الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول اغتيال المناضل فقهاء...أسئلة كبرى و اجابات غير شافية !

طلال ابو شاويش

2017 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


نعم نجحتم و لكن تبقى الإجابة عن السؤال الإجباري الأهم : وماذا بعد ؟!!!
* * *
بدا المشهد/ الموازييك مثيراً كما أريد له أن يكون... فحكايا العمل الاستخباري ذات خصوصية تفوق في إثارتها مشاهد أفلام "الأكشن" الهوليودية، ومباغتات "أجاتا كريستي"، ومفاجآت "أرسين لوبين"، وغموض شيفرات "دان براون" !
نعم ... لا أحد يستطيع أن ينكر حجم الجهود الجبارة والمضنية التي بذلتها الأجهزة الأمنية في قطاع غزة لتفكيك جريمة اغتيال القائد والأسير المحرر، ابن الضفة الغربية، المناصل مازن فقهاء...
الجريمة التي صدمت الشارع الغزي وأشعرتنا جميعاً بالمهانة كون التفكير الجمعي كان يتجه ويؤكد محلية الجناة، وأن الاغتيال تم بأيادٍ فلسطينية –مع خجلنا العميق لهذا الأمر- !
ومنذ اللحظات الأولى لجريمة الاغتيال النكراء، راح الشارع بمجمله المدني والحاراتي والمخيماتي والقروي يلوك الحكايات الشعبية ويمضغ الشائعات كما انبرى جيش الخبراء والمحللين الأمنيين لصياغة "الرواية" بعيداً عن المعايير والضوابط العلمية والموضوعية...
ومن هنا جاء قرار النائب العام المبرر، بالتوقف عن تداول الشائعات في الفضاء الالكتروني والتهديد بملاحقة من يثيرها ومحاسبته قانونياً بعد ذلك الفيض من القصص والحكايا البوليسية الساذجة والسخيفة...
وجاء المؤتمر الصحفي الأخير للأجهزة الأمنية في محاولة لوضع العصيّ في دواليب الشائعات والحكايا الشعبية بالإجابة على سؤال الجريمة الكبير بصورة مقننة لم تشبع الفضول ولم تشفِ الغليل... وفي هذا السياق نسجل جملة من التساؤلات والملاحظات...
* أولاً: إن حجم الجريمة النكراء يبرر – نسبياً – حجم رد الفعل من قبل الأجهزة الأمنية، خصوصاً أننا نحيا حالة طوارئ مستمرة، فكان بإمكاننا تفهم هذه الحالة وتجاوز اللغط حولها... تفهم الجمهور الغزيّ حالة الاستنفار القصوى بتعبيراتها ومظاهرها المختلفة على الأرض... فالغاية هي تفكيك لغز هذه الجريمة والكشف عن المتورطين فيها...
وهنا نقدر عالياً جهود الأجهزة الأمنية التي قامت بواجباتها المنوطة بها، وفي نفس الوقت فإن أهلنا في القطاع يستحقون كل التقدير والثناء أيضاً لما احتملوه من خنقٍ وتضييقٍ على بعض أوجه حياتهم – الكئيبة أصلاً – في القطاع الحبيب.
* ثانياً: أرى أن المؤتمر الصحفي الأول لرئيس حركة حماس السيد/ إسماعيل هنية كان كافياً، ولست مع عقد المؤتمر الثاني للأجهزة الأمنية والذي امتاز بالإثارة وظهر فيه المجرمون يتحدثون عن بعض تفاصيل جريمتهم، وإن جاءت هذه الاعترافات مقننة ومدروسة ومعدة بإتقان.
جاء هذا المؤتمر المثير استجابة لحالة النهم الشعبي والفضول المرضي للشارع الغزي المتعطش للحصول على المعلومة الأمنية... وهذا لا ينسجم مع أصول ومعايير العمل الأمني المستند إلى المعايير والضوابط العلمية... وكما سبق وأن أشرنا أكثر من مرة... الأمن لم يعد شطارة أو فهلوة... وإنما علم متكامل له تاريخه ورسخ أصوله ونظرياته بين العلوم الأخرى...
كان على الأجهزة الأمنية التقيد بضوابط علم إدارة المعلومات والاستفادة منها واستثمارها بعيداً عن عيون كاميرات الإعلام التي تبيح لنفسها التحديق في أي مقدس، وفضول الإعلاميين الباحثين عن إشباع شبقهم الإعلامي...
كان يجب ضبط الحدود بين الحالة الشعبوية والحالة الأمنية وعدم الاستجابة لهذا النهم الشعبي واندفاعه الأهوج للحصول على المعلومة وتحويلها إلى حكايا وقصص تتفنن في إنتاجها الذاكرة الشعبية من خلال المزج غير المتقن بين إفرازات الخيال ومادة المعلومة... وتحويلها إلى خليطٍ من الروايات البعيدة كل البعد عن الحقيقة العلمية والمتناقضة في تفاصيلها مع الوقائع الصحيحة للأحداث.
* ثالثاً: لا يجب ترسيخ ثنائية "الجريمة والتفكيك السريع لرموزها... "القتل والقبض على القاتل في زمنٍ قياسي"، في وعينا وعقولنا...
لا يجب أن تصبح الجريمة حدثاً اعتيادياً تتطبع عقولنا ونفسياتنا على حدوثه، ثم نأتي بعد ذلك لنطرب ونهلل لانتصارات الأجهزة الأمنية بالكشف عن ملابسات هذه الجرائم...
هذه ثنائية خطيرة ومدمرة، وتتنافى مع جوهر ومضمون وغايات الأمن... فالأصل هو منع الجريمة قبل حدوثها... الأمن في جوهره هو إفشال مخططات الخصوم قبل تنفيذها، وليس النوم في العسل حتى حدوث الجريمة ثم الاستنفار لفك رموزها والقبض على المجرم ثم التهليل لهذا الانتصار...
نتمنى وسنظل نتمنى أن نتابع مؤتمرات وتصريحات صحفية لأجهزتنا الأمنية، تعلن خلالها إحباط مخططات معادية ومنع جرائم قبل حدوثها والقبض على المجرمين المفترضين وبالشكل القانوني الصحيح...
هذا هو الإنجاز الحقيقي وهذا هو جوهر الأمن بمفهومه العلمي والموضوعي.
* رابعاً: المبادرة وقت الحاجة ووفقاً لما تقتضيه الضرورة الوطنية الواقعية... وهنا ربما يبقى الحديث في إطار العمومية لأننا ليس على إطلاع كامل بما تقوم به أجهزتنا الأمنية أو أمن حركاتنا وأحزابنا السياسية... وعدم معرفتنا هو مسألة صحية ولذا لا يمكن الحكم على مستوى الإنجاز تحت هذا العنوان الكبير...
لكن المبادرة مطلوبة وملحة، فلا يجب أن نقبع دوماً في دائرة الانتظار متحفزين لفعل "الآخر" ثم نستنفر بعد وقوع الحدث لإجراء المعالجات الأمنية اللازمة كردود أفعال... يجب المبادرة في هذه الحرب الخفية الشرسة والمستمرة منذ بدء الصراع والتي لم ولن تتوقف لا في زمن الحرب والاشتباك ولا في زمن السلم والاسترخاء...
المبادرة في التجنيد، وفي الحصول على المعلومة مبكراً وفي إدارة هذه المعلومة وتوظيفها علمياً... المبادرة في تفكيك الشبكات لدرء الخطر قبل وقوعه...
المبادرة محلياً وداخل المجتمع الإسرائيلي وفي الدول المحيطة وعلى المستوى العالمي أيضاً...
هكذا تتشكل المنظومة الأمنية الحقيقية الفعالة... المنظومة التي تشكل سياجاً وطنياً حقيقياً لاحتضان وحماية الوطن والمواطن...
* خامساً: بعيداً عن الأقاصيص والحكايا التي صاغها وأنتجها الخيال الشعبي والشائعات الكثيرة التي لا زال المجتمع الغزي يمضغها ويلوكها بنهم، فقد توفرت معلومات وإن كانت شحيحة من هؤلاء المتورطين في هذه الجريمة النكراء، تؤكد دورهم الدموي في أحداث الانقسام الأسود عام 2007... إلى جانب آخرين تم الكشف عنهم سابقاً، وثبت تورطهم مع الاحتلال وكانت أياديهم ملطخة بدماء أبناء حركة فتح إبان تلك الأحداث... ولسنا بصدد ذكر الأسماء والمعلومات في هذا المقام... وبالتأكيد فإن هذا الحال ينسحب على الطرف الآخر أيضاً... فبين مقاتلي حركة فتح هناك من مارس أعمالاً دموية بحق أبناء حركة حماس... وعليه فهذا يثبت تورط إسرائيل حتى الأذنين في أحداث الانقسام وجرائمه... إسرائيل كانت وعبر هؤلاء العملاء في الفصيلين المتناحرين تنفذ مخططات مرسومة مسبقاً، وتقود الحالة الفلسطينية إلى مزيدٍ من الشقاق والفوضى والتشرذم والدموية... الطرفان وجميع أبناء شعبنا باتوا يدركون هذه الحقيقة تماماً... فلا قيادة حماس ولا قيادة فتح الرسميتان، أعطتا الأوامر لهؤلاء العملاء لتنفيذ تلك الجرائم الدموية التي بكينا دماً ونحن نواكبها... فهل يقبل المنطق الوطني بعد ذلك أن يبقى الانقسام المشئوم الذي غذته إسرائيل قائماً إلى الآن؟!
هل يجوز أن نصم آذاننا ونغلق عيوننا وآفاق عقولنا أمام كل هذه المعطيات المخيفة، ونصرّ على بقاء الانقسام البغيض؟!
أليس أفضل ردٍ على عبث الاحتلال بأمننا وبساحتنا هو طي هذه الصفحة المشئومة وتقديم المصلحة الوطنية العليا على أية مصالح وحسابات أخرى؟!
* سادساً: خصوصية الاغتيال الأخير أبرز وبوضوح حجم الاختراق الأمني على جبهة داعش وربما غيرها من حركات الإسلام التكفيري المتطرف... ولكم أن تتخيلوا هذه الفرضية... لو تدهورت الأوضاع في قطاع غزة واحتدم صراع علني ومباشر بين حماس وحركات التطرف الأخرى وفي مقدمتها داعش، فأين سيكون موقع المتورط الرئيسي في جريمة الأمس؟!
الخائن الذي تخفى في صفوف القسام قبل انكشاف أمره ثم انزلق على يمينهم وربما اتهمهم بالخيانة والتخلي عن عهود الدين... وقام بتجنيد خلايا سرية ونفذ مجموعة من الجرائم المعروفة لأهالي القطاع؟!
ألم يكن أمام هذا المتورط فرصة كبيرة لتبوء منصب قيادي وهام في هذه الحركات؟!
ولكم أن تتخيلوا حجم الخطر من وجود عميلٍ إسرائيلي على رأس حركة مسلحة ومتطرفة في قطاع غزة !
المطلوب من حركة حماس وأجهزتها المختلفة وبالتعاون والتنسيق الكاملين مع مختلف فصائل العمل الوطني متابعة تفكيك هذه الخلايا وشلها تماماً، وبموازاة هذا العمل الأمني يجب العمل على إعادة ترميم عقول هؤلاء المغيبين والمخدوعين من خلال التواصل والحوار وتقديم الأدلة العلمية على حقيقة ما جرى ولا زال يجري في الوطن وفي دول الجوار...
* سابعاً: سمعنا الرد الشفهي الكلاسيكي على جريمة اغتيال القائد فقهاء "الجريمة لن تمر وسيدفع الاحتلال ثمن حماقته وستحمل تداعيات الجريمة"...
نعم يجب الرد وبقوة على هذا الاغتيال، فبموازاة العمل الأمني المكثف الذي واكب عمليات التحقيق لتفكيك رموز وشيفرات هذه الجريمة، يجب أن تتحرك المقاومة للرد عليها... نعم... أجهزة الأمن الإسرائيلية بادرت بتغيير قواعد الاشتباك وعلى المقاومة أن تبدع قواعد جديدة لهذا الاشتباك أيضاً... وأن تتجنب ردود الفعل الانفعالية المباشرة، وأقصد هنا الرد بإطلاق الصواريخ نهاراً وانتظار القصف الإسرائيلي ليلاً... هذه المعادلة البائدة يجب أن تنتهي بمبادرة مفاجئة من المقاومة... يجب أن يكون الرد مؤلماً ومقنعاً بأن الجرائم بحق قادتنا ومواطنينا لن تمر دون عقاب...
نعم من حق المقاومة أن تحدد الزمان والمكان للرد، ولكن ليس على طريقة رجالات الحكم العربية... فمكان وزمان المقاومة هو ما يمنحها القوة والإيلام والتأثير والردع والمفاجأة الحكيمة والمخططة.
وأخيراً... إلى العيون المتيقظة الساهرة، لن أكرر الشكر، بل نكرر القول بأنكم قمتم بواجباتكم المقدسة تجاه الوطن والمواطن...
ونتطلع إلى يوم، تتضافر فيه الجهود وتتكامل فنرى لفلسطين الموحدة جهازاً أمنياً موحداً تلتقي فيه الخبرات والإمكانيات والطموحات، وتتكامل فيه الرؤى لتشكيل السياج الأمني الوطني القانوني والحاضنة الحقيقية لشعبنا وقضيته ومستقبله...
صحيح أن واقعنا مؤلم وقاسي، وأزماتنا مستفحلة، لكننا لن نتوقف عن الحلم أبداً !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي