الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى المرشح الانيق.. زوروني كل سنة

حسين القطبي

2017 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تماما كما كان البحارة يتنبأون بقدوم العاصفة من خلال نشاط الفئران، وضجيجها، على ظهر السفينة، نتحسس نحن قرب موعد الانتخابات النيابية، من خلال نشاط المرشحين، والحيوية التي تفعم زياراتهم وابتساماتهم وتزاحم صورهم في وسائل الاعلام.

اتذكر قول لجان بول سارتر يصف المثقفين في المجتمع، بهذه الفئران، التي تتنبا بوقوع الكوارث الاجتماعية، ويسمي المثقفين "فئران السفينة".. اتذكر كلام سارتر كلما لاحظت ان الروح تدب في نشاط السياسيين وصورهم تتدافع وتتزاحم في وسائل الاعلام، وكانهم فئران المواسم الانتخابية.

موسم الانتخابات، عندنا، صار يشبه عاصفة من التقوى والورع، وغيوم من الشعارات، تتداخل القيم الاجتماعية والانسانية والدينية فيها، تهاجمنا مره كل اربع الى خمس سنوات.. فخير من ينبه الناس في بيوتهم هم المرشحون، فئران الانتخابات، المفعمون بالحيوية والابتسامات المشرقة على غير العادة.

ينبته الناس، وانا منهم، في هذه الفترة الى اهمية العناية بالمستشفيات، وضرورة تحديث الاجهزة الطبية، والى دور المدارس في تطوير المجتمع، وضرورة الاهتمام ببناياتها الفقيرة. ينتبه الناس الى معاناة احياء الفقراء، التي تفتقد الى الماء الكافي والى الوقود والكهرباء، ويصبح تبليط الطرقات فيها ضرورة ملحة...

الائمة يحصلون على زيارات اكثر، والمراقد الدينية تشبع من كثر الولائم، ولمرة من المرات يمكن لمواطن كان يحلم بلقاء وزير، ان يتحول هذا الوزير امامه الى طاه من طهاة المطاعم العامة، يقدم له الرز بطبق سفري، وفوق الطبق ابتسامة يختلج بها التواضع بالورع الشديد.

الوطن كذلك يتسلق نحو مكانه الطبيعي، فيتربع على قمة الشعارات، مثل جلسة بوذا المستريحة، وتذبح عند قدمية كل الشرور كالطائفية والعنصرية والتقسيم والفساد، الاخلاقي والاداري.

الفقير في بعض الاماكن يحصل على بطانية، وفي اخرى على مدفاة نفطية، وقد يبدع البعض من المرشحين في اختيار الهدايا الرخيصة والتي تحمل رمزية، مثل هدايا عيد الميلاد بالضبط.

والغريب هو ان المرشح بعد ذلك، لا يفوز بسبب عطاياه هذه، ولا "البوزات" الخاشعة في الصور، ولا حتى لوعوده الانتخابية، وانما يفوز بسبب انتمائه الحزبي او العشائري، سواء قدم، او لم يقدم، سواء عاش الموسم الانتخابي في دائرته الانتخابية، ام ظل في كنف العائلة في لندن او عمان او اربيل... النتائج لا تختلف والفوز لا يحسب على عدد الاصوات.

اذا هل من الحكمة ان تقام الانتخابات مرة كل خمس سنوات، ونحرم الاحياء الفقيرة من زيارات المسؤولين، ونبخل على المراكز الدينية بالمزيد من الاحتفالات، ونمنع عن العوائل الضعيفة الحصول على بطانيات ومدافئ؟؟ بل لا نعزز فرص الوطن (العراق) بالمزيد من التردد عبر مكبرات الصوت مع ذلك الصدى المحبب للنفس الذي يكرر اسمه مرتين.

ارى من الحكمة ان تقام الانتخابات مرة في كل سنة، على الاقل، فالفقراء يتلهفون لرؤية السياسيين، والاحياء الفقيرة تردد: زوروني كل سنة مرة..... حرام كل خمس سنين مرة.. حرام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟