الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم إرهابية، وليست -استشهادية-

ناصر ثابت

2017 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


نعم إرهابية، وليست "استشهادية"
بقلم: ناصر ثابت

المقاومة فعل احتجاج. أن تكون قادراً على الصراخ في وجه عدوك، جلادك، قاتل أطفالك. أن تفضحَه في العالم، أمام البشرية جمعاء، وأن تكون قادراً على تعريته وإظهار وجهه البشع، وأن تقنع الآخر أنك ضحيته، وهو المجرم، حتى تقف معك شعوب الأرض، وتضغط عليه من أجل أن يوقف اعتداءه وظلمه، وتفرض عليه الالتزام بأي اتفاق أو أية معاهدة تعطيك حقك أو تضعك على الطريق الصحيح للحصول على حقك.
ومن هذا المنطلق، على من يمارس الفعل المقاوم، أن يكون متيقظاً وأن يفهم حساسية العالم أمام الأفعال التي يقوم بها من يعتقدون أنهم يقاومون وتسبب الكثير من الامتعاض والرفض. أو بمعنى أدق، أن يتعامل بحذر مع ما اصطلحت البشرية على تسميته "بالإرهاب".
والإرهاب هو كل اعتداء أو هجوم يستهدف المدنيين الآمنين غير المشتركين في العمليات الحربية. ومن الأمثلة عليه تفجير الحافلات والمقاهي ومحطات الميترو، وخطف الطائرات، وأخذ الرهائن، وقتلهم. والمدني هو كل من لا يحمل السلاح ولا ينتظم في تشكيل عسكري لحظة وقوع الهجوم. حتى الجندي إذا ترك سلاحَه في الثكنة وتحلل من الانضباط في مجموعته العسكرية النظامية أو غير النظامية، وعاد إلى منزله مستقلاً الحافلة أو الميترو أو جلس في المقهى، أصبح مدنياً.
فإذا مارست المقاومة الإرهاب، أصبحت فضيحة لشعبها، وأضرت بقضيته. أي أنها بدل أن تفضح المحتل وتحرجَه، فإنها تحرج نفسها، وتحرج شعبها. وبدل أن تستجلب تعاطف العالم، فإنها تستجلب استنكاره للفعل، وتحرف الأنظار عن المشكلة التي هي الاحتلال وتصبح هي نفسها المشكلة في نظر الآخرين، دون ان تفيد في الضغط على المعتدي لكي يوقف اعتداءه. بل أنها تعطيه الحق والشرعية لسحقها وسحق شعبها، فكأنه يقول: انا مضطر لضرب هذه المقاومة الإرهابية بقوة، حتى لو احتمت بشعبها، لأنني إن لم أفعل ذلك فإنها ستأتي إليَّ لتفجِّرَ الحافلاتِ في مدني.
وسيجد هذا المنطق تعاطفاً من بعض الدول، وحياداً من البعض الآخر، واستنكاراً خجولاً من البعض.
لذلك، فإن رفضنا للإرهاب يأتي من باب حرصنا على شعبنا وعلى حقه في المقاومة. لأن شيطنة المقاومة تضر بالقضية، وتفيد اعداءَها. عدا عن أنها لا تحقق المرجو منها أبداً.
هذا في العموميات. أما إن أردنا أن نخصص أكثر، فنقول: إن القضية الفلسطينية من أكثر القضايا تعقيداً في هذا العالم، وإنها تحتاج إلى مقاومة ذكية واعية تتفهم الظروف المحيطة بالشعب الفلسطيني، وتعمل ضمن المعطيات العامة المتوفرة لوجيستيا وجغرافياً.
لقد مارست الفصائل الفلسطينية المقاومة بصورها المختلفة، وقدمت الكثير من التضحيات، لكنها وقعت للأسف في ممارسة الإرهاب في تاريخها بنسب متفاوتة. ربما رغبة منها في تحقيق أهدافها بسرعة أو رغبة في الانتقام أو ما شابه، لكنها لم تحقق أي شيء بهذه الممارسات. هنالك فصائل قامت بخطف الطائرات، وأخرى نفذت اغتيالاتٍ، وثالثةٌ قامت بعمليات شديدة القوة بتفجير حافلات المدنيين في المدن الإسرائيلية. هذه كلها أفعال لا يمكن تصنيفها عالمياً إلا في خانة الإرهاب. مهما حاولنا تبريرها او الدفاع عنها.
في زيارته إلى المملكة العربية السعودية، أطلق الرئيس الأمريكي ترامب تصريحاً أثار الكثير من اللغط والحوارات الداخلية في فلسطين، خاصة عندما وصف حركة حماس بالإرهاب. فقامت الدنيا ولم تقعد ورأينا اصطفافا جماهيرياً واسعاً خلف حركة حماس ورفضاً لوصفها بهذه الطريقة.
أتفهم النوايا السليمة عند أغلبية أبناء الشعب الفلسطيني للقيام بذلك، لكنني لا أتفق معهم حتى لو كانوا كثرة. أسعدتني حالة الحوار التي تمت على صفحتي، وإن حملت في غالبيتها هجوماً عنيفاً ضدي، وفي بعضها عتاباً من بعض الأصدقاء، إلا أنني لستُ معتاداً على أن أزن الأفكار بميزان الجماهير، ولا أن أقيسَها بمسطرة العتاب ولا العيب. لأن الحقيقة أن حركة حماس فعلاً مارست الإرهاب بتفجيرها للحافلات في المدن الإسرائيلية. وهذا لم يكن منذ زمن بعيد، إنما توقف قبل عقد من الزمن فحسب. وإن قلنا غير ذلك خدعنا انفسنا، ونحن في كامل وعينا.
يجب ألا ننسى الضرر الشديد الذي جلبته هذه العمليات للقضية الفلسطينية، والتشويه البالغ الذي قامت به لصورة شعبنا. لذلك يتوجب علينا أن نقف وقفة صادقة مع النفس وأن ندخل في حوار داخلي عميق وصريح حول ماهية المقاومة، وحول أخطائها وخطاياها الكثيرة، حتى نتعلم من هذه الأخطاء ونتجنبها في المستقبل.
نعم، يجب أن نعترف بأن حركة حماس مارست الإرهاب بكثرة، فالمئة وسبعون عملية تفجير في الحافلات والمقاهي تعتبر عدداً كبيراً، ولحماس نصيب الأسد فيها. وهو أيضاً دليل على فشل الإرهاب في تحقيق أهدافه. فهذا العدد الكبير كاف لكي يجبر إسرائيل على تحقيق شيء ما، لو أن الفكرة بحد ذاتها تمتلك الفاعلية والقدرة على التغيير الإيجابي. غير أنها فكرةٌ فاشلة، ومرفوضةٌ، ومنبوذةٌ، وشديدة الضرر على أصحابها. ونحن عندما نفهم هذا الامر ونعيه جيداً، فإننا عندما ننوي أن نمارسَ المقاومة في المرات القادمة، سنجد أنفسنا نتعلم الدرس ونتجنب الخوض في هذه الأفعال.
علينا أن نقول إن هذه العمليات لم تكن يوماً عمليات "استشهادية"، بل هي عمليات تفجيرية إرهابية لا بطولة فيها ولا شجاعة. هي غدر واعتداء وسفك للدماء. القيام بها إرهاب وتبريرها إرهاب، كما أنها لا تختلف قيد أنملة عن عمليات داعش وان ادعينا أننا نقوم بها لغاية نبيلة. فالغاية لا تبرر الوسيلة، إلا في عرف الانتهازيين والمجرمين، ونحن لسنا كذلك!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - افيدونا يرحمكم الله!!
فهد لعنزي ــ السعودية ( 2017 / 5 / 25 - 10:23 )
اين انت يابراهيم الثلجي واين انت يا طلعت خيري واين انت يا سلامة سومان واين انت يا عبد الحكيم عثمان عن هذه المعضلة المتمثلة في ما قامت به حماس وغيرها من المنظمات الفلسطينية من تفخيخ وتفجير والذي وصفا الاخ ناصر ثابت بالاعمال الارهابية وليست استشهادية وكلنا يعرف ان الارهاب ممقوت عند الله قبل الناس ومصير الارهابي معروف فهل توافقون على ذالك؟؟. اتمنى ان تردوا وتفككوا هذه المعضلة من منظور ديني ولكم الشكر. اما اذا لم يرد اي جواب على هذا الاشكال فالمتهم الاول والاخير هم تجار الثورة الفلسطينية المغررين بالقآئمين على تلك الاعمال. في الانتظار


2 - الشيح ابن باز افادك
عبد الحكيم عثمان ( 2017 / 5 / 25 - 13:05 )
الاخ فهد العنزي
الشيخ ابن باز افادك في هذا الجانب الذي تسألني فيه-فاذا حضر الماء بطل التيمم راجع فتاوى الشيخ ابن باز لتعلم كيف افادك بفتوايه في هذا الجانب
تحياتي


3 - اسأل نفسك اخ ثابت
عبد الحكيم عثمان ( 2017 / 5 / 25 - 13:10 )
اولا اسأل نفسك متى ظهرت حماس-تعرف الاجابة
اسأل نفسك اين وقعت هذه العلمليات تعرف او تصل الى الاجابة
اسأل نفسك من تخدم هكذا عمليات تصل الى الاجابة
امير قطر يقول علاقتنا جيدة مع اسرائيل ومع حماس-حلل هذه المقولة تصل الى الاجابةا
انا من وجهة نظري حماس منظمو قامت على تشكيلها اسرائيل وبدعم كامل لتعطيل اتفاقية السلام التي ابرمتها مع الفلسطنين وباشرت بتنفيذها بادخال القيادات الفلسطينية التي كانت تدعي انها ارهابية وعندما شعرت بالخطا الفادح الذي ارتكبته ارادت التصل منها فخلقت حماس
هذا راي عن حماس

اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش