الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(( قراءة في قصيدة من جيل البنفسج ))

حسناء الرشيد

2017 / 5 / 25
الادب والفن


من الممتع حقاً الكتابة عن قصيدةٍ يثيرُ عنوانها الكثير من التساؤلاتِ في بال من يسمعها ، والأكثرُ متعةً من هذا فعلاً هو أن يرتبط هذا العنوان نفسه بأكثر الورود التي أعشق ، والتي لها أثراً خاصاً في روحي (( البنفسج )) وردتي المفضلة ، قرنها شاعر اليوم بمفردة ( النافورة ) فصار لزاماً على كل من يقرأ عنوان هذه القصيدة أن يتخيل صورةً شديدة الرقة ، صورةٌ لجمال الماء المنطلق نحو عنان السماء برفقة أكاليل البنفسج ، تلك اللوحةُ الرائعة التي وكأنها رُسمت في حلمٍ أو ربما في روايةٍ أسطورية كل أحداثها كانت تتكلمُ عن زمنٍ كان الحبُ فيه تماماً كنسمة هواءٍ هادئة بل ربما صادقة ( إن صحّ التعبير ) ..

والشاعر عبد الكريم القصاب كان مبدعاً في مزج الألوان في هذه القصيدة ( اللوحة ) ، وبرفقة ألوانه تلك كان يسعى لأن يجعل المتلقي يدرك أن أنواع الورود ، نافورات المياه ، والغزل كذلك ، كل تلك الأمور مجتمعة ليس لها أن تبثّ السعادة في القلوب التي يضنيها العشق ..
فرغم الأصوات الرقيقة المنبعثة من بين سطور أبياته لكننا لا ننفكّ نصغي لصوت لحنٍ شديد الحزن يرافقُ تلك الأبيات حتى النهاية ( نهايةُ القصيدة طبعاً ) ..

فهو ، يصفُ لنا الأجواء التي يعيش أو ربما الأجواء التي كُتبت فيها هذه القصيدة حين ( يُمسرحُ ) لنا الأحداث بطريقته الخاصة :

ليل صحره ،
وروحــي طيــرة بارح
ومامش ندى ولا عود شجره ( والجفاف سيد الموقف هنا ) !

ثم يستمر في وصف مايعانيه بتجسيد صورة ( الشخص السكران ) ، وهي صورة مؤلمة حقاً :

ذابـــــل ، ......
وجرفك حلم سكران واصعب .. ( وكيف يستطيع السكران أن يتذكر حلماً إن كان لايستطيع تمييز أحداث واقعه حين يصحو ) ؟

وماتصـح حتى ولـو للشوف گطره ..

والمعروف أن ( السكران ) يقوم بممارسة بعض الأفعال الغريبة عليه في الواقع كأن يبكي ويضحك ويتكلم كذلك من دون مراعاة للقواعد التي يلتزم بها الناس عادةً في واقعهم :

هلگد امدوخني ثگل الليل ......
واللهفه العليك اتموع ......
وابچي براحتي
وكل دمعه شذره .!! ( ما أغلى دموعه حقاً ) !!

وهو لا يملك غير ( المرآة ) فقد اختارها كي تتقاسم معهُ الهموم والدموع :

وحدي ويّه آمرايتك ابچي عليك .
إمراية امنادم ،........
يطفيها الدمع واتوجها حسره ...

گصبه مكسورة ظهر ، محني عليك ،
وحدي ويّه امرايتك صافن عليك ، ( وهو هنا يصف حاله ، فالشخص الحزين عادةً يبكي وهو يُحني ظهره وكأنه يودّ أن لا يرى الآخرون دموعهُ المتساقطة بوجع كبير )

وصفنة المكسور ، عين الله سگفها
تگول حضره ... ( أحياناً قد يشعر الإنسان بالوحدة الموجعة ، لكن الانكسار الروحي قد يُقرب البعض من الذات الإلهية لأنه حينها يُدرك تماماً أنهُ لا شيء من دون هذا الفيض الإلهي الكبير )

ثم يستمر في وصف وحدته ، واشتياقه لقرب ذلك الحبيب وقد صار يُرسل قبلاته للنجوم لعلها تخبرهُ بكمّ الحب الذي يحملهُ له بين جنبيه :

وسولتي امن ابعيد ابوس نجوم خرسه ..
بلچي لمعة نجمه لفراشي تجيني ،....
وبيها انت اجناح سكره .. ( والأمل لاينتهي عند هذا الحدّ ) ..

وهو لا يقف عند حدود الأمنيات ، فهي كثيرة حقاً ( ومن منّا لم يتمناها يوماً ) !!


أشتهيك وتصعد الشهگه بخور ( وصف رائع لشدة اشتياقه لقرب ذلك الحبيب )
والضوه البالعين يمتد بسط خضره ..

بلچي لو لمعه تجيبك ،
بلچي لو تگدر تجيني ،
تمشي بدروب البخور .....
وتسحگ ابجدمك على جدحة اعيوني .. ( والمهم عنده أن يرى ذلك الحبيب بغضّ النظر عمّا سيحدث)

وهو يتمنى القرب حتى إن كان ذلك حلماً أو مجرد ( أمنيات مخمور ) مثلاً :

مضوي وامبخر تجيني ،..
وتنزل بعيني نعاس ،.....
وتصعد اعلى الراس خمره .
توگف ابعتبة خيالي اشموع طولك .
طول راوي امن العفاف ، .....
امن الضياء ،تمن العطور .....
اتگول حضره ...

( ويا لرقة غزله الذي لاينتهي عند هذا الحدّ ) :

طولك المياس نافورة بنفسج .
هاي صار اشچم سنه وبانفاسي عطره .
إشما عتگ خمر الحزن ،بدموعي عطره .
آيا طولك والندى الشفاف ، حجيك ذاك ،.......
واللفته السماويه ،........
.....................وشذى ايسمونه نظره ( قد تصبح نظرة الحبيب عطراً كذلك ) ..

والضحك ذاك الرذاذ الرازقي .......
اليندل مچان الروح ......
وايطيح اعلى جمره .. ( بعض الضحكات تغرس آثارها عميقاً في أرواح العشاق ) ..

وشاعرنا ينهي قصيدته برجاء يتمنى من الحبيبة أن تحققه ، وهو كذلك لازال يخاطبها بذات اللغة الحزينة الحالمة بالكثير :

ياآحبيّب ،......
آنا دوخني البچي امن بعيد ، ........
يحبيب تعال وسوها گمره .
آنا اريد ابچي العمر ........
وانشف گبالك ..
عبــره عبــره ...

وهو لازال يتمنى قرب ذلك الحبيب ( الحلم ) حتى إن كان سيقضي الوقت في الحزن والبكاء ، فالمهم أن تجف دموعه ( الثمينة ) في حضرة ذلك المحبوب والأهم من ذلك أن تكون عينيه ( البنفسج ) هما الشاهد الوحيد على كل ذلك الحب والاشتياقات الكبيرة التي لم يُقدر لها أن تنتهي بعد .


بقلمي : (( حسناء الرشيد ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07