الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معنى الوطنية الحقيقه

هاشم الشبلي

2017 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


معنى الوطنيه الحقيقه
الوطنيه مفهوم حديث نسبيا ظهر في اوربا مع ظهور الطبقه الوسطى في القرن السابع عشر تلك الطبقه التي اطاحت بالنظام الاقطاعي- الكنسي و اقامت الدوله القوميه .تطور هذا المفهوم و ترسخ في عقول و قلوب الناس في ظل هذه الدوله الحديثه , و اصبح الحافز الاساسي لهم للذود عن حياض بلدانهم و التضحيه في سبيلها . ان الوطنيه مفهوم يرتبط بلمشاعر و العواطف و الارض و التاريخ و الثقافه و المصلحه , و قد يقترب احيانا من مفهوم القوميه ولكن يبقى الفرق بينهما عظيما , لان النزعه القوميه نتاج من نتاجات الاثنيه و هي الاطار السياسي لها , ولكن بعض الكتاب اعتبر القوميه ليس نتاجا الاثنيه فقط و انما نتاج عوامل متعدده منها الاثنيه و اللغه و التاريخ المشترك و الرقعه الجغرافيه و المشاعر و العواطف و الثقافه المشتركه . و في الادبيات الغربيه غالبا ما يختلط المفهومان.
ان ظهور النزعه الوطنيه و تعلق المواطنون بوطنهم و حبهم له و استعدادهم للتضحيه في سبيله و الذود عن حياضه و اعتزازهم بهويته قد وجه ضربه موجعه للنزعات التي كانت سائده قبلها كالنزعه الدينيه و المذهبيه و القبليه و المحليه ,فالوطنيه وحدة الشعب و قربت القلوب و عايشت بين الثقافات المختلفه و رسخت مفهوم العيش المشترك .
ان بناء الوطينه يعني تخليق هويه مشتركه تكون موضع ولاء ينتصر على الروابط العائله , القبليه , المنطقه و الاثنيه خاصتا اذا كان المجتمع متنوع اثنيا كحاله العراق .
ففي عهد العثماني عندما كان العراق مجزأ الى ثلاث ولايات بغداد , البصره و الموصل تابعه للامبراطوريه العثمانيه , كانت الوطنيه مجرد فكره ضبابيه شاحبه غير فاعله بينما كانت الانتمائات الفرعيه الدين, المذهب, القبيله و المحله هي الفاعله و ذات حظور عظيم . و من الثابت ان المجتمعات ذات الهويه الوطنيه الظعيفه تفشل في بناء الدوله و بناء العمليه الديمقراطيه كالعراق .
بعد تاسيسس الدوله العراقيه الحديثه سنه 1921 م و تثبيت حدودها الجغرافيه و تاسيس مؤسساتها الدستوريه ووضع دستور للدوله الحديثه لضبط ايقاعاتها و الشروع بتاسيس المؤسسات التعليميه و الثقافيه و الاعلاميه و الصحافه و الفنون و فتح المدارس و المعاهد و الكليات و رعايه الفنون التشكيليه و المسرحيه و الموسيقيه و تاسيسس جيش و شرطه وطنيين و تاسيس المكتبات العامه و ربط العراق كله بشبكه من المواصلات و الاتصالات و اهمها السكك الحديديه و الهاتف و تاسيس دار للاذاعه العراقيه و اشراك المواطنين بتحمل مسؤوليه ادارة الدوله و تفاني المؤسسون الأوائل في سعيهم لبناء دوله مدنيه حديثه تقوم على حق المواطنه وحده , اسهمت هذه الانجازات في تطور النزعه الوطنيه و بدأت بذورها تورق و تزدهر و قبل ان تثمر و تأتي أوكلها اخذ الذبول يدب في اوصالها بفعل ظهور النزعات الدينيه و المذهبيه و القوميه و الامميه و القبليه بشكل فاعل و مؤثر و ظعف دورها في الفعل السياسي و الثقافي .
ان تفعيل الوطينه يتطلب توفير جمله عوامل منها اشاعه ثقافه التفاهم , التسامح , التظامن , المحبه بين ابناء الوطن و نشر ثقافه حب الوطن و التضحيه في سبيله و الدفاع عنه و الايثار له و بتجنب الصراعات و التجاذبات بين الانتمائات الفرعيه و السعي الجاد من الجميع لاقامه حكم وطني مدني حقيقي تراع فيه المصالح الوطينه العليا .
ان اختراع مفهوم_ المكونات_ بعد الاحتلال و سقوط النظام الدكتاتوري و تبنيه من الطبقه الحاكمه الجديده و اقراره في الدستور و المنظومه القانونيه و اعمال قاعده المحاصصه الطائفيه المقيته وتطبيق قانون التوازن على عمليه اختيار الموظفين لدوائر الدوله العسكريه و المدنيه شكل ضربه ماحقه لطمحات الشعب في اقامه دوله المواطنه و الدوله المدنيه الديمقراطيه العقديه , و اثر سلبا على تطور النزعه الوطنيه و على فكره العيش المشترك و على التظامن الاجتماعي و السلم الوطني و على نهضه البلاد و تطورها و على وحده الشعب و وحده الارض و اجج نوازع الكراهيه و الحقد و الانتقام بين ابناء الوطن و اسس لثقافه جديده هي ثقافه الازاحه و الحلول , و قد فات على مخترعي ثقافه المكونات ان الازاحه ستشمل الجميع ولا ينجوا منها لا الفرقه الناجيه ولا الفرقه الهالكه و سيكون الحلول للاجنبي اذا بقى الود مفقود و التفاهم معدوم و التسامح غير مطروق .
قال المحلل السياسي صامويل هنغتون , ان الديمقراطيه في العراق لم تنتج دوله حديثه ولا حكومه مسؤوله بمستويات فساد منخفضه , قادره على احتكار العنف و حفظ الامن و توفير الخدمات , العراق بلد متنوع ديمغرافيا ولكنه بدون مجتمع مدني فعال و مؤثر و بدوله عاجزه عن فرض المساواة امام القانون , هذه ظروف مثاليه للنخب الراغبه بالتمييز بين المواطنين و بناء شبكات زبائنيه بين رعاة و عملاء فاختلت العمليه الديمقراطيه و تم تقاسم السلطه وفق اشكال التظامن الطائفي , تفقد الهويه الوطنيه مغزاها عندما يتنازل السياسيون عن واجبات تجاوز الطائفيه , ولا يستطيع المواطنون التوفيق بين مصالحهم الفئويه و الوطينه دون طبقه سياسيه مسؤوله , لا ينجح التقسيم الفدرالي , اذا كانت الحكومه الوطنيه ضعيفه لان ضعف الحكومه المركزيه يؤثر سلبا على فعاليه الحكومه المحليه و العكس صحيح .
الوطن خيمه تحمي الجميع و ان ضياعه ضياع للامل و للاستقرار و للاطمئنان , ان الانسان بلا وطن يحميه يفقد كبريائه و هويته و كرامته علينا جميعا ان نعمل بيد واحده لحمايه وطننا و ان نرفع من شئنه لانه الملاذ الاول و الاخير لنا جميعا.


هاشم الشبلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة