الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة لوثيقة حماس الجديدة

محمد أحمد الزعبي

2017 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة لوثيقة حماس الجديدة
د. محمد أحمد الزعبي
10.05.2017
استمعت يوم أمس لحلقة الاتجاه المعاكس التي كانت حول وثيقة حماس الجديدة ، والتي اضطر فيصل قاسم إلى إنهائها في الدقائق الأخيرة من الحلقة ليضع حدا للاشتباك الكلامي بين السيدين المتعاكسين في موقفهما من هذه الوثيقة . إن ماسمعته من اتهامات متبادلة بين طرفي هذا الاتجاه المعاكس ، دفع بي إلى قراءة كل من الجديدة والقديمة ، ولأن أبدي هنا رأيا أخاله موضوعيا حول هذه الوثيقة (وثيقة 2017 ) وبالذات حول أوجه الاتفاق والافتراق مع / عن الوثيقة القديمة ( وثيقة 1988 )، علماً أن وجهة نظري هذه إنما تستند إلى معرفتي العامة بهذه الإشكالية وليس بتفاصيلها :
1. الموقف الإسرائيلي : قرأ نتنياهو الوثيقة ثم قام بتمزيقها ورميها في سلة المهملات ، ( حسب صحافة اليوم التالي ) فما هي أبعاد هذا الموقف ، والذي يمكن اعتباره الموقف الإسرائيلي الرسمي من وثيقة حماس 2017؟ ( الذي لم أسمعه شخصياً من نتنياهو ، ولكنني أعرفه ) :
+ إن إلقاء هذه الوثيقة في سلة المهملات إنما يعني عملياً أن نتنياهو لايرى وهو رئيس وزراء اسرائيل في وثيقة حماس الجديدة أي جديد ،يجعلها تختلف جذرياً ونوعياً عن وثيقة 1988 وبالتالي عن موقفها ( حماس ) المعروف والمعلن من اسرائيل ، والمتمثل كما هو معروف ومعلن باعتبار اسرائيل دولة احتلال لفلسطين التي تعتبر بنظر حماس وقفا إسلاميا ومسيحياً عربيا بسبب احتوائها على " المسجد الاقصى " الذي ارتبط اسمه مع اسم المسجد الحرام في القرآن الكريم و " كنيسة القيامة " المرتبط اسمها بالعهدة العمرية المعروفة ، وبالتالي فقد تبنت حماس لاءات مؤتمرالخرطوم الثلاث المعروفة ( لا تفاوض ، لا اعتراف ، لا صلح ) التي أقرها مؤتمر القمة العربي الرابع الذي عقد في الخرطوم في 29.08.1967 بحضور الرئيس جمال عبد الناصر وغياب سوريا ، أي مباشرة بعد " نكسة " حرب حزيران واستيلاء اسرائيل على سيناء المصرية والضفة الغربية التي كانت في عهدة الأردن ، وهضبة الجولان السورية عام 1967 ، ولم يطرأ على موقفها ( حماس ) منذئذ ـ وفق نتنياهو ـأي تغيير جوهري ..
+ اعتبار التغييرات التي أدخلتها حماس على وثيقة 1988، تتعلق بالشكل دون المضمون ، وما يهم اسرائيل هو المضمون قبل الشكل ، أي اعتراف الفلسطينيين العرب ومن بينهم حركة حماس ، بها كدولة يهودية طبيعية في فلسطين ، والتطبيع معها ، واعتماد مبدأ المفاوضات حصرا في حل القضايا العالقة بين الشعبين اليهودي والفلسطيني ، وهذا يقتضي إنهاء الطابع العسكري للحركة ( كتائب القسام ) وبالتالي التوقف عن اعتبار نفسها حركة مقاومة وتحرير لكامل التراب الفلسطيني بصورة تامة ونهائية ، الأمر الذي قبله أبو مازن وجزء من حركة فتح ، ورفضته حماس و الجزء الآخر من حركة فتح .
+ إن قبول حماس بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 ، والذي يتضمن اعترافا حمساوياً غير مباشر بدولة اسرائيل ، لا يعني اسرائيل بشيء ، لأن الدولة الفلسطينية المعنية في اتفاق أوسلو ، لا تعدو أن تكون وفق فهم اسرائيل الخاص ل ( حل الدولتين ) حكما ذاتيا في إطار دولة إسرائيل ، لاأكثر ولا أقل ، وهو مايعرفه " الرئيس (!!) " أبو مازن جيداً .
+ إن صيغة " المتاهة " اللفظية ، وصيغة الخروج من الباب والعودة من الشباك ، لايمكن أن تنطلي لا على إسرائيل ولا على أصدقاء إسرائيل في العالم ، فدولة إسرائيل باتت بنظر الغالبية الساحقة من دول العالم حقيقة واقعة لا يمكن لأية صياغة لغوية جيدة الحبكة أن تنكرها أو تلتف عليها . وهي ( الوثيقة ) لا تساوي بنظرنا نحن الإسرائيليين شيئاً ، وأن مكانها الطبيعي عندنا هو ( هنا ) ، ورماها سفاهته في سلة المهملات .
2. موقف الفلسطينيين المتطرفين : إن الفلسطينيين المتطرفين ، والذين يمثلون نسبة كبيرة من الشعب الفلسطيني ، هي الرفض التام لاتفاقية أوسلو ، وبالتالي لحل الدولتين ، ويتماشى موقفهم هذا مع موقف حركة حماس التقليدي التي تسيطر على قطاع غزة ، مقابل الضفة الغربية التي مازالت تحت الاحتلال الاسرائيلي ولكن الذي قدم بعض التنازلات الشكلية لما يسمى " السلطة الفلسطينية " بقيادة السيد محمود عباس ( آبو مازن ) تنفيذا لاتفاق أوسلو 1993 ، بما يجعلها تتمسك بمواقفها المتعارضة مع موقف حماس ، والقريبة من مواقف الولايات المتحدة الآمريكية وآوربا ، وأيضاً من مواقف العديد من الدول العربية ولا سيما تلك التي اعترفت بإسرائيل وطبعت معها ( مصر كامبديفد واردن وادي عربة ) ، وتلك التي تنتظر دورها في الاعتراف والتطبيع عندما تسمح الظروف الفلسطينية بذلك ( دول الخليج وبعض دول المغرب العربي ) ، ولعل وثيقة حماس الجديدة هي واحد من هذه الظروف الجديدة لتي تنتظرها هذه الدول العربية بفارغ الصبر ، ولا سيما بعد أن طويت ورقة أكاذيب إيران وبشار وحزب حسن نصر الله ورميت في نهر بردى في دمشق (!!) .
3. موقف الفلسطينيين المعتدلين : والذي يقع في منزلة بين المنزلتين المتطرفتين ( إسرائيل ، وحماس 1988 ) من حيث قبولهم وتمسكهم بحل الدولتين ، شريطة أن تكون دولة أوسلو الفلسطينية وبالرغم من صغر حجمها ( أقل من 20% من فلسطين التاريخية ) دولة مكتملة شروط السيادة على الضفة والقطاع ، بما في ذلك الألقاب والمؤسسات والمرافق السيادية المختلفة ، ( وهو ماكان يطمح إليه المرحوم أبو عمار عندما قبل بأوسلو ) ودون أن ينسى هؤلاء المعتدلون " حق العودة " لمن يرغب من الملايين الستة الذين يعيشون في الشتات . ومرة أخرى فإن الكاتب لا يستبعد ، أن الوثيقة الجديدة لحماس ، يمكن أن تدخل في إطار التسوية النهائية للقضية الفلسطيني التي تريد أمريكا ترامب أن " تفرضها " على الجميع .

4. أما بصدد علاقة حماس بجماعة الإخوان المسلمين ، فإن من يقرأ وثيقتي 1988 و 2017 ، لن يجيد صعوبة في معرفة أن حركة حماس قد خضعت لضغوط عربية ودولية كبيرة لكي تفك ارتباطها مع جماعة الإخوان المسلمين المعترف به بوضوح في وثيقة 1988 ، لأن هذه الجهات المعنية تعتبر هذه الجماعة جماعة إرهابية ، ولا ترى أية فروق بينها وبين " داعش " .
إن النظام العالمي الجديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، وبما هو نظام " الرأسمالية المتوحشة " لايقبل ولا يحتمل لا النظام الإشتراكي العلماني و لا الأديان السماوية ، ولا سيما الدين الإسلامي منها . ولا أي شيء فيه رائحة العدالة والمساواة الحقيقية ، إن الغزو الإنجلوأمريكي للعراق عام 2003 وتسليمه إلى إيران الخميني ، ، وإن حماية وتسليح الأكراد السوريين الموالين لبشار الأسد ولروسيا ، وإن تدمير سوريا الحالي والمنتظر بصورة شبه تامة على يد القوتين العالميتين العظميين ( آمريكا وروسيا ) وتهجيرملايين العرب السنة منها ، وإن تدمير تكريت والفلوجة والموصل وتهجير سكانها العرب السنة أيضاً منها ، إنما يصب كله في نفس طاحونة الحفاظ على الأنظمة العربية النفطية ، وعلى الدولة الصهيونية ( إسرائيل ) في فلسطين . إن من خلق الصراع بين السنة والشيعة في إطار الدين الإسلامي الواحد ، لن يجد صعوبة في خلق صراع آخر بين الأديان السماوية الثلاثة ولا سيما بين اليهودية والاسلام ، إنه النظام العالمي الجديد ، نظام " الرأسمالية المتوحشة " التي تسيطر من خلال امتلاكها لناصية التكنولوجيا السلاح بمختلف أشكاله وأنواعه ومستوياته ، وبواسطته وواسطة الدولارمعه على الاقتصاد العالمي داخل الأرض وفوقها وبالتالي على العالم أجمع ، ومن بين هذا العالم حركة حماس وسلطة البساط الأحمرلمحمود عباس ( أبو مازن ) . هذا والله أعلم .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-