الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواقع التواصل سلاح ثقيل في الحرب الناعمة !

جعفر زنكنة

2017 / 5 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


مواقع التواصل سلاح ثقيل في الحرب الناعمة !
ظهرت في العقود الأخيرة مفاهيم ومصطلحات تنطوي على دلالات ترتبط بفلسفة مطلقيها، شكلت مادة للاستعمال في المجالات الثقافية والسياسية والعسكرية كمفهوم (الحرب الناعمة)، وهو مفهوم مشابه لما تم طرحه من مفاهيم في القرن العشرين كالحرب الباردة والحرب الدبلوماسية وغيرهما، وتم الترويج لهذا المصطلح (الحرب الناعمة) كمفهوم موازٍ للحرب الصلبة التي تقوم على القتل والتدمير والإخضاع.
ولحداثة استخدام هذا المفهوم على الساحة العربية والإسلامية خاصة، كان لا بد من تعميق الدراسات بشأنه للإحاطة بما يحمله من تبعات تؤثر في المجتمعات الإسلامية، وبما أن هذا المصطلح مكون من كلمتين إحداهما (حرب) فلا بد من وجود أدوات وأسلحة وآليات للخوض في هذه الحرب. وواحدة من أهم الأسلحة التي تُعَد المُحرك الرئيس لهذه الحرب هي وسائل التواصل (الاجتماعي).
لكي نفهم العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والحرب الناعمة لا بد من إماطة اللثام عن ما يدور خلف كواليس محركات هذه المواقع وارتباطها بسياسات حكومات الاستكبار العالمي كأمريكا التي لها مؤسسات عملاقة تعمل في هذا الإطار ومرتبطة بالبنتاغون وأجهزة الأمن القومي الأمريكي، وهو ما فضحه إدوارد سنودن (الموظف في وكالة المخابرات الأميركية الذي فرّ إلى روسيا) الذي صّرح بأن جميع مواقع التواصل وتطبيقات الهواتف الذكية مخترقة تجسّسياً من وكالات أمريكية عبر برامج متطورة، وتحصل على البيانات الشخصية للأفراد عبر هذه المواقع التي عدها (سنودن) شركات معلوماتية للولايات المتحدة الأمريكية ومنها غوغل وفيسبوك وتويتر وغيرها من شركات المعلومات.
ومن يطلع على الوثائق والتقارير التي تم تسريبها عن مجلس الاستخبارات القومية الأمريكية والتي نصت على أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي سيتحول إلى عنصر فاعل ولاعب مؤثر في تغيير قواعد اللعبة يدرك أن هذه الوسائل من أقوى المحركات للتأثير في العقول، فضلاً عن أن أغلب مديري المواقع هم موظفون لدى الحكومة الأمريكية مثل (إريك شميدت) المدير التنفيذي لشركة غوغل و(غارد كوهين) مدير قسم غوغل للأفكار اللذين تولّيا منصبين سياسيين في وزارة الخارجية الأمريكية، وألفا كتاباً بعنوان (العصر الرقمي الجديد) وفيه اعترفا بأن تكنولوجيا التواصل الاجتماعي تمثل فرصة لتغيير سلوكيات الناس والتأثير في ثقافاتهم وتغييرها بأفكار جديدة وهو ما يسمى بـ(عولمة المنتجات والأفكار).
وهو ما أوضحه جوليان أسانج (مؤسس موقع ويكيليكس ورئيس تحريره) حيث قال إن شبكات التواصل الاجتماعيّ أضخم وأخطر جهاز تجسّس واستخبارات ابتكره الإنسان وعرفته البشرية منذ فجر التاريخ؛ لأنّ المستخدم للشبكة يتبرّع مجّاناً بوضع المعلومات والصور والفيديوهات والتعليقات والآراء عن ذاته ودائرة زملائه ومحيطه الاجتماعيّ، وهي معطيات غالباً ما تكون مهمة ومفيدة وموثوقة، ومن بين ملايين الصور التي تقوم وكالة الأمن القومي الأمريكية بجمعها يومياً، هنالك حوالي 55 ألف صورة ذات جودة ووضوح تجعلها صالحة لغايات التعرّف على الوجوه، فضلاً عن أن الرقم الإجمالي لما تقرأه الوكالة المركزية للاستخبارات الأمريكية يومياً من تغريدات لمراقبة بعض المستخدمين أكثر من 5 ملايين تغريدة.
وهناك تجارب واضحة في دور وسائل التواصل وتأثيرها في الرأي العام، أبرزها ما حدث في عام 2011 قُبيل التحركات التي طرأت بشكل سريع على الشارع العربي، حيث عمل غارد كوهين (مدير التخطيط السياسي في الخارجية الأمريكية ومدير قسم غوغل للأفكار) على تنسيق الاتصالات بين وزارة الخارجية الأمريكية ومديري مواقع التواصل من أجل التخطيط للسيطرة على أفكار الناشطين في هذه المواقع، وبرز هذا الدور في مصر خاصة عن طريق تحريكه للناشط المصري (وائل غنيم) الذي كان وكيلاً لشركة غوغل في مصر، فتولى غنيم عملية التأثير في الشباب لتحريك الاحتجاجات المصرية في عام 2011.
والأمثلة كثيرة عن دور وسائل التواصل ومن يديرها في التأثير على الرأي العام في سبيل تحقيق المصالح الاستكبارية، ولذلك بادرت بعض الدول كـ(روسيا والصين وإيران) للعمل على الدخول في هذه الحرب لصد التغلغل الثقافي والسياسي الأمريكي، لا بل حولت هذه الحرب الناعمة إلى تهديد لمن افتعلها عندما حققت اختراقات مضادة عبر مجموعات من شبكات القرصنة والجيوش الإلكترونية، ومنعت التأثير الأميركي الناعم قدر المستطاع، لدرجة أن وزير الدفاع الأميركي أصبح يفاوض الصين وروسيا على أمن شبكة الإنترنت العالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا