الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتصار المؤلم

سليمان عباسي

2006 / 1 / 30
القضية الفلسطينية


لو كانت الشعوب تنتخب نوابها أو حكامها بعقولها لربما اختلف عالمنا عما هو عليه ألان ولكن معظم الشعوب غالباّ ما تنتخب بعواطفها أو غرائزها مما يشوه العملية الانتخابية برمتها وتنزل بها إلى مستوى تفقد عنده معناها وغاياتها , ومن هنا لم تكن الانتخابات دائماّ طريقاّ مضمونا إلى تحقيق المصالح الوطنية أو مدخلاّ إلى الحكم الأفضل فقد حملت كثير من الانتخابات العاطفية إلى الحكم نواباّ أو حكاماّ أقل ديمقراطية أو أكثر سلطوية من النواب أو الحكام الحاليين ويجد الشعب نفسه عندها في ظل حكم أشد قسوة وعلاقات دولية أشد توتراّوالامثلة كثيرة وحاضر بعضها في وقتنا الراهن .
هذا من جهة وفي الجهة المقابلة لابد آن نعترف بعدم وجود الناخب المثالي حسب المقاييس الديمقراطية المتعارف عليها ولكن الحد الأدنى من المنطق يقول أن درجة وعي الناخب ومدى بعده عن الانتخاب وفقاّ لعواطفه وغرائزه هي التي تجعل العملية الانتخابية أقرب إلى القواعد الديمقراطية ومعبرة أكثر عن الإرادة الحقيقية السليمة والصحيحة للشعب .
والسؤال أين نحن في انتخاباتنا التشريعية بناء على ما سبق من صحة وسلامة العملية الانتخابية الفضلى ولا نقول المثلى مادامت أكثرية الناخبين ذهبت إلي صناديق الاقتراع مدفوعة بنوازع فصائلية أو بدوافع عائلية أو بإغراءات مالية أو بدوافع الانتقام من قائمة لصالح قائمة أخرى , ومن هنا نستنتج أن نتائج انتخاباتنا التشريعية كانت دون التمثيل الصحيح للإرادة الشعب الواعية وأقرب إلى تمثيل انفعالاته الآنية والسلبية .
لقد ذهب بعض الكتاب والمحللين السياسيين بعيدا في تصوير فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية بأنه زلزالاّ مفاجئاّ أو إعصاراّ تسانومياّ أخر علماّ أن فوز حماس كان أكيداّ ومؤكداّ لعدة أسباب واضحة للعيان ومن أهمها :
1- مشاعر العداء المتنامية ضد الولايات المتحدة الأمريكية بسبب دعمها الأعمى للاحتلال الإسرائيلي وممارساته الإجرامية ضد شعب جل ما يتمناه هو إزالة الاحتلال عن أرضه ورفع الظلم والقهر عن كاهله والعيش بكرامة وآمان ضمن دولة أقرت بها كافة القوانين الدولية كباقي الشعوب على الكرة الأرضية .
2- الشيخوخة التي ضربت حركة فتح وانهماك قادتها في شحذ السكاكين داخل أروقة السلطة الوطنية الحاكمة .
3- التآكل الذي أصاب السلطة الوطنية بفعل الممانعة الإسرائيلية لأبسط الحقوق الوطنية وتنكرها لكافة القوانين الشرعية الدولية وللاتفاقات التي وقعتها مع السلطة الوطنية مما أدى إلى انسداد الأفق السياسي على المدى المنظور وشيوع حالة من الإحباط واليأس في الشارع الفلسطيني .
4- نجاح العمل الحماسي الملتصق بهموم الحياة اليومية للفرد الفلسطيني من خلال شبكة الخدمات الاجتماعية والصحية .
رغم الاعتراف الكامل بفوز حركة حماس بغض النظر عن دوافع الناخب الفلسطيني والتمنيات الجماعية لها في تحقيق ما عجزت حركة فتح عن تحقيقه فإن لنا الحق بأن نضع أيادينا على قلوبنا ما دمنا لا نجد الأجوبة لكثير من الأسئلة كانت حماس بحكم وضعها في المعارضة معفية من الرد عليها ولكنها الآن ونتيجة فوزها بالانتخابات ستجد نفسها مضطرة إلى الرد عليها بأجوبة محددة لا تحتمل التأويل ومنها على سبيل المثال :
هل تنوي حركة حماس ترتيب المناطق الفلسطينية لتخوض منها حرب هدفها إزالة إسرائيل ؟؟آم هل ستقبل التفاوض مع الإسرائيليين ؟ وكيف ؟ وتحت أي سقف ستتم تلك المفاوضات ؟ وماذا عن الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وهو شرط دولي لقبول حماس في المجتمع الدولي خصيصاّ انه يتعين عليها رد تهمة الإرهاب ودفع ثمن نزعها ؟؟ وماذا عن أوسلو وخارطة الطريق والالتزامات الواردة فيهما ؟؟ يقول العالم الدستوري موريس دوفرجيه : إن الغاية من الانتخابات النيابية لا تنحصر بتمثيل رغبة المواطنين وفئاتهم ومصالحهم فحسب بل تتعداها إلى تكوين أكثرية نيابية مؤهلة لتأليف حكومة قادرة على تنفيذ البرنامج الذي انتخبت على أساسه .
إن الكلام عن أرض فلسطين التاريخية والتمسك بالثوابت ....... الخ هي خطوط عامة تصلح للبرنامج النضالي و لا تشكل برنامجاّ سياسياّ , فالبرنامج السياسي هو مجموعة من الخطوط السياسية الرئيسية الواضحة المعالم والقابلة للتنفيذ لكي يصلح برنامجاّ للحكم .وشتان بين البرنامجين فالبرنامج النضالي ضمن التمسك بالخطوط العامة شيء وبرنامج الحكم شيء آخر تتحكم به التزامات واتفاقات وخطوات براغماتيه لابد منها لتستطيع بواسطتها تنفيذه وآن تكتسب الثقة والغطاء والاعتراف الدولي وبغير ذلك فان حركة حماس ستدخل في المجهول وستحكم العزلة على نفسها وعلى شعبها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|