الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر حسين حبش ـ غرق في الورد

حمزة الحسن

2003 / 2 / 20
الادب والفن




 ـ روائي عراقي مقيم في النرويج

( أنظر إلى قامة بيتهوفن
أراه حزينا.
جموع الأكراد
يعاينون مركز مدينتهم بخطاهم
ولا يعالجهم سوى الحنين ).

   من ديوان: غرق في الورد، قصيدة بيتهوفن والأكراد.

                        *


مثل غناء سنونوة قادمة في الطريق إلى كنيستها في فصل الربيع، هي أيضا قصائد الشاعر حسين حبش. فهذا الشاعر يكتب قصائده بالماء أو الندى أو الهواء ويحلّق محاذرا أن يجرح المطر أو الريح أو الغسق بجناحيه الأزرقين منتشيا بالخمرة وزرقة الأفق والحرية.

وحسين مسكون بغبطة الوجع، وهي غبطة تغرق صاحبها في المسرة والحنين ولسعة الذكرى.

لم لا؟ فهذا الولد الكردي المقيم في بون جسدا، وفي قرية" شيخ الحديد" التابعة لقضاء عفرين في سوريا،روحا وذاكرة، يحاول، كما حاول قبله ( أطفال الله المدللون: يقولون ما لا يفعلون) المنفيون، والفارون، والمتسكعون، وصعاليك الأزمنة الحديثة، أن يبنوا المكان الأول بالكلمات.

وحسين مثل قبيلة الله هؤلاء مؤمن بسحر الكلمات وقدرتها على خلق المعجزات في عالم صلب، خشن، تموت فيه الحساسية، ويرتعش  الشعر أمام وضوح النصل كما ترتعش فراشة أمام الفخ.
 وما أكثر الفخاخ حسين؟!

أنت تغرق في الورد، وغيرك يغرق في الوحل.  بل صار من  يتباهى بموهبة الحقارة، كما تتباهى أنت في  هذا الغرق المعطر بالبدايات البكر الأولى.

وحسين وقع كما وقع من قبله( ملوك الشفافية والهزال) كما وصفهم في مقدمته، في الحنين، ورائحة البنفسج. ومن يستطيع أن يراوغ حنينه على هذه الأرصفة المنذرة بالأمطار الغريبة.؟ وماذا يستطيع هذا الولد الكردي أن يقول أو يفعل إذا وجد نفسه يوما في محطة قطار غريبة وعلى رصيف غريب وهو يواجه مطرا لا يشبه مطر سماء شيخ الحديد؟.

 لذلك كان رأي الشاعر والروائي سليم بركات دقيقا حين قال في كلمته عن الديوان والشاعر:

( أزمة الحنين إلى المكان، وأختها الخيبة، هما استدراج الشاعر حسين حبش  لذاته إلى أن يكون متسامحا، إلى هذا الحد، مع ألفاظه، وإنشائه للعلائق صورا وتراكيب، في بيان ركيزته التعارض الجامع، بتدبير غير ملجوم، بين الأسطورية، والسوريالية الساخرة، والخفّة الغريزية مطلقة على عاهنها، في اقتناص الشعري من الركام. هو شاعر علينا ـ ربما ـ أن نتسامح مثله).

والخفة الغريزية وهي قرينة العفوية المدهشة، والجمال البري النادر، ليست سمة من سمات قصائد حسين فحسب، بل هي حسين نفسه. كتب لي في الإهداء كما لو كنا أصدقاء منذ زمن الطوفان بهذه التلقائية المنقرضة مع الأسف والتي بدونها لا يكون هناك شعر أو أي خلق آخر:

( كان بودي أن تقرأ هذا الكتاب قبل الآن، لكني وفقط حصلت على عنوانك من موقعك الجميل الأعزل)!.

 هذه البراءة الصادمة، وهذه العفوية الغاربة، هي كل ما يجمع هذه القصائد مع بعضها.

وصل ديوان حسين حبش في بدايات ربيع وعودة طيور وعصافير مهاجرة في مواسم الثلج والعواصف والضباب.

وتذكرت تلك الأغنية التي يرددها سكان إحدى القرى في انتظار عودة السنونوة إلى الكنيسة في الربيع:

"أيتها السنونوة، متى تعودين إلى عشك؟"

ولك أغني:
حسين حبش متى تعود إلى عشك في شيخ الحديد؟!


*من ديوان غرق في الورد*

* كأني أنك

كأنك شمعة
وكأني عود ثقاب
أشعلك.
كأنك حمامتان
وكأني أفعى
أقضم مناقير نهديك.
كأنك قبة قصر عال
وكأني راية
مرفوعة لأجلك.
كأنك نابغة السُّكر
وكأني مريض السكر
كأنك قرط
في أذن الريح
وكأني سليل الراكضين
وراء الريح، الريح.
كأنك رهافة الماء
وكأني النهر
أجري مع الرمل
إليك.
كأنك النار الهامدة
وكأني واقدك اللهبي
كأنك أنكِ
وكأني أنكِ

ـــــــــ*
حسين حبش شاعر سوري ولد عام 70 في قرية كردية اسمها" شيخ الحديد" مقيم الآن في بون/ ألمانيا/ و"غرق في الورد" ديوانه الأول وصدر من دار أزمنة/ ألواح سنة 2002.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خيارات صباح العربية للمشاهدة هذا الأسبوع في السينما والمنصات


.. الفنان ناصر نايف يتحدث عن جديده مع الملحن ياسر بوعلي وموعد ط




.. -أنا محظوظ-.. الفنان ناصر نايف يتحدث عن علاقته بالملحن ياسر


.. من عالم الشهرة إلى عالم الإنتاج السينمائي.. صباح العربية يلت




.. أغنية -سألوني الناس- بصوت الفنان الشاب ناصر نايف