الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصيدة

محمد علاء الدين عبد المولى

2006 / 1 / 28
الادب والفن


القصيدة

1
الآن أبدأ بعضَ هذا الحزنِ /
منّي جاءني نبأٌ وصدّقت النبأْ:
" ستقامُ مأدبةٌ على عظم الجماجم "
يا نَبِيَّ الشعرِ,
أنصفْ جوعَ قلبي للمسرَّاتِ القصيَّةِ يا نبيّ...
لك القوافلُ والحداءُ
وصوتُ من رقصتْ أغانيهِ على ساقٍ وحيدةْ
لملم شتات القلب تطويه لتنشرهُ القصيدةْ
فالآن أبدأ بعض هذا الحزنِ...
قل إنّي أسيرُ قصيدتي الأولى
وفضَّتها الّتي ما زيَّـنت غيرَ الصَّدأْ
قلْ لعنةُ الأجدادِ تتبعني
فألمسُ عشبَ تابوتِ البداية...
هل يدُ المأساة تسند أمَّةَ الأطلالِ
إذ تقف القصيدة قربها ؟
فلنبكِ من ذكرى بلادٍ غادرَ الشّعراءُ خيمتها
فلاحتْ مثلَ باقي الوشم في ظهرِ اليدِ ...
المأساةُ صورتنا, وها إني أسير قصيدةٍ
سافرتُ عن أوثانها فتقمَّصتني
أدميتُ بعضَ أصابعِ الكلماتِ كي تنسى تحيّتها الرّديئةَ
إنما الكلماتُ كانت باتّساعِ الكونِ, أعترفُُ:
البدايةُ والنهايةُ طائران جراحنا لهما سماءٌ,
تبزغ اللغةُ القديمةُ من جيوبِ الوقتِ شمساً
راودتْ جسدَ الأغاني فاستقال من التّحوّلِ
واستدار إلى معاجمَ لا تقولُ (خَلقتُ) بل (أُخلِفتُ)
أعترفُ:
القصيدةُ طفلةٌ سُجِنت
وتكاثرت في جوفها النَّطفُ
عفناً ترمّد فوق زهرتها /
القصيدةُ جثةٌ ما غسّلتها أنهرُ الرؤيا
ولم تمشي القبيلة في جنازتها /
القصيدة شاطىءٌ ما غادرته سفينةُ الصَّحراءِ
والسيفُ المهنَّدُ والنّخيلُ,
ورحلةُ الشعراء كِذبتهم...
وأعترفُ:
لن يزهر الصَّدفُ
في القاع, والسّفنُ
ستعودُ فارغةً
ترسو وترتجفُ
وتعيث في أرجائها جيفٌ,
وأعترفُ:
لن يرفع الزمنُ
تمثالَ أحزاني
ولن تخضرّ شطآني إذا لم يولدِ الوطنُ...
2
الآن أطرحُ بعضَ ماءِ البحرِ في صدر القصيدة /
فلأكن طرقاً إلى بحرٍ, شراعا ًأو هروباً من سفرْ
لأكن قليلاً من شواطىء,
موجةً تهتز في ذعرٍ وتسكب ملحها
في بطنِ ثعبان ينادمني,
وحين أغوصُ يوغل في ضلوعي...
ولأكنْ سمكاً يعرّي بعضه بعضاً
فيلبسه الحجرْ
الآن أطلب كل ماء البحر,
أرسم خطوةً لا تعرف الأشواق هيئتها
فتعبرني وتسبقني أنا من كنتُ سيدها...
وأطلب أن يكون الكونُ بحراً
ترعى غزالاتي على شطآنِهِ
تقتات لؤلؤه وتنسج منه شعرا...
يا نبيّ الشعر ها إني رأيتْ
الكون قبرٌ من حمامْ
وقطيعُ مملكةٍ يسوق ضفافَه ذئبٌ
ويشرق فوقه قمرٌ أقول بأنه ربّي فيأفل,
آه إني لا أحب الآفلينْ
وأحبّ حنجرةً ستخرجُ من رماد الروحِ يغسلها الغمامْ
وأقولُ تلك قصيدتي
الآن أرفعها سياجاً يسند الشجرَ الذي
ما زال ينكره الشجرْ.
3
الآن أشعلُ بعضَ جمرِ الشعرِ
من عشبٍ وماءٍ سوف أبني هيكلَ اللغةِ
وتكون أغنيتي
سرّا تكاشفه شموسُ اليأس
تغسله ليتّضحَ الخرابُ
وتهرّ معجزتي ويختتم الكتابُ
أعطِ القصيدةَ صوتَها يا سيّدي الدمّ المبجّل,
كنت تسرقُه فتسرقُها أهازيج تضيء لها الدروب
فيا دروب تشعّبي حتى يوحّدك اللهيب
أجوبُ وادي الريح,
مملكةَ العظامِ أجوبُ
حنجرتي تضيق بصوتها وتذوبُ...
........................
........................
..........يا من قد سموتُ إليكَ يوما
هل براقي جاهزٌ
فأكون في غيبوبة الإسراء نحو الموتِ ؟
يا من قد سموتُ إليكَ يوما
هل رحيلي زهرةٌ
يبستْ ونامت في إناء الموتِ ؟
يا منْ قد سموتُ إليكَ يوما
هل قصيدتي الجديدةُ
صوت قبّرةٍ يراقصها صباح الموتِ؟ ...

... يا من قد سموتُ إليكَ يوماً
مرّةً أخرى سأعترفُ:
القصيدةُ أفْـلتتْ منّي
وقارئُها سيفلِتُ صوتُه منها, ولكن...
لو أبوحُ بما أسرّ
فهل يمرّ الشعرُ من بوّابةٍ
لا يؤمنُ الشعراءُ إن لم يعبروها ؟
الآن أطفىء نارَ هذا الشعرِ
لي عشرون راقصةً, وأغنيةٌ.
ولي عشرون مملكةً, ومجزرةٌ.
ولي فرحٌ كنخلةِ عاشقٍ شهقتْ
فلمّا أبلحت لم يقربوها
للشعر أنثى في السماءِ كنوزُها
والأرضِ شهوتُها...
وبي حلمٌ بأن أستلّ رمحَ الشعرِ من هذا الدمارِ
وأصطفي فوضاه
أعبرُ فوقها
كالمؤمنِ المهزومِ فوق صراطه
فلتزهرِ الفوضى على أغصان حزني
باسمِ كَوني فلأقل
إني سأبدأ بعض هذا الموتِ
تلك قصيدتـي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنانة الراحلة ذكرى تعود من جديد بتقنية -اله


.. مواجهة وتلاسن بكلمات نابية بين الممثل روبرتو دي نيرو وأنصار




.. المختصة في علم النفس جيهان مرابط: العنف في الأفلام والدراما


.. منزل فيلم home alone الشهير معروض للبيع بـ 5.25 مليون دولار




.. إقبال كبير على تعلم اللغة العربية في الجامعات الصينية | #مرا