الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق كبوابة لصوغ - عالم جديد

سلامة كيلة

2003 / 2 / 20
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


العراق كبوابة لصوغ <<عالم جديد>> 

حصرت الادارة الاميركية مسألة الحرب على العراق، بأسلحة الدمار الشامل، ثم في النظام ذاته، وبدت المسألة وكأنها مسألة إزالة نظام دكتاتوري يسعى لامتلاك أسلحة محظورة، يمكن ان يستخدمها ضد الولايات المتحدة، كما استخدمها ضد شعبه.
وبدا ان الادارة الاميركية مصممة على <<نشر القيم الغربية>> عالميا، وفي منطقتنا خصوصا، بالقوة، وعبر <<تكسير>> قيم القانون الدولي، وخارج الحدود التي تكرست في النظام العالمي منذ عقود، وأصبحت جزءا من حقوق الدول والشعوب، ليصبح <<هدف>> حربها ضد العراق نبيلا <<جدا>>، ويتمثل في <<ازالة الدكتاتور>> و<<تعليم>> الشعب الديموقراطية، ووضع اليد على النفط من أجل <<تنمية>> العراق!! فهذه هي رسالة أميركا الحضارية التي ألقاها التاريخ عليها، والتي باتت قادرة على القيام بها بجدارة بعدما امتلكت التفوق العسكري المطلق نتيجة انهيار الاشتراكية.
ولا شك في ان قيم الديموقراطية والتحديث تراود الشعوب (وخصوصا المثقفين) منذ عصر النهضة، وكانت جزءا من حركتها من أجل الاستقلال والتطور. وأصبحت <<هدفا ملحا>> بعد تفاقم الاستبداد ونشوء أنظمة تسلطية تمارس شتى أشكال العنف، دمّرت السياسة وحوّلت <<الجماهير>> الى رعايا، وبالتالي فإن <<اللحن>> الاميركي يلمس إحساسا واقعيا، من هذه الزاوية.
لكن هل ان <<الهدف الحقيقي>> هو نشر <<القيم الغربية>>؟
هذا هو السؤال الذي يستحق التفكير، برغم ان المسألة تبدو أكثر من واضحة حينما نراقب حركات الاحتجاج العالمية، او ما يكتبه المفكرون او تنشره الصحافة العالمية، الامر الذي يوضح عمق الازمة التي نعيشها، ومدى انعكاس الاستبداد في وعينا، فنتجاوز ما هو خطر، ونهمش ما هو واضح. ولأن المسألة لا تتعلق ب<<الآن>> فقط، بل تطال المستقبل، من الضروري ان نستعيد الاهداف العامة لهذه الحرب. حيث يمكن تلخيصها بأنها حرب من أجل الهيمنة والاحتلال، وتأسيس <<نظام عالمي جديد>> بات يُطلق عليه نظام <<الامبراطورية>>.
فاذا كنا نتحدث عن الاقتصاد، سنلحظ ان المسألة تتعلق بالهيمنة على النفط والاسواق. وهي لا تتعلق بالعراق فقط، لأن السيطرة على نفط العراق (وقد باتت الشركات النفطية الاميركية تتصرف وكأنها المسيطر عليه) ستكون مدخلا لتدمير منظمة أوبك (المعتبرة شكلا من أشكال الاحتكار العالمي). وفتح الافق للسيطرة على نفط الخليج، عبر فرض تخلي الدول الخليجية عن <<احتكاره>> وبالتالي السماح لسيطرة الشركات الاميركية عليه، ثم السيطرة على النفط الروسي (حيث ان خفض سعر النفط الى ما دون ال13 دولارا سوف يقود الى انهيار صناعة النفط الروسية)، وهذه <<اللعبة>> سوف تُخضع كل الدول الرأسمالية المتمردة على السيطرة الاميركية، والتي هي أكثر احتياجا للنفط (اليابان وأوروبا) كما سوف تزيد في تهميش روسيا، ومحاصرة الصين.
وهذه ليست <<مؤامرة>> بل هي <<بوابة>> تأسيس عالم خاضع للسيطرة الاميركية، عبر التحكم بالنفط وبالسوق، <<احتكار النفط والسوق>> هنا سنلمس السياسي/ الاستراتيجي، حيث ان التحكم باقتصاد العالم يفرض الاحتلال، وهو ما كان بدأ منذ حرب الخليج الثانية سنة 1991، وتكرر في الحرب ضد أفغانستان، ويستعاد الآن في العراق.
اننا نواجه، إذن، حربا امبريالية بامتياز، تهدف الى الاحتلال ونهب النفط واحتكار الاسواق، وكذلك التحكم بالقرار السياسي عبر تحويل السلطة السياسية (الدولة) الى سلطة ملحقة (اي أكثر من تابعة)، وربما الى تغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة كلها، وبالتالي تحقيق احتلال استراتيجي نهائي لمصلحة الوجود الصهيوني، ولسنا في لحظة انتقال الى الديموقراطية، فالطائرات والصواريخ الاميركية تحمل الدمار والخراب، كما ان الشركات الاحتكارية الاميركية تحمل النهب والفقر والخراب كذلك.
ونحن، كما العالم، هو الذي يتحمّل كل ذلك او يُفرض عليه ان يرضى به، اننا في عصر <<أمبراطورية الكاوبوي>> وفي عصر ازمته، التي تدفعه الى ان يمارس كل هذا العنف، وهذه <<الديموقراطية>>.
وهذا يفرض ان نتهيأ لمواجهة طويلة مع <<الاحتلال>> الاميركي. وبالتالي ستعود مواجهة الاحتلال والاستقلال كأهداف في مشروعنا النهضوي العربي.
 كاتب سوري

©2003 جريدة السفير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت