الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاد السلطان من أمريكا بخفي حنين

اكرم بوتاني

2017 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الدقائق التي شوهد فيها الرئيس الأمريكي ترامب مع رئيس تركيا كانت دقائق تفوح منها رائحة الإستخفاف بعقلية اردوغان ، فنحن لم نسمع ذات يوم بان الجيش التركي كان اقوى جيوش العالم فمن اين جاء الرئيس ترامب بهذه المقولة ان لم يكن يستخف فعقلية السلطان .
من المؤكد بأن اردوغان لم يستوعب ذلك الحديث تماما ، فالجيش التركي الذي امتدحه الرئيس الأمريكي ترامب كان ضمن جيوش خمسة عشرة دولة شاركت في الحرب مع الولايات المتحدة ضد كوريا الشمالية بقرار من الأمم المتحدة حين ذاك ، حتى ان تلك الحرب تسمى احيانا بالحرب المنسية ، وقد لايكون مستبعدا ان يكون ادورغان قد سأل العم (گوگل)عن تلك الحرب كما فعل كاتب هذه السطور ، فتعامل الغرب مع الدولة التركية التي كانت تدار من قبل الجنرالات العسكريين لن ولا يكون ذات التعامل مع تركيا التي يسيطر عليها حزب اسلامي حتى لو كان ذلك مجرد تسمية ، وما يجري من تهميش لتركيا من قبل الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لا يصدقه اردوغان وحزبه ،وهذا ان دل على شئ فإنه يدل على ان اردوغان ليس الرجل السياسي الذي يفهم التقلبات السياسية التي تجري في المنطقة ، وإلا لكان يجاري التقلبات ويتماشى معها ليحافظ على مكانته ومكانة دولته ، خصوصا وإنه قد تمكن من تحجيم دور الجنرالات الذين قضوا على تطلعات الرئيس التركي الأسبق المرحوم توركت اوزال الذي تفهم الأوضاع السياسية لبلاده وحاول ان يحل القضية الكوردية بالعقل والمنطق لا بالآلة العسكرية والقتل والتدمير كما يفعل اردوغان ، فالسياسي الذي يتوهم بأنه سيد نفسه ولن يتقبل ان يجاري الاحداث وتقلباتها هو الذي يقود بلاده الى الهلاك والدمار ، صحيح ان مقتل توركت اوزال اثر على القضية الكوردية لأنه كان يحاول ان يجد الحلول العقلانية لإنهاء الصراع الكوردي التركي لكن مقتله لم ينهي المسألة الكوردية ، بينما العكس هو الذي حصل حيث تطورت القضية واصبحت قضية عالمية ، والذين يحاولون إنكار القضية هم الذين يحجبون شعاع الشمس بالغربال ، فمن الأجدى والأفضل لتركيا ان تتفهم مجريات الأحداث بصدق حيث لم يعد إنكار وجود الكورد الذين تجاوزوا الخمسين مليون نسمة ممكنا ، خصوصا وان التكنولوجيا الحديثة تنقل الحدث في لحظة وقوع الحدث والى العالم اجمع ، فلم يعد اخفاء الحقائق ممكنا كما كان من قبل ، وخير دليل على سرعة نشر الحدث ما شاهده العالم عبر الفضائيات كيف تصرف الحراس الشخصيين لاردوغان مع تظاهرة سلمية لكورد مقيمين في الولايات المتحدة الأمريكة وهذه التصرفات الغير أخلاقية تدل على وحشية النظام التركي ، فإذا كان هذا تصرفهم في الولايات المتحدة الأمريكية وهم ضيوف فيها ، فكيف يتوقع المرء أن يكون تصرفهم وهم في دولتهم الدكتاتورية ، وهذا ما دفع بأحد ابرز الشخصيات في الكونكرس الأمريكي ألا وهو السيد جون مكين ان يطالب بطرد السفير التركي من الولايات المتحدة ، واستدعي السفير التركي لدى وزارة الخارجية الأمريكية ، وهذا العمل الوحشي جاء كردة فعل للبرود الذي استقبل به اردوغان في الولايات المتحدة حيث كان يحلم السلطان قبل زيارته بأنه سيستقبل كشخصية تمسك اوراق اللعبة في الشرق الأوسط بأكمله ، وكثيرا ما كان يتفاخر قبل زيارته بانه سيطالب الرئيس ترامب بالتوقف عن مساعدة الكورد ، وكذلك سيطالب بتسليم عبدالله گولن وخابت آماله وذهبت احلامه ادراج الرياح وعاد الى تركيا بخفي حنين ، وكل ما تمكن من فعله هو انه زاد من تشويه صورة النظام التركي امام العالم بإعتداء ازلامه على متظاهرين عزل من ابناء الكورد ، والكورد لايستغربون هذا العمل لأنهم على دراية تامة بأخلاق الاتراك ، وهذا هو خلق الغالبية العظمى منهم اينما كانوا واينما نزلوا .
على تركيا ان لاتخلط الأوراق وأن تتصرف بعقلانية و حكمة فإتهام الكورد بالإرهاب لن ينفع تركيا ، ولن يغيير من الحقيقة شيئا ، فالكورد أصحاب قضية وأصحاب وطن تستعمرونه دون وجه حق والعالم وعلى رأسهم الأمم المتحدة تدرك ذلك ، وعلى اردوغان ان يتذكر بأن دور تركيا في الشرق الأوسط لم يعد كما كان عليه سابقا ، فالشرق الاوسط الجديد الذي رسمته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها يتضمن دولة كوردية قوية لايتمكن اردوغان ولا حتى الولي الفقيه علي خامنئي من الوقوف ضد قيام تلك الدولة ، فمن الأولى بتركيا ان تجنح نحو السلم مع الكورد فكراهية الكورد والوقوف ضد تطلعاتهم بالقوة والعنف لن ينفع تركيا بقدر ما يضرها وتركيا تدرك ذلك اكثر من غيرها فهي التي حاولت وعلى مدى قَرْنٍ من الزمن صهر الكورد داخل المجتمع التركي من خلال القمع والتهجير لكنها لم تتمكن ، وهو ما سعى اليه صدام حسين ولم يتمكن ، فذهب هو وبقي الكورد ، وسيذهب اردوغان والخامنئي والأسد وسيبقى الكورد كأمة تأبى الإنصهار مع المجتمعات التي لا تتجانس معها ، وقيام الدولة الكوردية اصبح وشيكا فلا إمكان للعصا الأردوغانية ان توقف العجلة .


[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة