الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية المؤامرة والعرب

عمر سلام
(Omar Sallam)

2017 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


نظرية المؤامرة والعرب
ان كلمة مؤامرة او نظرية المؤامرة كثر استخدامها في العصر الحديث تحديدا من قبل دول العالم النامي ومن ضمنها منطقتنا العربية.
وهناك من يوافق هذه النظرية ويبني كل تحليلاته على ضوئها وهناك من يرفضها رفضا قاطعا ويعتبرها شماعة يستند اليها الحكام لتبرير فشلهم وفشل سياستهم بالنمو والتطور.
وان كلمة نظرية بالمعنى الرياضي تعني انها مبرهنة أي لا داعي للنقاش فيها، وهذا ما يستخدمه أصحاب نظرية المؤامرة، أي انها تحصيل حاصل فالأحداث تسير وفق مؤامرة مخطط لها مسبقا.
اما كلمة مؤامرة فهي انحرفت في العصر الحديث عن معناها اللغوي الأساسي في اللغة العربية.
فمعنى مؤامرة اللغوي هو المشاورة او الاستئذان كقول مالك (لَا يَجُوزُ عِتْقُ السَّيِّدِ إيَّاهُ دُونَ مُؤَامَرَةِ أَصْحَابِهِ) أي دون اذنهم.
ويقول الشافعي عن استشارة الفتاة قبل الزواج (الْأَيِّمَ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا وَأَمَرَ فِي هَذِهِ بِالْمُؤَامَرَةِ وَالْمُؤَامَرَةُ قَدْ تَكُونُ عَلَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ)
وعَنِ الْأَصْمَعِيِّ: (وَامَرْتُهُ مُوَامَرَةً: شَاوَرْتُهُ. وَآمَرَ فُلَانٌ فُلَانًا بِخَيْرٍ وَشَرٍّ. وَأَمَرَ يَأْمُرُ أَمْرًا، وَالْأَمَارُ: الْمُؤَامَرَةُ)
بينما في العصر الحديث اخذت كلمة مؤامرة منحى اخر مختلف تماما، وهي ان تفسر الاحداث بالعالم نتيجة اتفاق طرفين او أكثر لإيذاء طرف اخر، وهي هنا بمعنى المكيدة.
فهل الاحداث تتم نتيجة مكيدة من أطراف خارجية، إذا كان الجواب: نعم، فهذه هي نظرية المؤامرة وإذا كان الجواب لا فهو نفي للنظرية.
يكمن الجواب الباطن عن وجود نظرية المؤامرة في كتاب لينين (الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية) حيث حدد لينين بوضوح تام وليس فيه لبس عن سعي الدول الرأسمالية الى السيطرة على أسواق العالم والسيطرة على مواده الخام والتنافس فيما بينها للحصول على ذلك.
فعن الحرب العالمية الأولى قال لينين (أن حرب سنوات 1914-1918 كانت من جانب الطرفين حربا امبريالية (أي حرب غزو ونهب واغتصاب)، حربا من أجل تقاسم العالم، من أجل اقتسام وإعادة اقتسام المستعمرات و«مناطق نفوذ» الرأسمال المالي والخ.)
فاذا تساءلنا من سيقتسم العالم؟ فحكما لن يكون الجواب الدول الضعيفة او ذات الاقتصاد الاقطاعي المتخلف فهي لن تكون دول افريقيا او دول اسيا او دول أمريكا اللاتينية، بل الدول الرأسمالية المتطورة التي أصبحت في طور الامبريالية، كما قال لينين (فالإمبريالية التي تعني اقتسام العالم).
فهنا نظرية المؤامرة واضحة وضوح الشمس. أي هناك مكيدة من الدول الامبريالية للإيقاع بالدول الفقيرة لاستملاكها وتقاسمها. وهذا ما حصل فعلا.
وهناك مثالان في منطقة الشرق الأوسط عن نظرية المؤامرة:

1- اتفاقية سايكس بيكو
وهي بين وزيري خارجية بلدين اوربيين هما فرنسا وبريطانيا لتقاسم أراضي في الشرق الأوسط واحتلالها. وفعلا تم تقسيمها ولا زالت مقسمة الى الان.
فلنتخيل أنفسنا في نفس الغرفة اثناء اجتماع سايكس وبيكو لتقاسم أراضي الشرق الأوسط. فنحن في مكان بعيد تماما عن تلك الأراضي وجالسون بأقصى غرب اوروبا ونستمع لشخصين يتقاسمان أراضي بعيدة عنهما الاف الكيلومترات. اليست هذه مؤامرة ومؤامرة من الدرجة الأولى.
ولنتخيل أنفسنا في الجهة الأخرى نجلس في حيفا ولنا أقارب في دمشق او في بيروت وفجأة نرى جنودا اتو من اقصى غرب اوروبا لنجد أنفسنا تحت الاحتلال الإنكليزي واقاربنا تحت الاحتلال الفرنسي.
فاذا سألنا أنفسنا هل الاحداث جرت نتيجة سير طبيعي لتطور المنطقة، والتطور الاقتصادي والاجتماعي لسكان المنطقة تطلب وجود الاحتلال ام نتيجة صراع بين دول امبريالية لتقاسم العالم الضعيف.
هنا تصلح نظرية المؤامرة 100%.
2- وعد بلفور
انه وعد من وزير خارجية بريطانيا للرأسمالي اليهودي روتشيلد بجعل فلسطين وطن قومي لليهود، وفعلا نفذ هذا الوعد وأقيم الكيان الصهيوني على ارض فلسطين ولا زلنا بعد مئة عام نعاني من تبعات هذا الوعد.
هنا تنطبق نظرية المؤامرة 100%، اذ بلد في اقصى غرب اوروبا استعمرت بحكم القوة فلسطين وقدمتها على طبق من ذهب هدية للحركة الصهيونية لحاجتها للرأسمال الصهيوني، وصنعت مأساة شعب كامل ولا زال الى الان يعيش في هذه المأساة.
وهذا ما قال عنه لينين (أن الإمبريالية تفضي إلى الإلحاق وإلى تفاقم الظلم القومي)
فألحقت الامبريالية البريطانية الأذى بالشعب الفلسطيني وعاش بالظلم القومي الى الان.
3- الثورات العربية ونظرية المؤامرة
دخلت كلمة الثورة في القاموس العربي مع تحرك الشريف حسين في الحجاز للتخلص من الاحتلال التركي بإشراف الإنكليز
لقد لعبت الامبريالية البريطانية دورا مزدوجا فهي دعمت الشريف حسين في قتال الاتراك الى جانبها وذلك للتخفيف من خسائرها قدر الإمكان فكان الشريف حسين يقاتل لأجل بريطانيا وهو يعتقد انه يقاتل من اجل مملكة عربية كبرى، وسميت تلك الحركة زورا بـ (الثورة العربية الكبرى) وبنفس الوقت كانت شركة الهند الشرقية التابعة للاستخبارات البريطانية تؤهل عبد العزيز ال سعود لجعله ملكا على الجزيرة العربية. وأيضا كانت بريطانيا تجهز لتقاسم المنطقة مع فرنسا وتحضر لإعطاء فلسطين للحركة الصهيونية.
فهل يمكن فصل هذه الاحداث عن نظرية المؤامرة
وفي العصر الحديث لم يغب عن الامبريالية هدفها الرئيسي باقتسام العالم الضعيف، فأخذت بكل ما تملكه من قوة في تقنية المعلومات ووسائل الاعلام من استثمار تحرك الشارع العربي طالبا للحرية والديمقراطية بتوجيه واستثمار هذا التحرك بما يحقق أهدافها وباستثمار الرأسمال العربي التابع لتمويل كل النشاطات التي تحرف التحرك الحقيقي للجماهير العربية.
فأمام قوة الامبريالية السياسية والإعلامية وما أصبحت تمتلكه من وسائل اتصال واقمار صناعية ووسائل اعلام حديثة أصبحت هي القائد الفعلي لكل مجريات الاحداث. ومن يلعب داخل الاحداث هم مجرد بيادق لا يستطيعون الخروج من دائرة سطوة الممول والموجه.
هنا يمكن القول مع غياب قيادة ثورية وحزب ثوري يقود الجماهير العربية ان هناك فعلا مؤامرة تستهدف وجوده وكيانه وأصبح الحلقة الأضعف امام شراسة قوى لم تختلف طبيعتها منذ وصفها لينين قبل مئة عام.
فالشعوب العربية الى الان تنطبق عليها نظرية المؤامرة، (وقد تتآلف الامبريالية مع حكامهم في المؤامرة، بإعطاء الحكام نسبة من أرباح سرقة ثروات بلادهم) ولن يتغير حالهم الا بنهوض قوى عربية تحمل هم الجماهير وتخرجه من دوامة التنويم المغناطيسي ليعي ذاته ويعي أهمية استقلاله عن امبريالية شرسة ليمارس دوره الحضاري مثل باقي الشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر