الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحات ذهبية في سيرة مناضل - ثابت حبيب العاني

مزاحم مبارك مال الله
(MUZAHIM MUBARAK MALALLA)

2017 / 5 / 15
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صفحات ذهبية في سيرة مناضل
أسم الكتاب : صفحات من السيرة الذاتية ـ ثابت حبيب العاني (1922 -1998)
تأليف : ثابت حبيب العاني
عرض / د. مزاحم مبارك مال الله
كتاب صدر عن دار الرواد المزدهرة في طبعته الأولى لعام 2014 ،يقع في 534 صفحة من القطع الكبير ،ويحتوي على العديد من الصور التوثيقية لشخصيات ساهمت في رسم خطوط مهمة بل ومحورية في تأريخ العراق السياسي الحديث.
يتصدر الكتاب مقدمة بقلم الرفيق الراحل ثابت حبيب العاني كتبها بنفسه عام 1990 من مقر إقامته في لندن ،يسلط الضوء فيها على أهمية وصعوبة تدوين المذكرات ،خصوصاً وقد عُجنت حياته بحياة الشعب وقضاياه الوطنية المصيرية لتتحول من حياة خاصة الى شخصية عامة ملك الوطن والشعب.
وحينما سطّر المؤلف(وحسب ما توافر له من ذكرى وذكريات) تلكم المحطات في سيرته الذاتية ،أنما يدوّن بأمانة ونزاهة ،محطات مهمة في تأريخ العراق والعراقيين ،وتعد سنداً قوياً لمن يتصدى للبحث والدراسة في تأريخ العراق السياسي، وكذلك لمن يبحث في دور فصيل من أهم فصائل حركته الوطنية والديمقراطية ،الاّ وهو الحزب الشيوعي العراقي، وهنا يقول المؤلف في مقدمته: "ويحتاج كل من يسعى الى أن يلقي الأضواء على تأريخ الحركات السياسية لأي شعب أن يتناول الأحداث بصدق بعيداً عن النزعة الذاتية ،لأن مساهمة أي فرد في الأحداث مهما كانت قدرته ودوره هي جزء من مجموع الحركات الجماهيرية ،سواء أكانت عفوية أو منظمة".
ولا بد من الإشارة الى الشهادة التأريخية التي أطلقها هذا المناضل العتيد والتي جاءت لتلجم كل فيهٍ تطاول على الحزب الشيوعي العراقي ،حينما قال:
"فالفضل يرجع أولاً وأخيراً الى الحزب الشيوعي العراقي في أية مساهمة ايجابية لي أو في تأدية أي عمل نافع للشعب والحزب". ثم يقول : "وعلى السياسي أن يعكس بصدق وأمانة دور الحزب ويلقي الضوء على مسيرته النضالية الشاقة والصعبة والمليئة بالتضحيات الجمة التي قدمها وما يزال يقدمها من أجل تحقيق أهدافه التي ما هي في الواقع الاّ أهداف عامة الشعب".
ويتضح من خلال مقدمة المؤلف أنه قد خاض وعلى مدى 54 عاماً من عضويته في الحزب، أنه "شارك في نضالات الحزب الجماهيرية والعمل في منظماته المهنية والديمقراطية ،حيث أصبح كادراً قاد منظمات ونقابات في مجالات حساسة وخطيرة".
ثم يتطرق الرفيق أبو حسان الى ظروف كتابة مذكراته هذه حيث شرع في تدوينها منذ عام 1984 وكان حينها قد التحق بفصائل الأنصار ،والتي ضاعت أثناء عبور الزاب من (لولان) الى (بهدنان)، مما أضطره الى أعادة الكتابة مجدداً حتى بلغت ثلاثة دفاتر من القطع الكبير،الاّ أن القصف الكيمياوي الذي تعرضت له قوات الأنصار عام 1987 ،أجبر المناضلين على النزوح من كردستان الى تركيا، وحينها أقنعه الرفاق بضرورة حرق تلك الدفاتر تحسباً من كشف الأسرار من قبل السلطات التركية ،ويقول :"حرقتها والدموع تترقرق في عيني".
في ص9 ،كتبت عائلة الفقيد مقدمة مؤرخة في 2012 ،وهي بالحقيقة شهادة رائعة بحقه حينما جاء فيها :"الفقيد ينتمي الى جيل كرّس كل حياته وعمل بنكران ذات من أجل حرية وكرامة شعب وادي الرافدين".
وتشير مقدمة العائلة الى أن فكرة أعادة تدوين سيرة حياته عاودته مجدداً في لندن ،معتمداً على ذاكرته رغم متاعبه الصحية في السنوات الأخيرة ورغم افتقاره الى الوثائق والمصادر ،وقد تطوع العديد من رفاقه ومحبيه لتقديم المساعدة ومنهم الفنان فيصل لعيبي وقتيبة داود الجنابي، والصحفي عبد المنعم الأعسم ،حيث تم تسجيل المذكرات على 14 شريطاً ،إضافة الى الملاحق التي كتبها الفقيد بخط يده، وقد ساهمتا بشكل مباشر السيدتان كلير مشعل وأبنته شروق العاني إضافة الى مساهمة الرفيقين عادل حبة وجاسم الحلوائي في أخراج هذه المذكرات الى النور.
وتشير مقدمة عائلة الفقيد الى أن المذكرات تعتريها نواقص غير قليلة فهي لا تغطي فترات مهمة من تأريخ العراق السياسي ،كما أنها تتضمن أراء واستنتاجات خاصة به.
تقع المذكرات تحت 101 عنوان ،إضافة الى ثلاثة عناوين جاءت بعد رحيله ومنها نعي اللجنة المركزية للحزب.
ثم تأتي الملاحق والتي جاءت بتسعة عناوين ،منها بقلم الراحل وأخرى بأقلام رفاقه ومحبيه.
الكتاب يحتوي على معظم ما جادت به ذاكرة الراحل ،ابتداءً من نشأته في مدينة عنه والتي طالما تغنى بها ذاكراً أيام طفولته الأولى ونشأته في ظروف التخلف وبساطة الحياة.
وقد استعرض بدايات نمو المشاعر الوطنية عنده وكيفية تطورها بمرور سنوات الدراسة وممارسة المهنة ،وصداقاته مع الوطنيين والشيوعيين الأوائل الذين اثروا أيما تأثير في وعيه وتألقه النضالي اللاحق.
لقد خبر الرفيق الراحل المهارات الحياتية والفكرية والسياسية والنضالية من معترك الحياة وأصبح قائداً حزبياً متميزاً قبل أن تسنح له الفرصة في الدراسة الأكاديمية للفكر الماركسي والتي توفرت له لاحقاً.
ويتطرق الفقيد الى الكثير من المحطات الرئيسة في مسيرة الشعب العراقي وهو شاهد للتأريخ على الروح الوطنية الوثابة، وتآخي الطوائف والقوميات في مواجهتهم لدسائس الأستعمار ومؤامرات الخونة.
وقد استعرض الرفيق أحداثاً دلت عليها عناوينها، ومنها حركة مايس1941 ،وثبة كانون1948 ،إعدام قادة الحزب الأشاوس1949، انتفاضة تشرين 1952وغيرها الكثير.
وتطرق الى العديد من المحطات المهمة في حياة الحزب الداخلية مستعرضاً المواقف البطولية للكثير من رفاق وقادة الحزب وكذلك المواقف المتخاذلة للبعض القليل الأخر،مروراً ببعض عثرات الانشقاق وهو الأمر الذي حلله وفق مبدأ التجربة الفتية لهؤلاء المناضلين وعدم استيعابهم لحركة التأريخ والتداخلات التي تعصف به.
ولم يغفل الرفيق العاني ذكر الدور المتميز الذي لعبه الرفيق الخالد الشهيد سلام عادل في أنجاز وحدة الحزب ،إضافة الى تأثره هو بشخصية الشهيد بما منحه من ثقة بالنفس والقدرة على تطوير إمكاناته الذاتية.
ويسرد الرفيق أبو حسان الكثير من الشواهد التي عكست تأثير الشيوعيين العراقيين في مجمل أنشطة الحياة ويثبت بما لا يقبل الشك موقع الحزب بين صفوف القوات المسلحة والتي أسهمت بشكل مباشر بقيام ثورة تموز الخالدة ودور الحزب المتميز في أنجاحها، وقد جاءت تلك التفاصيل تحت عنوان "الأيام الحاسمة التي سبقت ورافقت ثورة14 تموز1958".
وتحت عنوان "الحزب الشيوعي العراقي والقوات المسلحة بعد ثورة14 تموز"، حيث يشير الى أن قيادة الحزب أقرت مقترحاً تقدم به الرفيق الشهيد سلام عادل ،الاّ وهو ـ تشكيل لجنة عسكرية للحزب ـ وبذلك تشكلت أول لجنة مركزية للتنظيم العسكري للحزب الشيوعي العراقي.
ويسترسل ،تحت عناوين مهمة ،كشاهد وكأحد القياديين الشيوعيين الذين ساهموا في رسم سياسة الحزب في تلك المرحلة ،في وصف الأجواء الاجتماعية والسياسية بعد ثورة 14 تموز مسلطاً الضوء على التآمر الذي قاده البعثيون والقوميون والسلامويون وبدعم عبد الناصر في تمهيد الأجواء لإنقلابهم الغادر في شباط الأسود 1963، فاضحاً مواقف المتاجرين بالمشاعر القومية وشعاراتهم الرنانة بالوحدة العربية واصفاً إياها، بـ "ضرب من الرياء والمزايدات السياسية والتستر على مآرب أخرى تتمثل في الوقوف بوجه أي توجه ديمقراطي في مسعى لفرض دكتاتوريتهم على العراق".وبالمقابل أشار الى موقف الحزب تجاه "التضامن والاتحاد الفيدرالي كمنطلق ووسيلة لتحرير العرب من الإستعمار والسيطرة الأجنبية".
وعلى مدى صفحات كثيرة، يذكر الرفيق الراحل الكثير من الخفايا والتي تبدو أنها أسرار أمام المتتبعين لأحداث تلت نجاح ثورة 14 تموز سواء الحكومية منها أو تلك المتعلقة بالحزب ومؤامرات أعدائه وأعداء التيار الديمقراطي الذي بدأ ينمو باضطراد خصوصاً في الأشهر التسع التي تلت الثورة، تلك المؤامرات التي تمثلت بالمحاولات العديدة للإجهاز على عبد الكريم قاسم ومناصريه وكان أشدها مؤامرة الشواف، والتي أنتجت من بين ما أنتجت: " انتهاء العلاقة بين غالبية القوى السياسية والتيار القومي وكذلك ركود علاقات الحزب الوطني الديمقراطي مع عدم وضوح العلاقة بين عبد الكريم قاسم وبين الحزب، مما دفع الحزب الى ارسال رسالة الى قاسم في 31/3/1959 لتوضيح الصورة وبيان الحلول"، الاّ ، أن "قاسم لم يهتم لهذه الرسالة". مما أضطر الحزب الى عقد جبهة يسارية متكونة منه ومن الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي الكردستاني والجناح اليساري في الحزب الوطني الديمقراطي ،والقيام بحملة تواقيع تأييداً لهذه الخطوة مع رفع رسالة أخرى الى قاسم في 28/6/1959 وكان رد فعل قاسم تجاهها سلبياً ،فشن هجوماً على الحزب في خطابين ظالمين، الأول في 19/6/1959 والثاني في 5/7/1959، وكانت هذه إنعطافة في سياسة قاسم تجاه الشيوعيين والديمقراطيين انتهت بفاجعة شباط الأسود.
ويتطرق الرفيق الراحل في ص243 الى الاجتماع المهم الذي جمعه مع الشهيد سلام عادل وبعض الرفاق القياديين في 5/7/1959 ،حيث ناقشوا فيه موضوع "الإستيلاء على السلطة واسقاط عبد الكريم قاسم".
وتستمر الأحداث تتوالى في مذكرات الرفيق ابو حسان بأسلوب شائق متناولاً تفاصيل نكبة الشعب في شباط الأسود واستشهاد أعداد غير قليلة من الشيوعيين والديمقراطيين مروراً بأعادة تشكيل المنظمات الحزبية بعد الهجمة الفاشية وإنشقاق "القيادة المركزية"وتأثيرها على النضال الوطني والطبقي للحزب ،مستعرضاً محطات مهمة من تأريخ العراق بعد عودة البعث الثانية في 1968.
ويتناول الرفيق الراحل المؤتمر الوطني الثاني للحزب والظروف السرية التي عمل بها وتعرضه هو شخصياً للاعتقال في قصر النهاية سئ الصيت.
ولا يغفل الرفيق التطرق الى موقف الحزب من التغيير الذي قاده البعثيون في 1968 والأضطهاد الذي تعرض له الحزب مرة أخرى على يد البعث الأثم ،وتناول موضوع الشعب الكردي ورأي الحزب المبدأي والثابت في حق تقرير المصير، مروراً بالمداولات الخاصة بالجبهة الوطنية وانبثاقها، والمسار المتعرج الذي مرّت به وإصرار نظام صدام المقبور على اغتيال التطلع الديمقراطي والوطني لعموم الشعب والمتاجرة بمصالحه العليا.
أن مذكرات الرفيق ثابت حبيب العاني بما احتوته من حقائق مهمة وأحداث تأريخية لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهلها او العبور فوقها، أنما تعد وثيقة تأريخية أجد أنه من الصعب جداً الأستغناء عنها في التقييم الموضوعي لنضال الحزب الشيوعي العراقي وهو جزء لا يتجزأ من تأريخ العراق السياسي الحديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما


.. شاهد ما حدث مع عارضة أزياء مشهورة بعد إيقافها من ضابط دورية




.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف الحرب في غزة| #الظهيرة


.. كيف سترد حماس على مقترح الهدنة الذي قدمته إسرائيل؟| #الظهيرة




.. إسرائيل منفتحة على مناقشة هدنة مستدامة في غزة.. هل توافق على