الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع الله

عماد حبيب

2006 / 1 / 30
الادب والفن


أنا لا أشرب لوحدي كي لا أدمن. فقط الليلة سأشرب كأسا واحدة. كما فعلت أمس. وضعت القنينة على المكتب و لم أشغل الحاسوب. كنت مرعوبا و كأن الجنون سيأتيني منه. أفرغت الكأس و صببت الثانية. لن أكملها كلها و حتى لو أكملتها فإن لي غرور السكارى الذين يدعون أنهم لا يسكرون و لو شربوا المحيط, في حين أنهم سكارى بدون أن يشربوا. فتحت نافذة الشرفة و تأملت السماء ثم نظرت إلى أسفل. أحسست أن رغبة ما تدعوني لخوض التجربة. تذكرته في تلك اللحظة. و لكن أين هو؟ لمذا يتفرج علي دون أن يهتم؟ أفرغت الكأس الثانية و صببت الثالثة.

خطر في بالي فكرة غريبة. أن أحسب زمن سقوطي من الطابق السادس حتى الأرض. ستكون تلك لحظات الحقيقة. سأراه فيها أو أراها هي. لا أدري لما أنا و رغم قلة إيماني أو عدمه و قلة معرفتي أيضا مقتنع به و بها. أعلم أنه في مكان ما بجانبي و أعلم أننا خلقنا لبعض. ربما ليس في هذه الدنيا. أعلم فقط أننا سنموت معا يوما.

كانت المدة المحسوبة تقل عن الثانيتين. هل هذه مدة كافية ؟ . لا وقت الان للذهاب لبرج ايفل. شربت كأسي الثالثة و صببت الرابعة. لن أكمل الرابعة طبعا. هذا يكفي. و نزعت حذائي و وقفت على سور الشرفة. صرخت بكل صوتي لمذا؟ كانت التساؤلات تذبحني. كان اليوم قاسيا جدا كالعادة. تعودت جنونها لكنه يقتلني في كل مرة.

فجأة رأيته هناك بين السماء و الأرض. كان يبدو في الخمسين من عمره. وقور و يغطي البياض شعره و لحيته. بلعت ريقي و حدّقت فيه و قال

-هل تعلم من أنا عماد؟

-نعم إلاهي أنت الله

-هل تؤمن بي؟

كان موجودا أمامي و يكلمني. لم أقدر أن أخبره الحقيقة فقلت

-طبعا إلاهي.

-لمذا تشك بي إذا ؟

-أبدا استغفرك. إنما أمر بظروف غير عادية. أنت تعلم. بل أنت السبب.

-أريد أن أختبرك

-لمذا؟ ألا تعلم ما في صدري

-بلى. و لكنك لست خيرا من أنبيائي و رسلي كي لا اختبرك

-لمذا فعلت بها ذلك؟

-لا تسأل

-أريد أن اراها و لو للحظة. أريد أن أنتحر. سأراها حين صعود روحي من جسدي

-لك هذا. إرمي نفسك و لن تسقط أرضا

لم اتوقع إجابته فخفت قليلا

-هل أنت خائف؟ ألا تثق بي؟

-طبعا طبعا

-إرمي نفسك إذا

حسنا...لا مفر. لأجرب بقدم واحة. حاولت أن أقف بقدمي اليمني في الهواء لكن أحسست أني أفقد توازني فتراجعت. و قلت له

-أنا أفقد توازني

-طبعا. خلقتك بقدمين لتقف عليهما متوازنا. إن إستعملت أنت قدما واحدة فذلك خطأك و ليس خطئي.

-طمئنني كلامه فوقفت بقدمي اليسرى أيضا في الهواء. إنتبهت فإذ انا فعلا لا اسقط. أيكون هذا حقيقيا أم اني سكرت. أعتقد أني في اللحظة التي شككت فيها تخلت عني إرادته و هويت ساقطا. سقط سقوطا مرعبا و لكن وجدتني على أرضية الشقة. إلتفت إلى الشرفة فرأيت حذائي. هل انا غبي. لمذا أنزع حذائي كي أنتحر.
رفعت رأسي للسماء من جديدي أبحث عنه. و أبحث عنها.

تمالكت نفسي و نهضت. فتحت الكمبيوتر و لكني اطفأت المودم. كنت لا ارغب في الاتصال على النت. أفرغت كأسي الخامسة. و فتحت الكامرا لارى نفسي. لكني وجدته مكاني على الشاشة. لم أفزع. صببت كأسي السادسة و قد قاربت القنينة على الانتهاء. لن أكملها طبعا. أنا لم و لن أدمن. مذا يريد مني الان؟ و لكن لا علينا....هي فرصة لأسأله علي أعرف الحقيقة.

-لمذا؟
-لأجل.
-لم أفهم
-عن مذا سألت؟ ألا تعلم أني أقرا ما في صدرك
-سألت لمذا هي؟ لمذا هي بالذات؟ لما فعلت بي و بها هذا؟
-و أنا أجبتك. أنت اليوم أثبت إيمانك فسأجيبك. أنا أعرف مذا أفعل. كان لا بد و أن تلتقيا الان و بهذه الطريقة في هذه الظروف.
-لكنه لقاء لا غد له
-و ما ادراك؟
-هل تعني انا سنلتقي
-لقد إلتقيتما و انتهى الامر. إرتفع قليلا عن الأمور الحسية
-لكن حتى روحيا عذاب ما يربط بيننا أحيانا. إلى متى الألم ؟
-تقصد إلى متى الحب؟
-لا الجب للأبد. إلى أن نموت معا. أنا أعلم ذلك. كما كنت متأكدا أني سأجدها يوما. لم أصدق نفسي حين وجدتها. كانت هي من عرفتها منذ الأزل. رغم أني لم أرها. بل رغم أني رايتها منذ الازل و لكن لمذا؟
-مذا؟
-لما فعلت ذلك بها؟
-هل كنت لتلتقي بها لو لم يحدث ذلك
-أنا لست شريرا لتلك الدرجة
-و نسيت كلامك عن الحقيقة المرعبة و الانسان في حد ذانه
-لكني فعلا لا اريد لها الاالسعادة و لو على حسابي
-هي سعيدة إطمئن
-أعلم أنها ليست كذلك. ربما ليس لاجلي و لكني اعلم انها ليست كذلك
-لا تقلق عليها. أنا أحميها
-إنها تحبك
-أعلم
-هل ستجعلنا نلتقي يوما؟
-بالتاكيد
-لا تقل لي بعد الموت
-أتخشى الموت
-أنت تعلم أن لا . ولكن لا صبر لي. أريد أن أراها الان. هي في أزمة
-قلت لك هي بخير. ربما ابتعد أنت قليلا و ستصبح أحسن
-سأرحل لاجلها. المهم أريد أن أطمئن عليها
-سأحرسها.
-الحمد لك إلاهي. هل تاخذني إليك الآن
-ألا زلت مصرت على الإنتحار
-لا أبدا. اريد ان اراها و لو بجانبك
-تريد لها الموت
-لا. لم لفكر بذلك. أنا أناني ربما. لا اريد ان اراها إن كان ذلك يعني موتها. فقط لا تحرمني منها إلاهي
-ستكون بجانبك و لكن بشكل اخر
-أي شيئ ...أي شيئ.....يدمرني بعدها.
-أكتب لها
-لن يفهم احد..لن يحس احد..حتى هي قد تقرأ و لكن الكلمات عاجزة عن قول الحقيقة. أحتاج لغة اخرى. العربية عاجزة عاجزة كالعرب.
-ساجعلها تفهم و تحس
-الحمد لك ربي. لكن هل أنت حقيقي؟
-ستكفر ثانية؟
-استغفرك. بل فقط لا أدري لما كل هذا و أنت بقادر أن تحل كل شيئ بامر منك. بفعل الأمر كن.

-سيكون

سيكون؟ ...لم ادري لما دارت رأسي و انا اصب الكأس السابعة و أنا أفرغ القنينة. تبا. سأخرج لشراء أخرى الان. ثم أعود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي