الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة كهرباء ام مؤامرة ؟

راضي العراقي

2017 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


بعد اربعة عشر عاماً على سقوط الديكتاتورية مازال الشعب العراقي يعاني من ازمة كهرباء مزمنة تحولت الى مؤامرة واضحة المعالم .. نعم .. فلم تعد ازمة الكهرباء مجرد ازمة مستعصية الحل .. بل تحولت الى كابوس ومؤامرة تشترك فيها عدة جهات منها اقليمية ومنها محلية .. واول هذه الجهات المتآمرة على المواطن في مسألة الكهرباء هي الجارة ( المسلمة ) ايران .. وارجو ان لا يؤخذ رأيي هذا محملاً طائفياً ضيقاً .. فأيران وأقولها بلا تحفظ .. اصبحت تعتبر العراق حديقتها الخلفية وسوقها الاول لتصريف بضائعها ونافذتها التي استطاعت من خلالها ان تكسر الحصار المفروض عليها وتتجاوز الازمة الاقتصادية التي كان يمكن ان تدمر ايران .. فجارتنا المسلمة تصدر الينا كل شيء ابتداءاً من سيارات سايبا التي اصطبغت شوارع بغداد ومحافظات العراق بلونها الاصفر .. مروراً بالطابوق والاسمنت الايراني وانتهاءا بچبس مزمز وجبن سفن اب وقشطة كاله .. اضافة الى المنتجات النفطية والغاز .. والاهم من ذلك الكهرباء .. الكهرباء التي هي عصب الصناعة بل وعصب الحياة في كل مكان .. وبطبيعة الحال .. فأن تحسن وضع الكهرباء في العراق سينجم عنه نتائج كارثية بالنسبة لايران .. التي ستخسر الكثير فيما لو استغنى العراق عن كهربائها .. وعن منتجاتها فيما لو عادت عجلة الصناعة العراقية الى سابق عهدها وحققنا الاكتفاء الذاتي واستغنينا عن منتجاتهم .. لذلك فمن المستحيل ان تسمح ايران بتحسن وضع الكهرباء لدينا .. وقد يقول البعض .. وماذا تستطيع ايران ان تفعل ؟ اقول .. تستطيع ايران ان تفعل كل شيء .. فنحن اصبحنا مقاطعة ايرانية بأمتياز بسبب الاختراق الايراني الواضح جدا في مفاصل الحياة في العراق .. ومن ينكر ذلك فهو غبي ولا يرى بوضوح ..
اما المتسبب الثاني في استمرار هذه المؤامرة الدنيئة فهي الاحزاب الحاكمة والمتنفذة بأذرعها التي تشبه اذرع الاخطبوط والتي تنتشر في مؤسسات الدولة وخاصة تلك المرتبطة بوزارتي الكهرباء والنفط .. فكثير من المسؤولين في هاتين الوزارتين يتاجرون بالوقود الذي يستخدم في المولدات الاهلية وقسم منهم يمتلك هذه المولدات التي تستنزف المواطن مادياً ونفسياً ..
اما المتسبب الثالث بهذه الموامرة الكارثية .. فهم اصحاب المولدات الاهلية الذين اثروا خلال السنوات الاربعة عشر الماضية على حساب معاناة المواطن وحتى كرامته .. فهؤلاء الاثرياء الجدد شكلوا مافيا خاصة بهم واصبح لديهم لوبي مؤثر داخل اجهزة الدولة ، فعلاقاتهم ( الودية ) مع موظفي وزارات الكهرباء والنفط ومع الاجهزة الامنية وحتى مع الميلشيات الطائفية .. والرشى السخية التي يدفعونها لهذه الجهات جعلت منهم في منآى عن المساءلة والمحاسبة ..
اما المواطن فأنه يتحمل جزء كبير من هذه المأساة .. فدوره السلبي وقبوله بالامر الواقع جعل الحكومة تتراخى في معالجة الازمة بوقت مبكر .. كما ان ازدواجية المواطن خلقت وضع شاذ .. فهو يدفع لصاحب المولدة الاهلية اجور الكهرباء وهو صاغر .. بينما يسرق الحكومة في وضح النهار من خلال التلاعب بمقاييس الكهرباء او السحب غير القانوني من الشبكة الوطنية او ما يسمى الجطل .. فالمواطن مازال يعاني من فقدان الثقة مع الحكومة فمهما فعلت او يمكن ان تفعل . فأنها ستبقى مخادعة ولا تستحق الثقة .. المواطن العراقي يدفع سنويا لاصحاب المولدات عشرة مليارات دولار .. حسب الاحصائيات غير الرسمية .. ولو كان هذا الرقم صحيحاً او حتى نصفه .. فأنه يمثل كارثة اقتصادية كبرى .. وهذا يعني انه على مدى اربعة عشر عاماً .. دفع العراقيون مائة اربعون مليار دولار .. وهذا المبلغ يمكن ان يؤمن الكهرباء لنصف العالم .. وعليه فأن ازمة الكهرباء هي فعلاً مؤامرة كبيرة ينبغي للحكومة التصدي لها .. يكفي ان تبقى الحكومة متفرجة على هذا الوضع المأساوي الخطير .. فحل ازمة الكهرباء سينقل العراق الى وضع افضل بكثير .. وسيحقق للعراق استقراراً اقتصاديا وامنياً كبيراً .. فالكهرباء لم تعد حاجة كمالية او من مكملات الرفاهية .. بل هي عصب الحياة في القرن العشرين وبدون الكهرباء يمكن للحياة ان تتوقف وخاصة في الدول الحقيقية وذات الاقتصاد النشط والفعال .. وعودة الكهرباء الى وضعها الطبيعي سيحرك عجلة الاقتصاد الوطني بشقيه العام والخاص مما يوفر فرص عمل ومردود اقتصادي كبير .. كما ان الكهرباء في بلد حار وجاف صيفاً مثل العراق تصل فيه درجات الحرارة فيه الى الخمسين مئوية قد يكون لها اثر مهم جدا في تخفيف الضغط النفسي عن المواطن الذي يعاني الامرين من ارتفاع حرارة الجو وانقطاع الكهرباء ..
حل ازمة الكهرباء وتفكيك المؤامرة التي يتعرض لها العراق يجب ان تأخذ اهمية كبرى في عمل الحكومة .. بل ان حل هذه الازمة ( اللغز ) يجب ان لا يقل اهمية عن محاربة الارهاب ومكافحة الفساد .. فهذه المتطلبات الثلاثة هي سر ازمة العراق .. وبقاء الوضع على ما هو عليه سيفاقم الوضع نحو الاسوء .. وعلى رئيس الحكومة ان يولي موضوع الكهرباء اهمية قصوى ولا يكتفي بالتوجيه والتصريح والوعود وتلقي التقارير .. عليه ان يجلس بمكان وزير الكهرباء ويمارس المسؤولية من موقع ادنى ليقف على اسباب هذه الازمة المؤامرة .. وان يتبنى موضوع الخصصة المزمع تنفيذه كي لا يتم الالتفاف عليه واستغلاله لصالح جهات فاسدة ..
اتمنى ان يصل صوتنا الى رئيس الحكومة لوضع حد لهذا المؤامرة .. والازمة والمعضلة والمأساة التي كرهتنا بوطننا ،، للاسف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك