الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب عن الفساد أم فصل في معارك كارتيلات المال في تونس

محمد محسن عامر

2017 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



حملة الإيقافات المفاجئة التي طالت وجوها متنفذة في الإقتصاد التونسي و المترافقة مع سقوط شهيد في احتجاجات تطاوين في جنوب البلاد ، و التي أخذت طابعا عنيفا أغلق باب الحلول السلمية بالتالي وضعت الحكومة في مأزق شبيه بمأزق بن علي عشية ثورة 14 جانفي . حملة الإعتقالات التي انطلقت البارحة لرجال أعمال تصر السلطة على إنقاذهم من المسائلة عبر قانون المصالحة يطرح سؤالا مهما حول مدى جدية الحكومة في محاربة حيتان الفساد و كارتيلات المال الذين يتجاوز نفوذهم الإقتصاد نحو الإعلام و الأحزاب الحاكمة بل فيهم (رجل الأعمال شفيق الجراية) من يلعب أدوارا إقليمية مرتبطة بالملف الليبي.

هناك صورة انمحت من الذاكرة السياسية إما طوعا أو في إطار توافق ضمني على نسيانها . صورة كمال لطيف رجل الأعمال المعروف و جزأ من العائلة المالكة في عهد بن علي مع غازي الغرايري و وفد من الهيئة العليا لتحقيق الثورة في زيارة للولايات المتحدة الأمريكية ، تلاها ظهور آخر له في إعلان أول حكومة منتخبة بعد الثورة التي كان على رأسها حمادي الجبالي . السؤال البديهي هنا ماذا يفعل كمال لطيف في هذا المشهد الجديد و ما علاقته بالمجال السياسي "الديمقراطي الجديد"؟ حادثة أخرى غريبة حدثت ؛ رجل الأعمال المعروف العربي نصرة و صاحب قناة حنبعل يلقى عليه القبض بعيد أيام من الثورة بتهمة كبيرة جدا و هي "الخيانة العظمى" ثم يطلق سراحه لاحقا و يغلق الملف نهائيا . هذا يقول أن حكومات ما بعد الثورة لم تخلق قطيعة ما مراكز النفوذ التقليدية و إنما العكس اندمجت داخل منطق إعادة ترتيب لا غير لوضع هيمني سابق اختل مع الثورة .

التقرير الذ أصدرته منظمة "مجموعة الأزمات الدولية" حول تونس أن نحو 300 "رجل ظل" يتحكمون فى أجهزة الدولة بتونس ويعرقلون الإصلاحات، وأن بعضهم يعطل تنفيذ مشاريع تنموية بالمناطق الداخلية ويحرك الاحتجاجات الاجتماعية فيها، لا يعتبر أمرا جديدا أو صادما . قد يكون تصريح رحل الأعمال شفيق الحراية المعتقل الآن دليلا فجا عن سيطرة لوبيات المال على السلطة . حين يقول رجل أعمال نافذ داخل السلطة و له تأثير على مجريات الصراعات التي تحدث داخل أحزاب الحكومة و حتى النزاعات الداخلية في حزب الرئيس نداء تونس عن صراعه مع الحوت الكبير كمال لطيف " طلبت منه أن يمسك كلابه و أمسك كلابي" بوضوح وقح . لا نحتاج بعدها كي نحاول استقراء طبيعة الصراع السياسي في تونس ..و لكن لنسأل لماذا حدثت الإيقافات الآن بالذات ؟
منذ ثلاث سنوات و في سابقة غريبة ، يرفض الأمن تنفيذ أمر قضائي بإيقاف رجل الأعمال كمال لطيف و تعجز السلطة على المواجهة و تصمت . لماذا إذا يقع إيقاف خصمه اللدود النافذ شفيق الجراية ؟
الفرضيات الممكنة تقول الآتي :

أن تصريح عماد الطرابلسي صهر الرئيس المخلوع قد قال حقيقة أكثر من اللازم حول لوبيات فساد بن علي التي تحميها السلطة الحالية و صار لزاما على النظام التضحية ببعض الرؤوس من أجل النجاة (دوم التنويه أن التصريح في ذاته صراع بين الهيئة و الحكومة حول ملف العدالة الإنتقالية).
أن احتجاجات تطاوين التي سقط فيها الشهيد السكرافي قد دقت ناقوس الخطر حول إمكانية تحول الإحتجاجات إلى انتفاضة جديدة تطيح بالنظام الحالي لذا وجب القيام بحركة استباقية لم يجد بن علي وقتا للقيام بها مع عائلته المافيوزية أثناء الثورة .
أن صراع رجال الظل الخفي على الهيمنة على البلاد قد آل أخيرا لصالح الرجل القوي كمال لطيف .
أن ما يحدث لا يعدو أن يكون مسرحية جيدة الإعداد قادرة على ذر الرماد في العيون و بالتالي خلق تنفيس آني للأزمة الحالية سياسيا و اجتماعيا ..
بغض النظر عما يحدث، لا يمكن أن تكون هذه الحملة التي اعلنتها الحكومة ضد رجال أعمال نافذين لا يمكن أن ينظر لها من خلال حسن نوايا . فتاريخ الوفاقات و الدفاع الشرس على قانون مصالحة اقتصادية يبرأ بارونات الفساد لا يمكن أن يمنحنا ثقة في هذه الحركة الجديدة التي قامت بها السلطة ..هل هي حرب ضد الفساد ..لا نعتقد ذلك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يعرض شروطه لوقف الحرب في أوكرانيا • فرانس 24


.. انطلاق مناسك الحج في مكة المكرمة وسط درجات حرارة قياسية




.. سلسلة هجمات لحزب الله على إسرائيل وواشنطن وباريس تسعيان لوقف


.. ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح ب




.. جبهة لبنان وإسرائيل المشتعلة.. هل تحولت إلى حرب غير معلنة؟|