الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطنة بين زمنين

خليل الشافعي

2006 / 1 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قبل الخوض في طبيعة علاقة المواطن العراقي بالدولة , علينا قبل كل شي أن نفرق بين الدولة وثوابتها والحكومة ومتغيراتها , ومن خلال معرفه الحدود الفاصلة بين الدولة والحكومة يمكننا أن نرصد ونميز طبيعة علاقة المواطن بالدولة وكذلك علاقته بالحكومة ورئيسها ولا يجوز الخلط بين العلاقتين فإذا كانت علاقة المواطن بالحكومة تسودها عدم الرضا والنفور فهذا لا يحسب على علاقته بالدولة والوطن هذا هو المبدأ العام .
ولكن في الزمن الدكتاتوري اختلطت المفاهيم وشوهت معانيها ومبدأ المواطنة والديمقراطية كغيرها من المبادئ والقيم الوطنية والانسانيه تعرضت للتشويه والتحريف والاحتراف , الدكتاتورية افترست المواطنة والديمقراطية افتراسا فليس بمقدور المواطن أن يتفوه بشيء يغيض الرئيس وازلامه فهو مثقل بالواجبات ولا حقوق له ينتظر رحمه القائد ومكرمته ( الله ينصرك سيدي رايتك بيضه سيدي )فمبدأ المواطنة في قاموس الدكتاتور تعني الطاعة العمياء لسلطانه فهو الدولة والقانون وهو الحكومة والقضاء ولا حياة لمن يخرج عن طاعته .
وعلى ضوء ذلك لم يكن باستطاعة المواطن التمييز بين الدولة والرئيس وحكومته اختزلت الدولة بالحكومة والحزب القائد واختزلت الحكومة والحزب بشخص الرئيس ( قائد الضرورة ) فكان الرئيس هو الدولة والقانون وإذا قال الرئيس قالت الدولة وقال القانون .
ومن جراء هذا الاختزال القسري كانت علاقة المواطن بالدولة والوطن عموما من خلال علاقته بالرئيس وحزبه وحكومته , ولما يتميز به الدكتاتور وازلامه من أداء سيء وغير عادل ولا إنساني في أداره الدولة والمجتمع تشوهت علاقة المواطن بدولته ووطنه وكانت علاقة سلبية علاقة نفور وعدم ثقة مما خلق لدى المواطن الشعور بالاغتراب الوطني .
أما في الزمن الديمقراطي وبعد سن القانون الأساس ( الدستور ) فالأمر يختلف كليا , لقد وضعت النقاط على الحروف ولم يعد هناك خلط بالمفاهيم يوهم المواطن فما للدولة للدولة وما للحكومة للحكومة وأخذت المواطنة والديمقراطية مكانتهما الطبيعية في القانون وفي الحياة العامة للمجتمع وأصبح بامكان حفظ هيبة الدولة بعيدا عن أداء الحكومة فلا تتأثر الدولة ومصداقيتها بما هو سلبي في أداء الحكومة فللدولة ثوابتها القانونية ومؤسساتها السيادية والتي تمكنها من بناء الثقة في علاقتها مع المواطن ومحاسبه المسؤولين في الحكومة ومسائلتهم .
المواطنة هي العلاقة الحميميه التي تربط المواطن بوطنه هي الانتماء للدولة والمجتمع قبل كل شيء لا للحكومة ورئيسها فان تصدعت العلاقة بين المواطن والحكومة لن يشكل ذلك خللاً في مواطنية المواطن وإخلاصه للبلد .
ومن خلال ما تقدم يمكننا القول إن الحس الوطني لدى المواطن العراقي والشعور بالانتماء الوطني اليوم هو أفضل بكثير مما كان عليه في الزمن الدكتاتوري البغيض أن تلاشي الشعور بالاغتراب وإشاعة الشعور بالانتماء لدى السواد الأعظم له دلالاته الوطنية المتمثلة في المساهمة الطوعية في الانتخابات العامة والاستفتاء على الدستور والتعاون مع أجهزة الدولة في مكافحة الإرهاب والفساد فبالرغم ما تشهده بلادنا من تفعيل للهويات الفرعية حيث الطائفية والقومانية على أشدها إلا أن البلاد وضعت على المسار الصحيح وأرست الركائز القانونية للبناء الوطني وان جملت المغالطات المتمثلة في التعصب القومي والطائفي قد تعثر المسيرة ولكن لا توقفها ، إنها كبوة وبعد الكبوة صحوة عندها يكون الوطن وتكون المواطنة على أفضل حال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال