة وشن الحروب بين الناس وغرس الشكوك وإثارتها...سياستها تقوم على هذه الأمور دون طرح لمشاريع بل الالتفاف على الوقائع وتمرير النقد وتشويه الواقع...
قصدت من هذا توضيح اللبس إن كان لايزال موجوداً لدى الجاليات العربية والمسلمة التي تعيش على الأرض الفرنسية ويحق لها الانتخاب.
علينا اليقظة والعمل في الأيام المقبلة أكثر من ذي قبل سياسياً واجتماعياً ...فنجاح مارلين لوبين ربما لن يأتي هذه المرة ، لكن مجرد حصولها على 40 بالمئة حسب التوقعات ، فهذا يعني أن المجتمع الفرنسي يعاني ، وأن علينا نحن بالذات بذل الجهد لدحض الصور المشوهة التي تحاصرنا وتنتظرنا على كل زاوية وتقف عثرة أمام تقدمنا حيث نعيش...وهذا مسؤوليتنا وعلينا أن نكون مخولين وكفوئين لانسمح للحشائش الضارة أن تنبت بين ظهرانينا ...وحربنا معها حرب فكر وعمل .

ــ باريس 06/05/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا