الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أخطأ ؟

صيقع سيف الإسلام

2017 / 5 / 8
الادب والفن


-" من منا المخطئ في نظرك ؟! "
-" هل ستصدقني اذا قلت لك .. لا احد "
-" لا احد.. هذه اجابة فارغة. لنعد دراسة الوضع جيدا ربما ندرك مكمن الزلل.. كلانا قرأ ما وراء الخير و الشر ؛ لكن انت قلت انه لا ينفي مطلقية القيمة في حين انا قلت بأنه ينفيها.. انه كتاب واحد ؛ بالرب الرحيم قل لي كيف اختلفنا برؤية متناقضة!!! "
-" صف لي الحالة التي كنت فيها و انت تتدارس الكتاب "
-" هل تسخر مني هاه!!!! .. ما نفع سؤالك ؟ "
-" أجبني.. سوف تعلم في النهاية فلست ذاهبا لأي مكان "

-" انت غريب حقا.. على أية حال.. دعني اتذكر فقد قرأت الكتاب على دفعة واحدة. كم اكره المطالعة المقسمة... نعم اذكر اني كنت بجانب النافذة ؛ شيء من اشعة الشمس يصيب شعري ؛ طبق من الارز بجانبي فقد كان وقت غداء ؛ و لا أنسى طبعا القهوة بدون السكر فأنا احبها كذلك... ايضا قطعة موسيقية عبارة عن موجات الفا لتساعدني على التركيز ؛ و لم يتعكر مزاجي الا بدخان حافلة الحي المهترئة التي مرت من امام نافذتي ... اظنني استنشقت شيئا. هذا كل شيء على ما اعتقد "

-" اسمع اذن.. اشعة الشمس حالت دون تدفق الميلاتونين في جسدك مما سبب لك تشوشا قليلا في القراءة فغابت عنك افكار بعض الصفحات حيث فاتك فهمها بعمق ؛ الارز مدك بسكريات النشا جاعلا نصف دماغك الايمن يعمل بفعالية أفضل في التخيل و التصورات العاطفية غير المنطقية مما جعلك تعالج صفحات الكتاب بعاطفتك دون عقلانية تعرف بها مقصود المؤلف... صحيح انك كنت تقرأ صفحات نيتشه لكنك كنت تترجمها لافكارك انت ؛ لتعتقد في الاخير ان مقصود المؤلف هو تلك الافكار التي كانت ملكك اصلا ..كافيين قهوتك اعطاك نشاطا زائدا في دماغك فكنت تسهو مع فكرة في الصفحة 56 ؛ تعالجها باحلام اليقظة حتى تجد نفسك في الصفحة 89 غير عالم بالافكار التي جمعتها الصحائف 33 الوسيطة ؛ بل اسوأ من ذلك فعقلك اللاوعي يربط مباشرة بين فكرة الصفحة 89 و فكرة الصفحة 56 ؛ مما يخلق عندك فكرة مشوهة لم يردها المؤلف بدءا في حين تجزم انت ان ذاك هو مراد الكاتب... القطعة الموسيقية لم تكن اقل تأثيرا على جعل اسقاطاتك لافكار الكتاب خاطئة و مبعثرة ؛ حيث أججت عواطفك بطريقة تغفل عنها مبعدة التصور الموضوعي عنك ؛ فاذا افترضنا ان لوحة لفنسنت فاخ كانت امامك و انت تقرأ لنيتشه ... حينذاك سيتأثر عقلك اللاوعي باللوحة و كون فنسنت فاخ من انصار العدمية و العبثية سيجعل ذلك عقلك الباطني يأخذ افكار المؤلف في اتجاه العدمية و العبثية من غير شعورك بما يحدث ؛ ثم في النهاية تنسب لامطلقية القيمة لصاحب كتاب ما وراء الخير و الشر ... بل ان تاثير لوحة فنسنت فاخ عليك سيكون أقوى مع استنشاقك لدخان الحافلة المملوء بغاز الكربون الذي سيساهم في تقليص حجم وعيك بشكل كبير
و معتبر ..."

-" هاهاها.. معلوماتك العلمية سخيفة.. الحمد لله نحن وحدنا و الا لكنت اضحكت العالم علينا.. "
-" ارى انك دخلت في حالة هستيرية من مصيبة ماذا سمعت.. هاه "

-" برغم اخطائك العلمية لكني فهمتك.. ان ما تقوله مرعب.. هذا يفسر كثيرا من الاشياء.. لماذا ينظر بعضهم للكتاب المقدس على انه عظيم و ملهم ؛ في حين بعضهم يراه غير ذلك.. يفسر كيف اختلف الناس في مكيافللي مثلا ؛قسم جعله شخصية واقعية و اخرون شريرا لئيما.. كيف جعل بعضهم دستويفسكي اديبا عالميا في حين فضل بعضهم عليه احلام مستغانمي.. لم ادري انه بإمكان الأرز ان يملك خطورة بهذا الحجم.. "

-" هناك المزيد... ان الامر ليس منوطا فقط بتلك اللحظات التي تجلس فيها مع كتاب ما وراء الخير و الشر ... ان كل حادثة قبلها كانت مؤثرة ايضا.. "
-" يا إلهي!! .. هل تقصد ان مجادلتي مع البواب حول راتبه الذي تأخرت قليلا في سداده إياه ؛ و سرعتي في صعود الدرج لشقتي.. و.. و... و... مستحيل!!! .. ممكن ؟؟؟؟ .."

-" نعم.. كل ذلك أثر في قراءتك لكتاب ما وراء الخير و الشر . ان مجادلتك لتأخير راتب البواب اذا اردنا ان نصنفه لأي الجهتين هو أميل.. هل مطلقية القيمة او لامطلقية القيمة... حتما تأخيرك هو ميل نحو اللامطلقية ؛ فأنت لاشعوريا كنت تتمنى تأخيرك في دفع الراتب ان يكون قيمة نسبية ؛ فلا ريب ان قراءتك للكتاب ستكون مسبوقة باحساس يدعم النسبية ارضاءا لرغبة تأخير سداد الراتب... و حتى صعودك السريع للدرج مؤثر ؛ فارتفاع ضغط الدم ينقص من الوعي و في هذه الحالة هو وقود اضافي لتأخير سداد الراتب و أعمق من ذلك هو وقود اضافي لارضاء رغبتك في نسبية تلك القيمة ... هل رايت!!! "

-" ان هذا يلغي ثقتي بكل قناعاتي. تبا لك.. برغم اخطائك العلمية السخيفة لكن فكرتك مخيفة!!! .. انتظر.. انتظر.. بما انك تفطنت لهذا فلا شك ان بيدك جوابا يحل اللغز ؟؟؟ ..."
-" كنت متأبطا وسادتي و انا اقرأ الكتاب.. كان هناك صخب قليل من الجيران أفقدني سكينتي امام صفحات قليلة ؛ عالجته بلحن موسيقي حماسي بعد ان اطفأت الضوء.. نعم.. نعم.. اذكر ذلك بوضوح و قبل ذلك كنت اشاهد تضحية عمر المختار الليبي من اجل قيمة الحرية.. قيمة الحرية المطلقة.. هكذا رددت مع نفسي في هدوء يحمل دموعي النازلة.. "
-" اذن انت مثلي.. تأثرت كذلك مما يعني انك تجهل جواب هذا اللغز. .. تبا لك مرة أخرى.. أفقدتني ثقتي في قناعاتي "

-" هل فهمت لماذا قلت لك انه ليس بيننا مخطئ؟!! "
-" نعم ادركت ذلك.. و الاسوأ ربما كلنا مخطؤون "

-" على الاقل سنتعلم التواضع و التمهل "

-" نعم هو ذاك .. التواضع "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الفنانة اللبنانية هبة طوجي في حديث عن الأولمبيا وز


.. شاهد: -ربما يتحركون لإنقاذنا-.. شابة غزيّة تستغيث بالغناء فو




.. عمل ضجة كبيرة ومختلف.. أحمد حلمى حكالنا كواليس عرض فيلم سهر


.. بتهمة -الفعل الفاضح- والتـ.ـحرش.. شاهد أول حديث لسائق أوبر ف




.. من هو نجم العراق الأول اليوم؟... هذا ما قاله الفنان علي جاسم